شريعتنا الإسلامية فيها شرح وتوضيح لكل ماهو مطلوب من شروط وأحكام لاتهام أي شخص كان وبأي تهمة كانت
د. رشيد بن محمد الطوخي متحدثا من مكتبه بالعاصمة الماليزية كوالالمبور
كثيرا ما نسمع هذه الأيام عن اتهامات لشخصيات تحاول ان تعمل لصالح المسلمين سواء في سورية أو غيرها ، وكثيرا ما نقرأ عن تجريح شديد وتشويه للسمعة بكل درجاتها لأي مخلص أوعامل للثورة أو للوطن أو للأمة أو لفئة معينة من الناس وسواء كان هذا العمل جهاديا أو اجتماعيا أو إعلاميا أو إغاثيا او غير ذلك مما يجعل الإحباط يتسلل إلى نفوس الجميع " سواء نفس المتهم البريء أوالمردد للتهم " الناقل الجاهل" وهذه الحرب إنما هي من أشد أنواع الحروب ضراوة على نفس الإنسان لأنها تخاطب داخله وتقنعه بأن فلان سيء أو شرير وتصوره على أنه عدو وبأشكال مختلفة وعبر التكرار والزمن وتقلب الحق باطلا ةالعكس ايضا وما ذاك إلا لأن واقعنا الآن يختلف عما كان بالسابق فالحروب في هذا الزمن تدار بالإعلام وتوجه عبر وسائل التواصل ويكفي أن تكتب سطرا أو أكثر ليصل عبر"النت" إلى مئات الألوف فتصنع رأيا كما تشاء وكيفما تشاء ، والمستمعون الآن وهم الامة قد "عموا وصموا" ثم "عموا وصموا" وهذا ما أخبرنا عنه الرسول الأعظم من أحوال الناس في آخر الزمن حيث قال "يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها " ، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ ؟ قال: "بل أنتم يومئذ كثير ، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن". وغثاء السيل هو ما يحمله السيل أو الماء الجاري من قمامة ومخلفات يجدها في طريقه فهي تميل مع ميلانه وتنزل مع نزوله وأينما اتجه السيل تتجه تلك القمامة معه ، والغثاء هنا لا يعرف أصلا إذا كان هناك سيل أم لا لأنه غثاء . وعندما ربط الرسول الكريم هذا التشبيه بواقع حال المسلمين في آخر الزمن فهذا والله لهو واقع حالهم ، لاحظوا معي كيف أن أغلب الأمة تتخبط اليوم في تيه ليس له بداية ولا نهاية ولا تدري ماذا تفعل ولا ماذا تقول ؛ فهناك من يريد على سبيل المثال تأييد الثورة وفي نفس الوقت يتآمر عليها من حيث يدري ومن حيث لا يدري ، أما الذي يدري فأغلب الظن أنه يندرج تحت حديث "يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا" وأما الذي لا يدري فينطبق عليه حديث الغثاء ، وفي كلتا الحالتين هالك، ولا ينجو من هذه وتلك إلا من رحم ربي وقليل ما هم، ولننظر إلى الإشاعات والأقاويل التي تطلق على هذا وذاك وعلى كل من يساهم في الخير فسنجدها تصدر ممن يفترض أنهم هم العزوة وهم أهل العزيمة ولكن هيهات هيهات أن يتغير حال الأمة بهذه البساطة وفينا مثل هؤلاء ، والصادق الأمين أخبرنا عن كل ما يحدث الآن وما سيحدث بدءا بأصغر الأمور وانتهاء بأكبرها ، ويظن الكثير أن الأمر بسيط وأنهم يستطيعون أن يميزوا الخير من الشر ويعرفوا الحق من الباطل ، وهذا أكبر الخطأ إذ ان الفتنة إنما تصيب السليم صحيح الفكر والعقيدة أما غيره فهو مفتون جاهز سواء عقائديا او فكريا او اجتماعيا . والإشاعة وبث الأكاذيب ومحاولة إحباط العمل الخيري والجهادي وكل ما يصب في مصلحة المسلمين إنما هي من أشد أسلحة الفتنة فتكا بالأمة وكثيرون يربطون الماضي بالحاضر ويحكمون به على المستقبل وهذا أيضا خطأ فادح نقع به ، فالإنسان ، ذكرا كان أو أنثى بطبيعته خطّاء ، " كل بنى آدم خطاء ، وخير الخطائين التوابون" فإذا أردنا من أي آدمي أن يكون غير ذلك فلن يفلح ولو بدأنا نحاسب الناس على شيء ماضٍ فعلوه أو ذنب سابق اقترفوه فلن نتقدم خطوة واحدة إلى الامام ، ولو كانت الدنيا هكذا لما ذكر الله لنا ذنوب كثير من البشر والأنبياء والصالحين والصحابة ثم كيف تاب الله عليهم وأحسنوا عملا وكيف أنهم أصبحوا بعدها أسياد الفتح والعمل الإسلامي العقائدي والدنيوي وغيره. ألم يقبل الله توبة أخوة يوسف وهم أبناء أنبياء ؟ ألم يقبل الله توبة العشرات من الصحابة والتابعين ؟ ألم يصلح حال الأمة برجال كانوا بالأمس أشد أعداء الأمة ؟ وما قصة سيدنا موسى عليه السلام عنا ببعيد.. { وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ، قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ } الآية ، وهو رسول من رب العالمين . ما يحدث الآن من تحميل الأخطاء لأشخاص بعينهم وفتح ملفات ماضيهم إنما هو جزء من الحرب التي يشنها أعداء الإسلام علينا ، ألا نرى بأم أعيننا كيف اتحدوا ضدنا ونحن نزداد تشتتا واختلافا وتقاتلا بيننا ، ولهذا يتأخر النصر وسيتأخر أكثر وأكثر وسندفع الثمن أكبر واعظم إن لم نصلح المفاهيم ونعيد قراءة الأحداث والواقع ونبتعد عن بث الإشاعات والأوهام والأكاذيب عن فلان وعلان والبحث في ملفات ماضيه وأموره الشخصية ، وحتى في أمور العقيدة ذكر الله لنا أشياء لابد أن نسير وفقها ولا يجوز لنا الزيادة ولا النقصان فهل يصح مثلا أن نصوم رمضان شهرين لا شهر أو نصلي العصر 6 ركعات لا أربع ؟ طبعا لا وهكذا في أمور الدنيا هناك ثوابت علينا اتباعها وعدم تحميل أنفسنا ما لا نطيق فلا يغتاب بعضنا بعضا ولا يحارب أحدنا الآخر ولا نسيء الظن ببعضنا ، وإذا أخطأ أميرنا أو أخونا أو صاحبنا فلا نشهر به ولا يسارع بعضنا إلى صفحات النت للتشهير وما أسهلها من مهمة وهي بنفس الوقت تسهل للعدو القضاء علينا وإذا كنا قد أدركنا هذا ولا زلنا نرى من يحارب ويشوه ويسعى بيننا بالفتن فلنعلم أنه ليس منا وإنما هو واحد من اثنين .. إما عدو مندس بيننا لإيقاع الفتن أو جاهل سفيه يجتهد بغباءه وسفهه وكلاهما خطرهما واحد علينا وعلى الأمة الإسلامية وعلى العمل الثوري والجهادي وإيقافه بكل الوسائل واجب وضروري. واخيرا فإن البحث في هذا المجال يطول ويتشعب ولكنني أحببت أن أذكر نفسي وأخواني بأننا نحاسب عن كل كلمة ننقلها دون فهم أو علم ونحاسب عن كل اتهام نوجهه لأي شخص دون بنية واضحة شرعية لا لبس فيها ، وشريعتنا الإسلامية فيها شرح وتوضيح لكل ماهو مطلوب من شروط وأحكام لاتهام أي شخص كان وبأي تهمة كانت.
د. رشيد بن محمد الطوخي
التعليقات (0)