مواضيع اليوم

هواجس .. مرت بخاطري !!

محمد كنفودي

2010-03-10 14:07:51

0

هواجس.. مرت بخاطري !!

حديــــث الـــقلب

كثيرا ما تتوق نفسي للحديث, وإفشاء ما يكنه قلبي وعقلي من الأفكار والأسرار, وعندما لا أجد أنيسا أفضي له بما أحمله, تكتر همومي ويقضي علي اشتغالي بمكنوناتي . لكن الزمن سهل للإنسان الفاهم المقتدر طرقا أخرى يفضي بها حتى يخرج أثقاله ويريح نفسه من أتعابها, ولعل أجمل وأفضل وسيلة هي الكتابة, حتى بقي الناس من خلالها يكتبون الكتب والمجلدات, ويصنفون بها المكتبات, فشملت العلوم والقصص والروايات, وغيرها كثير على أيدي الرجال من شتى البلدان والأماكن, وبمختلف الأفهام والمشارب .
وها أندا اليوم أحمل قلمي على جاري عادتي أكتب جملا وكلمات أفضي من خلالها بما يحمله قلبي وعقلي حتى أستريح من الهم والكدر وأنا وحيد بعيد عن أهلي بلا رفيق ولا أنيس..
فقد جلست اليوم وأنا مثقل بما سبق ذكره, أقلب بعيني قلمي وورقة بيضاء جعلتها فوق مكتبي, أرسم عليها أشكالا وأكتب عبارات, حتى كدت أوقن أن ما أرسمه طلاسم توحي لي بقدري وحظي, ولو كنت من المنجمين لاستطعت حلها وفك رموزها. لكن مع كل ذاك فما يشغل بالي أكثر, هو ما أراه في كل أيامي من أحداث الناس وسلوكاتهم, حتى أظلمت علي الدنيا وتكدرت المعيشة في عيني, ولم أعد أطيق حالي الجديد, بعد أن فارقت أهلي وذويا. لكنني تجلدت وصبرت نفسي ,وأيقنت بأن وضعي من القدر ومكتوب علي في اللوح المحفوظ, ولو يسر لي النظر إليه لفعلت, حتى أرى ما ينتظر مستقبلي من السعادة والشقاء ..

 حالي ليس غريبا , فكم من الناس شق عليهم النظر لحال لآخرين, فمنهم الطامع ومنهم الخبيث ومنهم الصالح ومنهم المريض, لكن الإنسان دائما يظن أنه في مأمن عن كل شر, ولا يتخيل نفسه يصيبه ما يصيب أقواما وإن كانوا من أقربائه. فمثلا الإنسان يسمع بموت الكثير حتى وان كانوا جيرانه أو من عائلته ,لكنه يستبعده لنفسه, ويوم يصيبه ويصبح البصر حينها حديد, ترمى الممالك وراء الظهور, ويسطو عدل الميزان, فإلى أي كفة ينزاح, أيا ترى لشقاء أم سرور .
الناس وان عرفوا بسلوكهم الصالح أو الطالح ,لا يرون يوم الميزان قريبا, وان رأوه كذلك لصلحت أنفسهم وانقرضت مفاسدهم, لكنهم يرون لذاتهم الخلود وطول البقاء.
كل هذه الهواجس مرت بعقلي, وأنا مازالت أخربش على ورقتي متأملا حالي وحال الناس من حولي, لكنني استفقت من غيبوبتي بخفقان قلبي, وقد تعودت من فؤادي مثل هذه الإيماءات, فهو لا يطرق إلا لتنبيهي وإيقاظي, سواء من زلة أو غفلة أو بشارة تسر أو انجرار وراء قلب آخر قد لمس فيه الدفء والحنان, فأراد تنبيهي لأن يكون ذاك أنيسي وشريك آمالي وأفراحي .. أما خفقانه ساعتها, كان مشاركة لي في ما أغرقت به نفسي من التفكير والتأمل, فأحب أن يؤكد حضوره, ويبلغني علمه بحالي, كيف لا وهو مكنونات خواطري, ومستودع عواطفي, وبئر أسراري .
لكنني بعدها قمت وأعملت فكرتي, وتزملت بكسوة ثقيلة حتى تقيني شر البرد, وخرجت أستطلع السماء, فلما وقع نظري على نجومها, افتتنت بجمالها , فبريقها ولمعانها يكسب النفس انتعاشا ويمنح القلب سرورا. وكنت لازلت غارقا في بحر هواجسي, و فؤادي لا يزال يخفق ,وكأنك تحسبه " يرقص طربا أو يبكي فقيدا ". فتأكدت عدم اكتفائه برسالته الأولى, بل هو يريد إبلاغي بأمر ذي بال, لكنني تجاهلت غرضه, وأعرضت عن طلبه, فموقفي لم يكن ليسمح بذلك, وأنا لازلت على حالي أتنفس مرارة وحدتي وأتأمل الناس بعيني. لكنني برغم كل ما كنت عليه, فقد أبديت في كل أحوالي, رباطة جأش وتجلدا وصبرا. حتى أذهب عني أحمالي وتصفو سريرتي فيحق لي حينها الإصغاء لنداء قلبي والعمل برسالته .....




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات