هيئة الأمر بالمعروف ومجلس الشورى
كُدنا ننسى مغامرات رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لولا مجلس الشورى الذي عقد العزم على مناقشة توصية دعم ذلك الجهاز الذي لم يعد حيوياً وذو فائدة في العصر الراهن ، مجلس الشورى اجل مناقشة التوصية لوقتِ آخر وفي ذلك خير خصوصاً وأن جدول المجلس مُزدحم بالكثير من التوصيات والملفات ذات الأهمية الكُبرى التي لا تحتمل التأجيل أو المناقشة السريعة الخالية من نتائج ملموسة على أرض الواقع.
في السابق عانى المجتمع من تدخلات ذلك الجهاز في كل شيء فقد كان يمثل تيار فكري مُعين تيار لا يعترف بالخلاف والاختلاف ولا يُقيم للحريات وللحقوق أي وزن ، مارس ذلك الجهاز سطوته على المجتمع فحرم ومنع وفسق وقبض واتهم وطارد حتى وصل الأمر إلى الموت تحت عجلات ذلك الجهاز ؟
هناك من يُريد إعادة ذلك الجهاز كوصي فالتنظيم لم يرق لمن يظن أنه المؤمن الوحيد على هذه الأرض كان حريُ بالمجلس مناقشة دمج ذلك الجهاز بوزارة الشؤون الإسلامية أو إلغاءه بالكُلية فالمجتمعات لا تضبطها المواعظ و مقولات وآراء رجال الدين وقصص وحكايات المتدينين الذين لا يمتلكون من حطام الفكر والعلم شيء بل يضبطها القوانين والأنظمة ويحرسها المشاركة والتعايش وقيم المواطنة وهذه حقيقة ، ما يحدث اليوم بالسعودية ثورة فكرية ثقافية اقتصادية معرفية هائلة ومحاولات إحياء ذلك الجهاز وإعادة صلاحياته القديمة ستكون بمثابة الكارثة على المجتمع الذي بات يختار ما يعتقده صواباً من آراء لا تمس أمن الوطن والمواطنين بسوء والأبواب مفتوحة امام الفنون التي غابت عقوداً طويلة والحياة الطبيعية عادت الى الشارع بعد أن كُنا نعتقد أنها لن تعود ، يتحجج المدافعون عن توصية دعم جهاز الهيئة بضبط سلوك المجتمع حجة ولدت ميته ففي السابق كانوا يرددون نفس الحُجة ويبنون عليها قواعد كقاعدة سد الذرائع التي لم تعد صالحة فالمجتمع تحرر من الوصاية ولم يعد بحاجة لمن يرشده ويدله على الطريق الصحيح فقد بلغ مرتبة عليا فكرياً وعلمياً وهذا ما جعل الوعظ ينحسر والمحتسب يتقوقع على نفسه بعدما كان جُل همه زي المرأة ووجهها ومطاردة الشباب والفتيات بالأسواق والمتنزهات فدوره اليوم واضح ومحدد إبلاغ الجهات الأمنية وترك أمور الاختلاف والخلاف الفقهي والفكري بعيداً عن أرض الميدان.
بكل صراحة لم يعد المجتمع بحاجة لذلك الجهاز فالأولى إعادة هيكلته عبر دمجه بالشؤون الإسلامية أو إلغاؤه والإستفادة من مبانيه وآلياته بشكلِ صحيح فهناك جهاتِ أولى بالدعم من ذلك الجهاز الذي كان في السابق يُمثل عباءً على الناس وعلى الجهات القضائية التي ما أن تُغلق ملف قضية دموية حتى تفتح أخرى والسبب أعضاء فهموا وتربوا على أن الاحتساب حمل الناس بالقوة على ما يؤمنون به وإن كان ليس بصواباً في قضايا وتفاصيل كثيرة ، من قدم التوصية يُريد بالمجتمع أن يعود إلى الوراء وفي ذلك بلاءُ عظيم .
التعليقات (0)