لم تذهب دماء الشهداء سدىً..ولم يكذب التاريخ..وانتصرت الارادة الشعبية الحرة المرصعة بالايمان على جحافل الموت التي حشدها العقيد لاطالة انفاسه على هذه الارض التي لطالما تدنست بوقع الاقدام الغريبة لمرتزقة ملك الملوك..
نصر كان جليا على وجه موسى ابراهيم المتحدث باسم عائلة العقيد وهو يتحدث متوسلا الوقت عارضا التفاوض مع الثوار مذكرا باغصان زيتون مبهمة لم يعلم متى لوح بها سيده الراقص على وقع آلة القتل الوحشية لكتابئه ومرتزقته..وعن صمود مزعوم لجحافل الوهم المريض امام جحافل الثوار المتدفقة على طرابلس عابرة اسوار الزيف والتضليل مكبرين مهللين حامدين شاكرين فوزا طال اشتهاؤه على نظام عز عليه ان يدرك المسار الطبيعي للاشياء..
نصر كان جليا على و قع ارتجاف صوت الاخ القائد وهو يستعرض خبرته في ترديد اسماء احياء المدينة حيا حيا وفي الصمت الطويل الذي تخلل جمله المفككة اليائسة وهو يستصرخ الجماهير المشغولة بالاحتفال تحت الانوار المنبعثة من النيران التي تلتهم صوره المتكاثرة كالدغل الضار ان تخرج لنصرة نظامه المحتضر..
زنقة زنقة كان على قوات العقيد ان تبحث لها عن ملجأ من غضبة الجماهير التي تتلمس حلاوة قطوف ثورتهم المباركة التي عمدت بالدموع والدماء الزكية التي اريقت باسراف مؤلم لوجه بقاء حنجرة العقيد تزعق عبر اسلاك الهاتف واجهزة التسجيل منادية بحرب لا افق امامها الا ان تكبد الجسد الليبي المزيد من الجراح والموت المجاني..
زعيق كان لا يجد صدى الا في ارجاء الساحة الخضراء المحتجزة كرهينة مستباحة لجموع المتراقصين المتقافزين المتناقصين الهاربين مع وقع خطوات الاقدام الثائرة التي تدمدم الارض وتزلزلها تحت اقدامهم ..تلك الساحة التي تطهرت بهتافات المناضلين الشعث معفري الوجوه بتراب الوطن وقضاياه ومستقبل وسلام شعبهم العظيم ..
النظام قد انهار تماما..وأن سقوط القذافي وأولاده الذي كان يعد بمنظور الكثيرين بعيدا بسبب وحشية وتفلت النظام وعدم احترامه لأبسط حقوق الإنسان وتسخيره لمقدرات شعبه لشراء الدعم لنظامه قد اصبح حقيقة واقعة مبشرة بإعصار مدمر يجرف الأنظمة الهرمة الآيلة للسقوط.
النظام قد انهار تماما ..والتغيير اصبح حقيقة واقعة في المنطقة..وهو يتجاوز الحراك الشعبي الى مواقف الدول الكبرى التي بدأت تتلمس ثقل وعبئية الانظمة الديكتاتورية المتعاظم على مصالح وضمير واستقرار وامن المنظومة الدولية المتواشجة فيما بينها بعلاقات اقتصادية وسياسية شائكة ومعقدة بما لا يصح ان تترك بيد العائلات العربية الحاكمة التي نسيتها الايام والظروف السياسية الدولية السابقة تتعتق وتتعفن على كراسيها المبتزة من الحقوق الشرعية للشعوب في اختيار قادتها وشكل الحكم الذي يلائم خصوصيتها..
اول ما يوجب على القوى الثورية الآن الوعي بقوة النصر الذي تحقق بفضل الدموع والدماء تحدت القمع والتنكيل وتسلحت بالصبر والايمان بحق الشعوب في الحرية والعدالة وحتمية الانتصار للجماهير التي تدق على ابواب القدر..وبعزم ملايين السواعد التي كانت مستعدة للمضي مع الثورة في طريق الحرية الى النهاية..ومهما كانت تلك النهاية..
هذا النصر المكلل بلون التراب الذي يتعمد باسم الوطن الغالي يجب البناء عليه الآن للتأسيس للنظام الامل والحلم والتطلع..النظام المعبر عن خيارات الشعوب المنتفضة والذي يعمل على تحويل تلك التضحيات الجسام الى واقع واسلوب وخطاب فكري وسياسي وثقافي متبني لشعارات الدولة التعددية التداولية الحرة..دولة المؤسسات والحقوق المدنية والسياسية والمواطنة المتساوية..وبهذا ينتصر الليبيون لارادة الحياة..وبهذا يتحقق الفتح..
هنيئا لكم الحرية يا اهل ليبيا الكرام..فانتم والله قد صدقتم ما عاهدتم الله والشعب عليه..وانتم المرابطون..وانتم المجاهدون..وانتم الاعلون..وانتم الاصدق وانتم الاعز..وانتم الانصع جبينا
التعليقات (0)