حفلت الأيام القليلة الماضية، بحوادث تناقلتها وسائل الاعلام الفضائية والمكتوبة، ومحورها المرأة. وبالطبع، فإن ما تقع عليه وسائل الاعلام مشكورة، ما هو الا النذر القليل مما تنضح فيه مجتمعاتنا. حوادث لو كنا شاهدناها في الأفلام، لما صدقنا أنها تحدث في زمننا هذا!
ما زلنا نحيا كابوس تلك المرأة السودانية، التي جلدت على أيدي من يفترض بهم أنهم " حماة الأمن" ، قاموا بعملهم، الذي سوف يأخذهم الى الفردوس والحور، بوجوه باسمة مستبشرة، والمؤمنون الذين اجتمعوا للإستمتاع، بهذا المشهد، سوف ينالهم بعض الحسنات بالطبع.
قبل يومين أيضا، عرضت إحدى الفضائيات، حكاية امرأة يمنية. قامت هذه الأم بربط ابنتها في السرير، وقامت بحرق وتشويه أعضائها الجنسية، لحمايتها من الاغتصاب أو أي انتهاك جنسي!! انها تستحق عن جدارة لقب الأم المثالية للعام 2010.. وربما جائزة نوبل لو أمكن!! الطفلة البالغة من العمر سبعة أعوام، عولجت من قبل مؤسسة اجتماعية، وأعادتها الى بيتها، تحت رعاية الأم " الحنون"، لأنه لا توجد دار لرعاية الأطفال المعنّفين. أما الوالدين المثاليين، فقد تم استجوابهما، وعادا مكللين بالغار الى منزلهما !!!
فقط من باب الاستطراد، فإن تقارير تلفزيونية عديدة، تنبري لمهاجمة ونقد مؤسسات، حماية الأطفال في الغرب،
وتشويه سمعتها، ويتم تصويرها، كأنها عصابة مافيا، لخطف الأطفال، أو أن دافعها الغيرة من الروابط الأسرية عندنا، وأن الهدف انما هو تدمير أسرنا!!!
بالعودة الى تلك المرأة السودانية/ الضحية، فقد تضاربت الأقوال في التهمة الموجهة اليها. بدأت بارتدائها لملابس فاضحة، أي البنطال،. وانتهت بتهمة الزنى! نحن نصدقهم، ولكن أين هو الزاني؟ ولماذا "نفد" بمعنى نجا بفعلته؟ أم أنه الرجل الفحل، الذي لا يطاله قانون أو شرع!
نقل أحد مدوني ايلاف، مقالة لصحفية سودانية، حول هذا الموضوع، ما يهمني منه، هو سردها لحكاية امرأة، قال لها زوجها الشهم: ان وقفت انت طالق وان نمت فأنت طالق، فما كان منها الا أن قضت الليل بطوله " تنطنط" يعني من النط والنطنطة،أي القفز، حتى لا تطلق !!! هل هذا حقا يحدث في زمننا؟
في النرويج أيضا طائفة من الناس تمارس ختان البنات. وأعني بهم أو معظمهم من الجالية الصومالية. وبعد وجود مشاكل صحية، بعضها خطر، لدى الفتيات والنساء المختونات، اكتشفت المؤسسات الاجتماعية هنا، هذا الأمر. فتم منعه بموجب القانون. وقد علقت إعلانات في وسائل النقل العامة وبلغات مختلفة، بأن ختان البنات ممنوع ويعاقب عليه القانون. ويمكن لمن تتعرض له الإتصال برقم كتب في الإعلان.. ولأن لا مشكلة بلا حل، فقد بدأ الأهل بالسفر الى بلدانهم للزيارة،حيث يقمن بختان بناتهن هناك! وعندما اكتشفت الدولة الأمر، من خلال مرض الفتيات وعلاجهن، قامت السلطة بتشديد المراقبة. لكن الفكر الخلاّق عند هؤلاء، أبدع فكرة جديدة.. ترسل دعوة زيارة للمرأة " السفّاحة"، فتحضر للنرويج كزائرة لأقارب أو معارف، بعد أن تحشد لها الفتيات المراد " سلخهنّ " ويُقدن الى المسلخ كالأغنام!! ولا من شاف ولا من دري ! كما نقول بعاميّتنا .
صديقة لي تعمل في مجال التمريض في احدى المستشفيات، أخبرتني ما يقشعر له البدن، من منظر الفتيات المختونات، اضافة الى الأمراض والأوجاع الناتجة عنه. وبعضهن لا يستطعن الانجاب بطريقة طبيعية. ناهيك أن بعضهن يدفعن حياتهن ثمنا لهذا التخلف..
وبحدود علمي، أن ختان البنات ليس من الدين اطلاقا ولا يمكن أن يكون من الدين.. نعرف أنه عادة اجتماعية وافريقية، تحديدا. لكن المهاجرين المسلمين من غير العرب، يزيدون في الطنبور وترا، في الاساءة للدين، لخلطهم بين الموروثات الاجتماعية والدين.. ومن أين للنرويجيين تمييز ذلك؟؟؟
ان استهداف البنات والصغيرات تحديدا، وإقامة الحد بالجلد والسلخ و...الخ تحت عنوان الزنى وباسم الدين، لا أستطيع فصله أو فهمه، خارج اطار ما يلي:
كثرت في الآونة الأخيرة، وأصبحت موضة العصر بامتياز، أنواع الزيجات.. من مسفار ومسيار وسياحة وسفر بالاضافة الى الزواج العرفي الذي أصبح موضة قديمة. أليست هذه الزيجات، شرعنة واضحة للزنى؟ ألا يستطيع حضرة المسافر الصبر بعضا من الوقت؟؟ ولماذا على الزوجة أن تنتظر صائمة حضوره الكريم؟؟ الزنى يجب رفضه للرجل كما للمرأة على حدّ سواء !!!
زواج الطفلات !!!!!! ابنة السابعة أو الثامنة متزوجة أو مطلقة !! ومع رجال- آسفة- من فصيلة البغال ! أيّ ربّ سوف ينظر بعين الرضى لهذا السلوك المريض والشاذ ؟؟ وكل هذا يتم باسم الدين .. طفلة يمنية في السابعة من عمرها،وقفت في المحكمة، وسمعت قرار طلاقها، وعندما سألها القاضي ماذا تريد، أجابت: لعبة وشوكولا !!! مطلقة في السابعة من عمرها !! هنيئا للخالق بما خلق، ولا أدري لماذا يصمت عن اظهار معجزاته في تلك المخلوقات المتوحشة الشاذة !
من يريد أن يزني فهو حر، ومن يريد ممارسة شذوذه على الأطفال فليفعل، وهو بالمناسبة، شائع وكثير في مجتمعاتنا المكبوتة... لكن ليتركوا الدين وشأنه ولا يستعملونه غطاء لموبقاتهم وخطاياهم !
أعلن الرئيس السوداني اليوم، وهو يلوح بعصاه السحرية، بأن القانون سوف يتم تغييره، وأن الشريعة وحدها سوف تصبح مصدرا للقانون اذا ما قرر الجنوب الانفصال ! وهل يأمل بأن تصريحه هذا، سوف يجعل السوداني الجنوبي يتردد ولو لحظة في التصويت للإنفصال ؟ وقد ذكرت تلك الصحفية السودانية، بأن فتاة جنوبية، قد جلدت أي أقيم عليها الحدّ، دون علم أهلها، أو علم أي محام أو مسؤول ؟
وقد وقع الرئيس السوداني في ذات مطب، الذين يعتبرون نقد بعض السلوكيات التي تسيء بقوة الى الاسلام كدين، بأن الهدف من حملة التضامن مع تلك المرأة " المجلودة "، انما هي حملة تستهدف الدين الاسلامي !!
من تشكيلة مشاكلنا الكثيرة والمتنوعة، من الجهل والأمية والفقر والتخلف والعيش على ما ينتجه الآخرون لنا، لم يجد المجتمع غير المرأة مشكلة، بشعرها وعينيها ولباسها ، وقد اختصر كرامته وشرفه بجسدها !! ماذا قدم أصحاب المراجل، لحماية المسجد الأقصى، أو لدعم صمود المقدسيين وقد أوشكت القدس أن تخلع ثوبها العربي؟؟
إنه ببساطة الهوس والكبت الجنسي وقد ألبسوه عباءة دينية !
التعليقات (0)