من الواضح أن مهرجان حركة حماس في ذكرى انطلاقتها الثانية والعشرين الذي رصدت له مبالغ مالية في أقل تقدير 2 مليون دولار أمريكي، كان يهدف إلى قياس حجم حركة حماس في الشارع الغزي لاسيما بعد أن منعت داخلية حماس الفصائل الفلسطينية المختلفة أن تحيي هي الأخرى ذكرى انطلاقتها، أي أن الحرية مقصورة على حماس وممنوعة على غيرها باعتبارها السلطة المسيطرة على القطاع.
وفي مضمون خطاب السيد هنية الذي حاول أن يبرر ويقنع المشاركين في المهرجان والذين لا يتجاوزون عشرة ألاف من المستفيدين أجبروا على المشاركة، في وقت يخشى الجميع من الإصابة بوباء أنفلونزا الخنازير المنتشر في القطاع من جهة ومن جهة ثانية أخذوا تهديدات تنظيم جند الله محمل الجد بعد أن توعد بمهاجمة مهرجان حماس وقيادته بالانتقام لمقتل قائد التنظيم وثلاثون آخرون من أفراد التنظيم.
إذ حاول السيد هنية أن يبرر للمشاركين في المهرجان أن حركته زاوجت بين المقاومة والسياسة، ولكن الواقع يكشف أن حماس لم تقدم شيئاً في كلا الاتجاهين، فعلى صعيد السياسة فهناك تراجعً للقضية الفلسطينية في المحافل الدولية، دفع بالاحتلال الإسرائيلي أن يستفرد بالضفة الغربية والقدس وتهويد الأرض وانشغال الفلسطينيين والدول العربية بمعالجة الانقسام الفلسطيني والمصالحة بل ذهب تداعيات الانقسام الفلسطيني إلى أكبر من ذلك حيث امتدت إلى دول عربية؛ حماس كانت سببً فيه، كما أدى حكم حماس إلى شن حرب شرسة تعرض لها المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة، الذين تحملوا الوزر الأكبر.
فأي سياسة ترفض المصالحة الفلسطينية والتوقيع على الورقة المصرية، وأي سياسة تتكلم عنها وأنتم تمدون أيديكم للأمريكان والأوربيين وتطالبوهم بفتح حوار، بل ذهبتم إلى أبعد من ذلك موافقتكم على حدود مؤقتة تعد بمثابة تفريط سافر للقضية الفلسطينية.
أما عن المقاومة فحديثها يطول التي أصبحت في طي الماضي ولم يبقى منها إلا الذكرى والتمسك بورقة شاليط التي أصبحت الشغل الشاغل يهدف الاحتلال من ورائها إلى إشغالنا بها ليواصل الاستيطان والهروب من الاستحقاقات السياسية من عملية التسوية، وفي مرات عديدة أشاد قادة الاحتلال بدور أجهزة أمن حماس وأمن الجبهة مع قطاع غزة التي قورنت بالجبهة الحدودية مع سوريا.
فالمقاومة المنظمة تأتي بالعمل الجماعي الموحد، أما غزة فهي محررة منذ خمسة عشر عام واستكمل الاحتلال انسحابه عام 2005 وفق حسابات خاصة أرتئها لنفسه أبرزها دور المقاومة الموحدة الباسلة والهروب من استحقاق عملية التسوية واستبدالها بارتكاب الجرائم بحق أبناء شعبنا في القطاع الصامد بعد أن استنفذ موارده ، ونظراً للكثافة السكانية والطبيعة الجغرافية. فقرر أن يجعلها سجنً كبيراً؛ معتقليه يبقى تحت المقصلة.
كلنا نتطلع إلى تحرير فلسطين وهي ثقافة نغرسها في نفوس أطفالنا الرضع منذ قرن وقد قالها الشهيد ياسر عرفات وأستشهد عليها :على القدس رايحين شهداء بالملايين أما أن نعطي شعارات مستهلكة منتهية الصلاحية لا تقدم شيئاً للقضية هدفها الدعاية واستمالة العقول هي في الحقيقة ضحك على الذقون .
إن باب المصالحة أقرب بكثير حتى نتعالى على الجراح ونعود بمقاومة فلسطينية موحدة منظمة تنقذ ما تبقى للمشروع الوطني الفلسطينية لعلنا نستعيد من خلالها العمق العربي والدولي وإحياء القضية الفلسطينية في المحافل الدولية، ونعيد أعمار قطاع غزة ونكسر الحصار والرقي بشعبنا الفلسطيني الذي عانى بما فيه الكفاية من ويلات الفوضى الأمنية والسياسية والفقر والجوع وحالة التيه الذي يعيشها .
هكذا السياسية تحتاج إلى فن من أجل إدارة الصراع ومسؤولية وطنية ووعد صادق أمام الله والشعب والمقاومة، ولا أريد أن أسأل عن تلك الشعارات التي حملتموها إبان انتخابات 2006 ، إننا نتمنى من سيادتكم قراءة التاريخ جيداً لعلك تصل إلى مفهوم تستنج من خلاله معنى السياسية ومعنى المقاومة وكيف يجري المزاوجة فيما بينهما .
التعليقات (0)