مواضيع اليوم

وأشرقت مصر بنور ربها ..

محمد شحاتة

2011-02-12 10:17:00

0

كنت أتمنى - يقينا ً- أن تأخذ انتفاضة شعبنا المصري طريقاً آمنا نحو تسليم سلس للسلطة عن طريق الإبقاء على المؤسسات وسرعة إجراء التعديلات الدستورية والتشريعية تمهيداً لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في خلال بضعة أشهر يستلم خلالها ( رئيس مدني من قلب الشعب ) عرش مصر (استلاماً) آمنا يقي مصر ويحميها من شرور الحادثات والتقلبات والفراغ الدستوري والتدخلات الأجنبية والصراعات الفوضوية ..
وليبدأ الرئيس المنتخب عهد مصر الجديد وانطلاقتها نحو اللحاق بركب الحضارة والديمقراطية التي تأخرت عنه كثيراً تحت ربقة الحكم الفردي المستبد الذي بدأ منذ 23 يوليو 1952 وحتى الآن ..
أما ولم يعد في قوس الصبر لدى الشعب منزع .. ولم تعد هناك بضعة أنفاس لدى الناس ليتنفسوها وليستعينوا بها على الانتظار بضعة أشهر لتنتقل مصر من الحكم الفردي المستبد إلى الحكم الديمقراطي الحر عن طريق انتخابات حرة تتوافر فيها الضمانات الدستورية والقضائية والقانونية الكاملة دون البقاء في قبضة الحكم العسكري في تكراررغم اختلاف الظروف- لقصة الضباط الأحرار عام 1952 الذين وعدوا الشعب بالعودة إلى الثكنات خلال شهرين من الثورة أو الانقلاب فبقينا في قبضة العسكر تسعة وستين عاماً لم ننجومنها ولم نكد ننخلع منها بالأمس حتى وقعنا فيها مرة أخرى ونبقى تحت حكم مجلس عسكري نعيش تحت ظله الآن تحكمنا قوانينه وأعرافه وقراراته إلى أن تتم المرحلة الانتقالية ويستلم الشعب السلطة ..

ونحن وإن كنا نرى أن مجلس الحكم العسكري الحاكم الآن  وجيش مصر هذه الأيام قد أدار الأزمة وعملية المخاض الشعبي الثورية بصورة تجعلنا نضرب تعظيم سلام تحية واحترام وتقدير شديد العمق لكل فرد حمل شرف الاسم والانتساب للقوات المسلحة المصرية التي أظهرت قدرات مفاجئة و خارقة وفوق التصور من حيث الحكمة وضبط النفس وحسن إدارة الأزمة (الخطيرة) على جميع الأصعدة وعلى مستوى كافة أطرافها من ثوار ومتظاهرين وشعب ونظام ومرافق وأحداث ...
كما أن الفارق الآخر المهم والناصع يتمثل في أن مجلس قيادة الثورة في يوليو 1952 قد جاء إثر انقلاب عسكري من الجيش (أيده الشعب) ضد الملك فصار الحكم ملكاً للضباط العسكر دون الشعب ..

بينما مجلس قيادة الثورة في يناير 2011 قد جاء إثر ثورة شعب (أيده الجيش) فصار الحكم ملكاً للشعب يحميه الجيش ...
هذا ما نأمله .. ونحن في ظل شرعية ثورية بموجبها ينهار النظام الحاكم بأكمله وتنهار معه المؤسسة الدستورية والتشريعية كاملة .. بمعنى أن مصر الآن بلا دستور .. وبلا مجلس تشريعي .. وبلا مجلس شورى .. وبلا حكومة ..وكل شيء في مصر الآن يخضع للحكم العسكري لحين تشكيل حكومة انتقالية جديدة.. وتأسيس بنية دستورية وتشريعية جديدة ..

عندئذ تجرى الانتخابات البرلمانية ثم الرئاسية وتنتقل السلطة بعدها من الجيش إلى الشعب مرة أخرى ..ويبدأ الجيش المصري بعدها في إخلاء الشوارع والانسحاب من الحياة المدنية والعودة إلى الثكنات ليتولى دوره وواجبه المقدس في حماية مصر من الخطر الخارجي بعد زوال الخطر الداخلي ..
نحن على أعتاب فترة جديدة من أخطر الفترات التي تمر بها مصر ..ويحق لنا أن نفرح حد الهستيريا وحد الجنون وحد عدم التصديق أيضاً أننا أغلقنا صفحة مظلمة من تاريخ مصر .. صفحة تباينت درجات ظلاميتها بين الفاتح البسيط إلى الأسود الدامس ..

وإننا نحن الذين ظلوا في ربقة القهر والظلم والاستبداد والضياع على مدى تسعة وستين عاماً يحق لنا أن نخشى أن نطلق لأنفسنا العنان من الفرحة إلا بعد أن تستقر الأمور ..

وهو ما لن يحدث أبداً إلا بعد أن نمسك بأيدينا ورقة الدستور المصري الجديد الذي يلبي تطلعات وطموحات.. ويترجم آمال وأحلام ..ويعكس قدر وحجم وأصالة وحضارة شعب بحجم وبعظمة وبجلال شعب مصر البطل الرائع ..

كما لن يحدث أبداً إلا بعد أن نرى مقاعد مجلسي الشعب والشورى المصريين يجلس عليها .. لا .. بل يقف عليها رجال حملوا أمانة مصر وشعبها في رقابهم ولينطلقوا كالأسود .. ولينطقوا بالحق وبالأمانة ..وليراقبوا الحكومة والسلطة أشد المراقبة وبأشد المحاسبة ..وليسقطوا الحكومة أو الوزير أو حتى الرئيس الذي لا يلبي طموحات الشعب وآماله ..
إلى أن يأتي هذا اليوم .. فإنني يحق لي .. بل يجب عليّ أن أضع يدي على قلبي .. خوفاً من مفترق الطرق الذي نحن نقف عليه .. حيث لم تمنعني الفرحة العارمة ..والسعادة الهيستيرية .. والتفاؤل الذي بلا حدود من الشعور بالخوف الشديد والقلق العارم من المجهول..

فكل ذلك لا يمنع الخوف أن يسيطر على قلبي ونحن نشهد البوارج وحاملات الطائرات الأمريكية رابضة وملامسة للمياه الإقليمية المصرية في بورسعيد والقناة السويس والبحيرات المرة ..

وجيش الكيان الصهيوني الإجرامي رفع درجات استعداه القصوى وهو معروف عنه انتهاز الفرص واستغلال لحظات الاضطرابات والانشغال لينقض في دناءة ليسرق ما يمكن أن تمتد إليه يده المجرمة ..مع ضمان أمريكي رسمي ومعلن للتدخل لصالح الكيان الصهيوني الإجرامي في أي معركة ضد العرب سواء محدودة أو شاملة ..
نحن اليوم قد بدأنا المشوار الأصعب نحو الحرية والديمقراطية التي نستحقها بعد عقود بل بعد قرون تقلبنا فيها على موائد المستعمرين والمستبدين والطغاة والجبابرة والظالمين واللاعبين بمصائرنا وأقواتنا ومقدراتنا وأرزاقنا ...
شعب مصر اليوم يجب أن ينقسم إلى قسمين ..

 قسم يقيم الأفراح والبهجات والكرنفالات ليعلن للعالم أجمع ميلاد مصر جديدة .. يحتفل بأعظم ثورات التاريخ المعاصر إن لم تكن أعظم ثورات التاريخ كله .. يحتفل بشباب كانوا مفاجأة مصر قبل أن يكونوا مفاجأة العالم أجمع ..

 وقسم آخر يجب أن يظل مفتوح العينين .. حاضر الذهن .. منشغلاً بالحرص على ضمان اتزان مصر وسلامتها وأمنها ووطنها ومؤسساتها وسير الحياة فيها ...

فلا غبار على من انضم للقسم الأول فهو مصري يحق له أن يطلق لنفسه ولقلبه العنان من الفرحة والسعادة والابتهاج ..

ولا لوم ولا عتاب على من أمسك عن الفرحة خوفاً وواضعاً يده على فلبه من شرور الحادثات.. وعاديات مؤامرات المتربصين سواء على أبواب مياهنا الإقليمية أو على حدودنا .. وكذا الخوف من إثارة فوضى الصراعات على الحكم بين أنظمة وجماعات ووجوه لم يتبين أحد وجوههم بدقة خاصة وأن الثورة لم يمضي على ميلادها سوى بضع ساعات ..
وفي كل حال .. فإن مصر .. كنانة الله في أرضة .. ومصر التي شغلت العالم أجمع وغيرت وجه التاريخ نرجو أن يحفظها الله ويكلأها بعنايته ورحمته .. ونرجو أن تستعيد مصر في أسرع وقت مؤسساتها الدستورية والتشريعية ..

نرجو أن تقف مصر في أسرع ما يمكن  على قدمين راسختين إحداهما الحرية .. وأخراهما الديمقراطية .. وأن يجنبها الله شر الفتن .. والصراعات .. والانقسامات .. والمؤامرات .. والتدخلات الخارجية في شئونها وفي شئون شعبها ...

والحمد الله أولاً وأخيراً ..

فقد عادت مصر مرة أخرى لتينع وتزدهر ..

والحمد الله أولاً وآخرأ..

فقد تبدد ليل الظلام ..

وأشرقت مصر بنور ربها ...

وعاشت مصر . . وعاش شعبها ..

وعاشت أمتها العربية .. وعاشت أمتها الإسلامية ..

 فوق الجميع ..وفوق الفتن .. وفوق الرقاب ...




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !