هي و العمل
أربعه عقود بالتمام والكمال مرت من عمرها .. بحلوها مرت وبمرها مرت بكل ذكرياتها مرت طفله كباقي الأطفال عاشت طفولتها ..
صبيه كباقي الصبايا عاشت صباها ..
مراهقه كباقي المراهقات عاشت مراهقتها ..
حتي نضوجها لم يكن فيه أي إختلاف عن الأخريات ..
ولكن لماذا إذا إختلفت هي عن الأخريات من الصديقات والزميلات ؟
لا يوجد سبب ظاهر فجمالها معقول ومواصفاتها الجسديه متناسقه وتعليمها عالي جامعي وأسرتها عاديه كملايين الأسر المصريه وأخلاقها وسلوكها لا غبار عليهم .. حتي وظيفتها تعد جيده بمقياس الوظائف وقد حققت فيها نجاح وتقدم وإرتقت درجات في السلم الوظيفي ..
إذا لا سبب ظاهر يوحي بوجود إختلاف عن سائر الصديقات والزميلات اللاتي ومنذ المرحله الثانويه توافد عليهن الخطاب .. وسنه ورا سنه تقلصت أعداد العازبات منهن .. حتي نهايه المرحله الجامعيه كن كلهن متزوجات إلا هي وزميله لها .. ومالبثت تلك الزميله حتي تزوجت هي الأخري .. ولم يتبقي بدون زواج سواها هي ..
يحار الناس كثيرا في محاولات إيجاد تبرير وتفسير لأشياء قد تبدو عاديه طبيعيه لدي البعض ولكنها قد تبدو غير عاديه وليست طبيعيه علي الأطلاق لدي البعض الآخر .. وكانت هي من تلك الحالات التي يحار كثيرا من الناس في محاولات تبريرها وتفسيرها .. وما بين من يحاول التبرير ومن يحاول التفسير .. يندس البعض ويحاول التجريح والتشويه وإتيان السيره والسمعه كماده من المواد الدسمه التي يحلو للبعض إلتهامها عقب الوجبات ..
أما هي فقد كانت تتمزق أحشائها وتتقطع ثناياها كلما فاتحها أحد بغباء أو إستغباء في موانع زواجها حتي الآن .. وكانت عيونها تترقرق بالدمع كلما رأت إمرأه تسير متأبطه زراع زوجها في تيه وزهو وإفتخار بينما هي تتأبط حقيبتها الوحيده التي تقبلت أن تتأبطها ..
لديها من المشاعر والأحاسيس الكثير .. هي أنثي تصبو الي أن تحيا كأنثي كامله يكون لها من تبادله المشاعر والأحاسيس .. يكون لها عشها الصغير الذي يجمعهما معا .. تكون لهم معا أمسيات حالمه علي أضواء الشموع .. تحلم بهمسات ولمسات .. تحلم بأن تصبح أما ولديها أطفال صغار تفني نفسها لهم .. أحلام كثيره بل ورؤي وأحلام يقظه ..
حالمه هي ربما أوجدت لنفسها واقع إفتراضي تحياه .. وما الضير إذا كان الواقع يأبي فالإفتراض لا يمانع علي الإطلاق .. بل وفي الإفتراض مثاليه يندر وجودها في الواقع ..
إتسع العالم الإفتراضي بإتساع وقت الفراغ لديها حتي وصل الي الأطفال ومشاكلهم وتربيتهم والتعب اليومي الذي لا ينتهي حتي أفاقت مره علي "لكزه" من زميله العمل .. جرتها جرا من إفتراضيتها الي واقعيتها في عنف إستدعي تحفز الجهار العصبي في كل خلايا جسدها فإنتفضت مزعوره .. أما الزميله فقالت لها .. أين أنتي ..؟
فإعتدلت في جلستها ونظرت نظره عتاب لزميلتها ولسان حالها يعاتبها ويقول لها لماذا ..؟
لماذا أخرجتيني من عالمي وأعدتيني الي عالمك الذي لم يرحمني ولم يشفق علي ولم أري فيه الا كل ظلم وجور .. لماذا ..؟
لم تترك لها الزميله فرصه الإسترسال في عتابها الغير منطوق وبادرتها قائله ..
وجدت لكي الحل ..
أي حل .. ؟
موضوع الزواج ..
ماذا تعني .. هل لديكي عريس ..؟
لأ عندي من سيجعل الخطاب بالمئات علي الباب ..
بالمئات .. !! يكفي واحدا
لأ .. بالمئات وأنتي تجلسي جلسه الهوانم وتتخيري من تشائين ..
أكيد عنده مصنع عرسان ..
أنا أتكلم جد .. عرفت عنوان شيخ سره باتع .. أكيد أنتي معمول لكي عمل يتسبب في منع العرسان من التقدم اليكي .. وهذا الشيخ إن شاء الله يفك لك هذا العمل ..
ودون أن تترك لها فرصه الرد بالرفض أو الإيجاب أضافت اليوم بعد إنتهاء العمل نذهب سويا الي هذا الشيخ البركه ..
وما أن إنتهي دوام العمل حتي هرعت هي والصديقه الي وكر الشيخ المبروك الذي يصنع المعجزات .. وما أن وطأت قدماها داخل الوكر حتي أيقنت أنها بدأت رحله الألف ميل .. خطت بقدمها أول خطوه في طريق العمل .. ليس العمل المكتبي ولكن العمل السفلي .. الطويل …
مجدي المصري
التعليقات (0)