واصل الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل دق نواقيس الخطر للتنبيه إلى ما يجري في سيناء، التي أريقت من أجلها دماء مصرية، والتي تكاد تنسلخ عن مصر إما بتهديدات داخلية أو خارجية، وأكد في حوار مع فضائية “سي بي سي”، ليل الخميس/الجمعة أن المنطقة مقبلة على تسوية نهائية ومن ضمنها القضية الفلسطينية، كما تناول ما جرى بشأن مشروع الدستور المصري ونتيجة الاستفتاء عليه التي أعلنت نتائجها نهاية هذا الأسبوع .
وأعرب هيكل عن خوفه من أن تنتقل السلطة التشريعية من يد الرئيس إلى مجلس الشورى بشكل غريب، موضحاً أن جماعة الإخوان المسلمين كامنة في الظل وهناك “قوة معينة تفرض وجهة نظرها، وهناك التباسات بين قصر القبة و”المقطم”، ويبقى التوجه العام متأثراً بأوضاع معينة، موجودة في فكر الرئيس نفسه بتربيته ومعتقداته . وأشار إلى أن هناك فترة تمتد إلى ثلاثة أشهر، تمثل قلقاً كبيراً لديه، لأنها الفترة التي يجرى فيها إعادة تلوين مصر، وهي صبغة جديدة للدولة لأنها متصادمة مع الواقع والمستقبل، مع الواقع بدلالات الانتخابات، ومع المستقبل بالفكر السائد الموجود والذي يمكن أن يؤثر فيه .
وقال إن أول مشكلة سنواجهها هي الإعلام، معرباً عن خوفه من أن نواجه بسيل من التشريعات تبدأ بالإعلام تليها مشروعات قوانين تصدر بسرعة بقوة الشورى وبتأييد المقطم (قاصداً مقر جماعة الإخوان المسلمين)، خصوصاً أن ما جرى أمام المحكمة الدستورية محبط، “واعتقد أنها في المستقبل القريب لن تستطيع أن تنهض بمعنوياتها” . ووصف الخطاب المصري العام ب”الخطاب المتعمق في السطحية والممتلئ بالفراغ”، مستعيراً الوصف من الشاعر كامل الشناوي، موضحاً أن غياب الرؤية وتشخيص المشكلات موجود لدى الجميع، بما في ذلك الإخوان، مشيراً إلى أنه مندهش من حجم السلاح الذي يدخل مصر، لأن وجود السلاح قد يغري باستعماله .
وحول سيناء وأهميتها للأمن القومي، أكد هيكل أنه إذا استطاع أحد أن يصل إلى قناة السويس أو خليج السويس، فإن مكانة مصر تكون قد انتهت تماماً، لأن مصر قديماً احتلت لأنها الطريق إلى الهند، فإذا سرقت سيناء أو بقيت تحت تهديد، وإذا لم تستطع الدولة السيطرة عليها فإن في هذا خطراً يهددها، لأن سيناء تقريباً تعادل مساحة الوادي الأخضر كله 3 مرات، وهي مساحة حاكمة وسط القارات ومعبر إلى آسيا، وإذا فقدت مصر هذه الميزة الأساسية المؤثرة في مكانتها وموقعها أصبحت مصر في خطر لأنها عزلت تماما وبقيت كأي دولة إفريقية أخرى، رغم أن هناك دولا أصبحت أفضل كثيراً منا لأن عندهم موارد .
وقال أول غلطة عملناها في التفاوض أننا قبلنا بمبدأ الأمريكيين، وهو التفرقة بين الأمن والسيادة، فالأمريكيون كانوا يريدون صيغة لحل يرضي “إسرائيل” ويرضي مصر، فخرج خبير الأمن القومي الأمريكي وقتها، وقال: إن الحل الوحيد من أجل عمل تسوية لا بد أن نفصل بين الأمن والسيادة في سيناء فتكون السيادة لمصر، وهذا يرضي المصريين ويكون الأمن ل “إسرائيل” .
هذا ما جرى في الاتفاقيات التي أجريت، لكنه مفهوم خاطئ، فأول الأخطاء أنك قبلت فصل السيادة عن الأمن في سيناء، فالسيادة تعطيك مبدأ العودة شكلياً للأرض، لأن “إسرائيل” متمسكة بالأرض والطريق الوحيد لتحقيق الأمن هو الاحتلال . وقال إن الفصل بين الأمن والسيادة طرح قبل الحرب وكل الترتيبات الأمنية تؤكد ذلك مثل دخول “الإسرائيليين” ببطاقات الهوية وتداول الشيكل “الإسرائيلي” في سيناء كما لو كانوا داخل بلدهم . وأشار إلى أن غلق المعابر اختصاص “إسرائيلي”، موضحاً أن ربح تجارة المعابر يتراوح ما بين 500 و700 مليون دولار سنوياً، كما أن الأنفاق وسيلة لتهريب السلاح والأفراد، لأن الحدود متسعة ومكشوفة، وسيناء تحت عدة تهديدات هناك قوى متصارعة: مصر و”إسرائيل” والولايات المتحدة القبائل والمافيا الروسية والتكفير والهجرة، وهؤلاء تحت حماية القبائل ولا يريدون الخروج من مصر .
وقال هيكل: هناك تواجد كبير لحماس لتأمين الأنفاق و”إسرائيل” راغبة في تأمين تلك المنطقة، وهذه المنطقة مطمع لوجود احتمالات وجود غاز كبيرة، و”إسرائيل” لا ترغب في وصوله إلى غزة أو وجود شركات لاستخراجه حتى لا يصل إلى مصر أيضاً .
وأشار إلى أن المواطن العادي يجب أن يعلم أن مصير غزة وفلسطين يهمه، لأن هذه المشكلة لا يمكن أن تحل مصرياً بخلاف مشكلة سيناء بالتعمير أو بأي طرق أيا كانت، لكن غزة لن تحل مشكلتها إلا بوساطة العالم، وهذه هي المعركة المقبلة، لأن المأزق أنك لا تستطيع تجويع غزة أو رفع الأنفاق، موضحاً “نحن مقبلون على تسوية نهائية في المنطقة وإنهاء التناقضات التي أدت إلى قلاقل فيها وضمنها مسألة غزة وقضية فلسطين بصفة عامة
التعليقات (0)