مواضيع اليوم

هناك .. خلف السدة .. شرقي بغداد

عبد الهادي فنجان الساعدي


سياسي واحد فاشل توصله اربع سيارات حماية بايدهم السلاح وهو موجه نحو المواطن صفر في الحين الذي يترك التكنوقراط والاكاديميون الجامعيون لتدمرهم اسلحة التخلف والمخابرات الاجنبية. انه نفس النمط الحياتي الذي كنا نعيش فيه ونمارسه حين نضع الاحذية في معارض زجاجية انيقة في الحين الذي نعرض فيه الفاكهة والماكولات التي ناكلها ليزاحمنا عليها الذباب(1)
يطلب مني الكثير من الاصدقاء ان اربط فقرات ما اكتب !! ما ذنبي اذا كانت الامور لا تتمتع بهذه الصيغة العادية .. أن الحياة فنتازيا حد السخرية كما ان المشكلة ليست فيما نكتب بل بمالا نكتب ومالا يكتب اكثر مما يكتب !!
في مراجعة مقرفة لاحد مستشفياتنا الحالية ذكرتني بحادثة نقلها احد الرحالة الانكليز في كتاب غرترودبيل (أن ثمة رحالة بريطاني كان قد زار في مناسبة معينة قبل اندلاع الحرب مستشفى تركيا عسكريا في الموصل . وقد وجد ان السجل الرسمي لهذه المستشفى قد بوبت محتوياته وفق اربعة محاور هي كالاتي : الدخول : الخروج بعد الشفاء : الوفيات : الهروب من المستشفى . وقد شملت الصفحة الأخيرة من هذا السجل المعلومات التالية : عدد الذين دخلوا الى المستشفى : ستة : عدد الذين تم اخراجهم نتيجة تماثلهم للشفاء : لا يوجد : عدد الموتى : اثنان : عدد الهاربين : أربعة !!!(2)
اين الربط في جدلية العلاقة بين ما يحصل عليه ممثل الشعب .. وما يحصل عليه المواطن صفر .. انها فنتازيا ساخرة.. مرّة .
لفتت انتباهي حالة مريرة جدا وهي كثرة المشاركين في مسابقات المعوقين من العراقيين ، وكان بودي ان اسال أي مواطن عراقي معوق هل هو خريج السجون العراقية الخاصة ام الحروب العراقية الحديثة ؟!!
ميزانية الاردن الشقيق سبعة مليار دولار فقط وميزانية سوريا الشقيقة حد اللعنة تسعة مليارات . أما ميزانية العراق لعام 2007 فهي تسعة وثلاثون مليار دولار وما زالت الحالة العراقية كاللغم الذي في باطن الارض لا تدري متى ينفجر فيدمر ما فوقه.
لا أدر ي ما الذي اوصل المواطن العراقي الى هذا المستوى المتدني في الاقتصاد مع العلم انه كريم وسخي وأمين – بشكل عام – وهي كلها صفاة الهية فهل ان الاله يقبل لشبيهه أن يموت كمدا في الحين الذي يتقلب ثله من التافهين في اجمل الافرشة ويترأسون اللجان التي تحاول تقرير مصير المواطن الذي اوصلوه الى مرحلة الصفر والذي يتقلب بين نيران التفجيرات والاغتيالات التي تتخذ مختلف الصيغ والاشكال .
(وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ، أن اكرمكم عند الله اتقاكم)(3).
أحد معلمينا القوميين في الابتدائية حوالي سنة 1959 كسر واقية القلم الجاف بصورة تدل على الحقد والتشفي لانها كانت حمراء !!
لقد رضينا بالقليل ومع ذلك فلقد جاءوا اخيرا كي يتقاسموا معنا هذا القليل بصيغ وقوانين هم وضعوها في مجالس ومؤسسات لا تعرف الرحمة .
(انتحار فتاة عراقية في الشيشان)(4) .. أنها ليست الشيشان الروسية انما هي الشيشان العراقية احدى مدن الصفيح التي تشكو من نقص حاد في كل مستلزمات الحياة .. كم من المقاتل تقع في حي طارق وحي النصر والشيشان وسبع قصور والاحياء التي بدات تنمو حول المزابل ومقالع الطين ومعامل الطابوق ..(بحار.. بحار من الشكوى والدموع .. والدم)(5) وكأننا نعيش في ضفتين تفصل بينهما صحارى ومفازات لا يمكن اجتيازها .. لقد نمت احياء ومدن جديدة كالطحالب البحرية دون ان تحسب لها الحكومة او أي منظمة انسانية حسابا. انها مدارس مستقبلية تبشر بسقوط ما بقي من بنية تحتية لاي بناء حضاري وهي في نفس الوقت نفس الاماكن التي خرجت منها ومن شبيهاتها التنظيمات السلفية والثورية الراديكالية . مدارس ومدارس تبشر بالثورة .. مدارس ومدارس تبشر بالبركان القادم بعد جيل او جيلين على اكثر تقدير. فهل سنكلف انفسنا عناء الذهاب لننظر الى التجمعات والاحياء التي تنمو بشكل كارثي (خلف السدة) .. ام سننتظر زحف الفيضان من خلف سدة ناظم باشا(6)؟!!
الحواشي:
(1) يقال بان احد الاجانب جلب انتباهه هذا السلوك العربي الغريب !!
(2) جيرترود بيل / من اوراقها الشخصية 1914-1926 تاليف اليزابيث بيرغوين تقديم عبد الرحمن منيف : ترجمة وتحرير وتعليق نمير عباس مظفر . ص114-115 .
(3) سورة الحجرات الاية 13 .
(4) صحيفة المدى العدد (961) الاحد 3 حزيران 2007 ص1 .
(5) من قصيد مراكب الامس / ديوان نبوءات مبكرة / دار المرتضى 2007 .
(6) سدة ناظم باشا تقع في شرقي بغداد / الرصافة .




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !