اللهم لا تجعل مصيبتنا فى ديننا , ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا - , عبارة تتردد على ألسنة خطباء المساجد كل صلاة جمعة , أخذت أدير معنى هذه العبارة فى رأسى وأتمعن دلالاتها , واقارن بين معناها وبين ما يجرى على الأرض فى أوطاننا , خرجت بنتيجة مؤداها أن السماء لم تستجب لهذا الدعاء , بل عكست معناه على البلاد والعباد بحيث أن مصيبتنا قد أصبحت فى ديننا , وأنا هنا لا أهاجم الدين ولا التدين , ولست مستعدا للدخول فى مساجلات متشنجة ومعارك ضد الذين يتنادون للدفاع عن السماء , لأنهم يستخدمون أسلحة تحرمها السماء وتتنافى مع قداسة رسالاتها وأعنى بها أسلحة الشتم والسباب . فقط أريدكم أن تنظروا معى الى الخارطة العربية , وتأملوا الخراب المستعجل الذى حل بها والخراب الذى ينتظرها . حاكم تونس المخلوع كان يبرر بقاءه واستبداده بالخوف على مدنية الدولة من التيار الدينى حسنى مبارك الذى جعل الفساد فى مصر هو القاعدة وخرب العقل المصرى ودمر التراث الحضارى للوطن ونهب ثرواته وأذل شعبه لعب بالدين لعبة قذرة , فقد أطلق شيوخ السلفية المنغلقة , فقاموا بضرب العقل المصرى وتغييب وعيه وشغله بقضايا غيبية وغبية , مثل العلاج بالقرآن والتبرك ببول الرسول , وفى نفس الوقت جعل من التيار الدينى السياسى فزاعة لقوى المجتمع المصرى التى ترفض الدولة الدينية , ولقوى المجتمع الدولى ايضا , وثالثة الأسافى تأتى من هذا الملتاث الدموى صاحب ألقاب امام المسلمين وملك ملوك افريقيا ليضرب شعبه بالاسلحة الثقيلة متهما كل معارضيه بأنهم عملاء لتنظيم القاعدة , رابعهم عسكرى اليمن المتشبث بالسلطة منطلقا من ذات المنطلقات , ثم تأتى البحرين ليلعب فيها الدين أخطر الأدوار وأشدها تفزيعا , فليس من المصادفات أن تكون قوى المعارضة كلها أو معظمها من الشيعة , ومن هنا فما يحدث هناك ليس ثورة ضد الفساد أو طلبا للحرية , ولكنه وجه من وجوه الطائفية الدينية البغيضة . أريد أن أقول ان أصحاب الاسلام السياسى كانوا عند سوء ظن الخائفين من قفذهم على الثورات وهذا واضح من تحركهم فى مصر وملصقاتهم التى تملأ شوارعها مطالبة بالدولة الدينية ومهددة دعاة الدولة المدنية بسوء المصير . متى يترك هؤلاء الدين ليكون علاقة بين المرء وخالقه ويتركوا أمور الدنيا لمتغيراتها وقواعدها الكونية . وسأكرر أنا الدعاء - اللهم لا تجعل مصيبتنا فى ديننا , من يدرى ربما تكون لى منزلة عند الله فيخصنى بالاستجابة
التعليقات (0)