مواضيع اليوم

هنري ميشو العابر اللامرئي

عبد الوهاب الملوح

2010-03-26 15:31:22

0

العابر اللامرئي
وهو يستقل ظهر سفينة كان يطارد المجهول في محاولة لاصطياد المباغت فيه ورصد نبض المدهش ؛ بلا ادعاءات رسولية ولا نزعات كاريزمية فليس من شأن هنري ميشو أن يعالج مريضا بالحب إنه معني بمطاردة لحظة من جمال بري يطاردها بالفوضى ؛ يقولها باللغو ونسف نظام الكلام يقتنص الشوارد و يذهب للكتابة باعتبارها بحثا في الدواخل انه غير معني برتق المسافة فهو العابرالدائم غير انه ذلك اللامرئي يسكنه الهامش بل انه يبحث في هذا الهامش عن جوهر الوجود سيقول عن الطفل الذي كان ’’
طريقته في الحياة هو أن يعيش على الهامش طبيعته المضربة تُخيف وتزعج ’’ فالهامش هو الذي سيوفر له فرصة الاختلاء بذاته ومن ثمة تحسسها ومحاورة هواجسها يوغل في ’’ المساحة الداخلية للنفس’’ لهذا سوف تجيء كتاباته عبارة عن تفجرات ضوئية هي مزيج من الاسترسال الهذياني الملتحم بمادة أقرب الى الحلم والاستشرافات مدفوعة بطاقة حدسية في اختيار اللفظ دون الوقوع في البلاغة الفخمة إنها لغة غير منجدة اكتملت قاموسا باذخ الحضور ذلك ان ميشو سوف يكتبها طورا عبر مشاهداته إبان ترحاله وتأويل المكان كما جاء ذلك في كتابه ’’ إكوادور ’’ حيث سوف يرسم وهو الرسام أيضا ؛ سوف يرسم ما سيراه في هذا البلد الامريكو لا تيني بشكل مختلف بشكل غير تسجيلي او توثيقي او حتى سردي بل بأسلوب يتداخل فيه السريالي بالواقعي بالتجريدي ؛ سوف يتطور هذا الأسلوب عنده في كتابه ’’ بربري في آسيا ’’ ليبحث في كنه الشرق البوذي ويحاول استبطان دواخل ذاته من خلال تفاعلاتها مع هذا العالم المدهش ؛ أنه يُفجر أسلوب كتابة الرحلات ليحولها إلى عوالم خارقة كما لو يعيد تشكيل المكان وفق مزاجاته بل انه ليفعل ذلك بينه وبين هواجسه وكم يهجس بالجمال والبحث عنه عبر الرسم أو الحكاية أو الشعر يمر قريبا من القصيدة يتوقف عند شرفاتها ولا يُنزل الستائر إلا والمشهد اكتمل مختلفا لذلك سوف يعمد أيضا إلى الكتابة الميكانيكية ليوغل ابعد من التخوم ويستفز دواخل نفسه يقول في موضع آخر :
’’ أكتب لكي أجوب مجاهل قارات نفسي ولذلك أرسم وأؤلف وأكتب وأتجول داخل نفسي ؛ المغامرة هي أن تبقى على قيد الحياة ’’
وفي ’’ الحديقة الباذخة ’’ بإمكان النشاوي وهي تعربد أن تبتكر الحواس ؛ بإمكان الهواء أن يترجم قامته لغة تفسر مرحه بينما الموسيقي تدلّله سيضيء الهذيان عتمة العزلة ويهيئ ممرات في حديقة الليل الباذخة إنها شطحات ميشو طقوس دينوزية تُروِّض الروح وهي تبث نجاويها عبر ضجيج الالتذاذ بجمال غير مرئي ستفتح الموسيقي باب الخروج ليقع الفراغ مغشيا عليه تخلع الأشجار عنها قمصان الفصول وتطير ليحلق كل شيء كما قطرة تنزل من الأعالي وتفيض جداول ؛ المهم انه الشاعر الذي أثبت إن الكتابة يمكن أن تدهش طالما إن هناك شغف بها.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !