هنا القاهرة...
قصيدة جديدة
للشاعر حسن توفيق
أزوريسُ غاب ولم يبقَ منه سوى الإسم في متحف الذاكرة
ولم تبقَ إلا ظلالُ الحراب التي مزقتْهُ
وإلا القلوبُ التي خذلتْهُ
وأحزان نايٍ مع الليل تسري فتخرسها القبضة الماكرة
وفي الوحلِ تمشي حشود الجياع.. طوابير مطحونةً حائرة
وأغربةُ ُ بالنعيق تباهي نقيق الضفادع
ومن كل ملهى وبارٍ ومن صدرِ كلَّ مُخادع
تطير لتصعد فوق المعابد.. فوق المآذن.. فوق الرؤوس
وفي قبة البرلمان تنام.. وحين تفيق تدار الكؤوس
فتهذي من السكر باللغو مزهوةً بالخراب: هنا القاهرة!
أزوريسُ أين؟.. وكيف عن النهر والأرض غاب؟
أغامت رؤاه فضلَّ الطريقَ وتاهت خطاه فخارت قواه؟
أأخفاه سِتُّ - أخوه اللعين - بكهف الذئاب؟
وهل يشهد النهر ضد الجناة؟
أم الخوفُ أخرسَ همس الشفاه وطوَّقَ بالذلِّ نور الجباه
وأقنعَ أغربةً بالنعيق لتشبعَ أفواهها الخاطفة
وباركَ جلمودَ صخرٍ بأكذوبة داعرة؟
أزوريس غاب وإيزيسُ في الليل تبَكي ولكنها خائفة
فقد تشهد الأرض ضد البكاء الذي يفضح الفرحةَ الزائفة
إذا أقبل السائحون فقيل لهم بالدموع: هنا القاهرة!
من القلب ينبع نهرُ الدموع ويسقي حقولَ المنى الصابرة
ومن كلَّ حقل يطل أزوريس في الفجر.. لكننا لا نراه
وإيزيس تهمس: إني أحس بوقع خطاه
وألمح طلعتَه الباهرة
وأسمع ناياً جريحاً يفيض بأنهار أشواقِه الهادرة
»إذا الشعب يوماً..« فلابدَّ أن يوقد الشعلةَ الطاهرة
وتصرخ إيزيس: هيَّا ارفعوا ما انحنى من جباه
تعالوا نزحزح »جلمودَ صخر« ونكنس أغربةً خاسرة
أزوريس آتٍ.. من الأرض يصعد والنهر يشهد: تحيا الحياة
هنا مَنْ أُحب.. هنا ما أحب.. هنا القاهرة
التعليقات (0)