وائل قنديل يكتب ..دخول التاريخ بالتيشيرت
سافر البرادعى إلى ألمانيا ولحق به الرئيس مبارك بعد يومين.. عاد البرادعى إلى القاهرة أمس الأول وسيعود الرئيس مبارك اليوم.. يفصلهما فى العودة يومان أيضا.. هذه مجرد ملاحظة عابرة قد لا تستحق التوقف عندها طويلا، إذ ربما تكون مجرد صدفة.
لكن ما يلفت النظر أكثر ويستحق التوقف عنده قليلا، أو كثيرا، هو تصاعد الدعوات والنداءات للرئيس مبارك، متعه الله بالصحة والعافية، لدخول التاريخ من بوابة تعديل الدستور، واللافت أكثر أن هذه الدعوات تحملها أصوات ليست معارضة للنظام، بل على العكس جاء النداء الأول عبر تليفزيون الدولة الرسمى ومن خلال الإعلامى محمود سعد فى أولى حلقات البرنامج الجديد «مصر النهارده»، وبعدها نزلت الدعوات تترى من هنا وهناك، جميعها تغرى الرئيس بأن أبواب التاريخ مفتوحة على مصاريعها أمامه، وعليه أن يتحرك للدخول، أو حتى يبقى مكانه ليأتيه التاريخ حيث يقف.
وظنى أن تكرار النداء والإلحاح الشديد على الرئيس لكى يضرب موعدا مع التاريخ بعد عودته سالما من ألمانيا يحمل رسائل عديدة تبدو فى ظاهرها أنها موجهة إلى الرئيس لكنها فى باطنها تستهدف الرأى العام، بما يشى بأن ثمة شيئا ما يلوح فى الأفق السياسى، أو هى محاولة لإعداد مسرح الانتخابات الرئاسية المقبلة بشكل جديد ومختلف.
وأتصور ــ أو أتخيل ــ أن تتصاعد هذه الدعوات أكثر، وفى لحظة الذروة يصدر الرئيس قراره التاريخى بالدعوة إلى دستور جديد، أو إجراء تعديلات على المواد التى بات تعديلها أو إلغاؤها مطلبا شعبيا.
وفى هذه اللحظة سوف تكون شعبية الرئيس فى عنان السماء، وإذا ما قرر إعادة ترشيح نفسه للانتخابات، أو الدفع بمن يراه مناسبا، ستكون هذه الخطوة بمثابة عصا موسى التى تلقف كل ما يقف أمامها مما يطرحه سحرة التغيير والإصلاح.
قد يبدو هذا السيناريو فى نظر البعض شطحة خيال جامح، أو حتى مغرض وغارق فى نظرية المؤامرة، فى نظر آخرين، لكن السياسة فى مبتدأ الأمر ومنتهاه، هى فن الممكن وهى أيضا أقرب للعبة الشطرنج، وهى لعبة تعتمد اعتمادا كليا على رياضة الذهن والمخيلة، ومن ثم فإن كل شىء وارد، ومن الجائز أن يقدم أحد اللاعبين على «نقلة» مباغتة تربك كل حسابات الطرف الآخر وتحشره فى زاوية ضيقة للغاية.
كما لا يمكن لأى مراقب ــ وفق قواعد دراما السياسة المصرية ــ أن يغفل دعوة بعض محبى الرئيس مبارك للجماهير لكى تستخدم سلاح اللافتات والتيشيرتات المطالبة بالتغيير فى الضغط السلمى على الرئيس لكى يعدل الدستور أو يتخذ قرارا بوضع دستور جديد للبلاد.. وبعدها يترشح أو يرشح من يرى لسباق الرئاسة وهو فى ثوب المستجيب لطموحات وأشواق التغيير عند الجماهير.. وأزعم أن النتيجة بعد ذلك معروفة.
التعليقات (0)