يشتد التوتر السياسي في البحرين مع وصول الفرق المشاركة بالبطولة السنوية لـ "جائزة البحرين الكبرى لطيران الخليج" -- المعروفة باسم "سباق فورميولا وان" -- هذا الأسبوع، وهو سباق سيارات كبير سيجذب أعداداً غفيرة من المشاهدين من جميع أنحاء العالم. وترى الحكومة البحرينية أن هذا الحدث المهيب والمربح تجارياً يعكس الاستقرار في دولة لطالما كانت حليفاً لواشنطن ومقراً للأسطول الخامس الأمريكي.
وقد أُلغيت نسخة 2011 من السباق عقب مصادمات واسعة النطاق بين المتظاهرين الشيعة وقوات الأمن التابعة للحاكم السني، الملك حمد بن عيسى آل خليفة. إلا أن البحرين نجحت في إقامة هذه الفعالية العام الماضي رغم استمرار الاحتجاجات. وبعد ذلك أرادت المعارضة الرئيسية هذا العام إقامة هذه الفعالية، بحجة أنها ستعود بالنفع على البلاد. لكن المعارضين المتشددين يشنون حملات داخل البلاد وخارجها لإيقافها.
وخلال الأسابيع الأخيرة، نظمت الحكومة حواراً وطنياً مع السنة والشيعة وجماعات علمانية أخرى للترويج للمصالحة السياسية. وفي يوم الأحد، أعلن وزير إعلام البحرين أن الوضع في البلاد "مطمئن للغاية" وانتقد الإعلام الأجنبي على المبالغة في تصوير المشكلات المحلية. ومع ذلك، فبعد ساعات قليلة، أبلغت السلطات عن وقوع أربعة انفجارات في العاصمة، وكان من بينها انفجار تسببت فيه اسطوانة غاز في اشتعال سيارة في الحي المالي. وقد أعلنت جماعة "حركة 14 شباط/فبراير" -- التي سميت بتاريخ انطلاق احتجاجات 2011 وارتبطت بمصادمات شبه ليلية بين الشباب الذين يقذفون زجاجات المولوتوف وشرطة مكافحة الشغب -- مسؤوليتها عن الحادث.
وفي 15 نيسان/أبريل، أصدرت السفارة الأمريكية تحذيراً للمواطنين الأمريكيين من أن المظاهرات واسعة النطاق والاشتباكات العنيفة بين قوات الأمن والمتظاهرين قد تجعل السفر عبر أنحاء البحرين أمراً محفوفاً بالمخاطر حتى يوم السباق (21 نيسان/أبريل). وقد أشار هذا التحذير، غير المسبوق في استخدامه للخط السميك الأحمر الموضوع تحته خط، إلى أن جماعات المعارضة سرقت مؤخراً سيارات وقامت بتفجير متفجرات بداخلها. وقد صاحب التحذير صوراً تظهر خارطة المناطق المحظور على المواطنين الأمريكيين من موظفي السفارة الدخول إليها، فضلاً عن الشكل المحتمل للأجهزة المتفجرة.
وعلى نطاق أوسع، لم يتضح بعد مدى التقدم في "الحوار الوطني"، على الأقل من وجهة نظر الأغلبية الشيعية في الجزيرة. ففي الشهر الماضي، وفي تحرك فُسِّر على نطاق واسع بأنه تنازل أمام مشاعر الشيعة، عيّن الملك نجله الأكبر -- ولي العهد الأمير سلمان، الذي يعتبر معتدلاً من الناحية السياسية -- كأول نائب لرئيس الوزراء. ورغم ذلك لم يكن للقرار سوى النذر اليسير من النتائج الملحوظة.
وفي غضون ذلك، تلقت الجزيرة في الرابع عشر من نيسان/أبريل رسالة تذكير على سنوات الكراهية بين عائلة خليفة الحاكمة والشيعة بإعلان وفاة الشرطي السابق من زمن الاستعمار البريطاني إيان هندرسون (لا علاقة له بكاتب هذه السطور). لقد كان هندرسون يدير جهاز الأمن والاستخبارات في البحرين على مدار عقود. وقد وصفه إعلان مكون من سطر واحد في الصحيفة المحلية Gulf Daily News بأنه مستشار لوزارة الداخلية منذ فترة طويلة، لكن موقع "بريس تي في" الإيراني صوره على أنه المسؤول عن عمليات التعذيب" وأطلق عليه إسم "جزار البحرين".
وعلى الرغم من أن قادة البحرين عازمين على ضمان إقامة السباق دون ما يعكر صفوه، إلا أنه ينبغي على واشنطن أن تراقب الوضع لضمان ألا تؤدي جهود الحكومة إلى حدوث المزيد من التدهور في المناخ السياسي. ووفقاً لجماعات المعارضة، فقد تم بالفعل اعتقال حوالي مائة ناشط شيعي في الحملة الأمنية الأخيرة. وتستطيع جميع ألأطراف المشاركة في "الحوار الوطني" المساهمة في استعادة الهدوء من خلال إدانة العنف. كما أن الملك حمد وواشنطن قلقان أيضاً من أن إيران ، التي أُلقيت عليها مسؤولية دعم الجماعات الشيعية المتطرفة، ستستغل الموقف.
التعليقات (0)