مواضيع اليوم

هيمنة ثقافة الوعظ وماساة مخرجاته

روح البدر

2009-05-17 10:10:31

0

هيمنة ثقافة الوعظ ومأساة مخرجاته


نحن في أعمالنا بدو، نحتقر الضعيف ونحترم القوي، أما في أفكارنا فأفلاطونيون ننشد المثل العليا.
وذلك نتاج ثقافة وعظية حتمية سابحة في الوهم، مجرمة للتساؤل العقلي فضلا عن البحث عن المغازي والمقاصد خلف المدلولات.
يؤكد القرآن في خطابه للرسول أن الله خلق البشر وخلق نزعة الجدال والنزاع فيهم وبهذا سلك بهم مسلك التطور الذي لا يقف عند حد، فيدركها هيجل قائلاً: "كل فكرة تحمل نقيضها معها".
بينما يصر الواعظ على هز الرؤوس موافقة، مع حبس العقل وإسقاط الأسئلة، فكلما عظم إيمانك ازداد صمتك، وكلما نقص تنبه عقلك بما يخالف وجهة أقاصيص الوعاظ وسردهم السادر في خيال سامج أهبل، يجبر المرء في آخر مراحل صراعاته أن يشق نفسه شقين أحدهما للوعظ والثاني لشؤون الحياة.
يقرر الواعظ تغيير بكائياته فلما أرادها ضاحكة لجأ للاستهزاء بعباد الله، بأسلوب حذر المولى ونهانا عنه صراحة (...لا يسخر قوم من قوم...) النداء للمؤمنين والفعل يتصدره النهي في دلالة قوية لخسارة إيمانية.
يجلس الواعظ على عرش الوعظ ملتحفاً مشلح التكبر، يلقي أطروحاته الفكرية المتعنصرة هازئاً من أبناء الريف المصري البسطاء ،وعندما يقهقه عالياً، يقدم المصاحف الصغيرة كقيمة بديلة للتنكيت والسخرية. ويروي قصة لأحد المقرئين العظماء وهو يعرض على جني الخروج من مريض والدخول في الشيخ ابن باز، وعندما رفض الجني، عرض عليه الدخول في ابن جبرين!!، مردود الرواية يتمصلح للتقديس الشخصي، لا بأس، لكن كيف أمات الجمهور الغفير فلم يهمس ببنت شفة، إنهم معتقلون لثقافة الصمت التجهيلية،والمجتمع متشبع بهذا الهلاك الوعظي الذي أنساه أن له عقلاً أصلاً فكيف بالتفكير في وظائفه ،لم يخرج من بين الموجودين من تساءل عن الهزء بالعقول فسأل؛ لماذا يطلب المقرئ العظيم هذا الطلب الغبي! أوآخر فرض؛ أن الجني غير خطته رافعاً رصيد التحدي وفكر جديا في الدخول في هؤلاء المشايخ؟! لن نضطر للإجابة فالفرضيات فضلا عن التساؤل قتلت شر قتلة بهذا الوعظ المتخلف المترصد لأي حركة عقلية ليقطع دابرها وينثال عليها قتلا وإبادة. يتلذذ الواعظ نفسه في أسلوبه الوعظي الخاطف للعقول فيحضر مجموعة مراهقين يعلمهم طريقة الإسلام في ضرب المرأة ،مصوراً إياها ضعيفة في قصص متخيلة بينما سي السيد معصّبا، والأهمية موجهة لتنفيذ الأوامر والعلاقة تزداد قبحاً يستقر في نفوس مراهقين مازالوا غضيضي العود في علاقتهم بالمرأة وخارج الأسوار،لينهي وعظه قائلاًً: (لا تضربها كفوف كأنك تضرب بزر/طفل)ثقافته تبيح ضرب الطفل ذات اليمين وذات الشمال!!! يعتقد الواعظون أنهم كلما غالوا في وعظهم وصعدوا نصائحم إلى أجواز السماء كان أدعى إلى تحسين أخلاق الناس وسموهم، ظانين أن الواعظ بتحليقه يستطيع أن يرفع أخلاق الناس معه، وكأن الأمر لا يعدو كونه سحباً آلياً نحو الأفق، فهم يسحبون والناس من تحتهم يرتفعون.

 

حصة محمد آل الشيخ

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !