إستمعت أخيرا إلى ندوة في إحدى محطات الخليج التلفزيونية عنواتها هل العرب يكرهون بعضهم بعضا ولماذا ؟ سؤال غريب لا يصدر إلا من يكره البعض الأخر من العرب . ليس لدى العرب العاديين من يكره بعضهم ويحب بعضهم سواء عندما يجتمعون في الداخل أوالخارج فهم يتكلمون بلغة واحدة ويحبون نفس الأكل والسمر ومشاكلهم واحدة بصرف النظر عما كان يركب سيارة الفراري او الحمارأو من ينزل في فتدق الخمس نجوم أو في حي شعبي , عندما تزور الريف العربي تشعر انك واحد من هؤلاء الفلاحين الفقراء تتكلم معهم بنفس اللغة وتهوى أكلهم وتتقمص حياتهم فتقعد على الارض وتستمع إلى مشاكلهم وافراحهم وسبل حياتهم التي تراها على الطبيعة .يالنسبة للسياسة فالعرب يجمعون على ضررورة الوحدة العربية سواء في الخليج أو المغرب أو مورتانيا من المثقف الى رجل الشارع العادي . لقد إستطاع الرئيس عبد الناصر أحياء القومية العربية وقد قويت مع مرور الزمن ولو أجري إستفتاء اليوم على الوحدة العربية لصوت في صالحها اغلبية العرب من كل الأقطار العربية . إذن لماذا نسأل هذا السؤال ؟ أن هذا السؤال هو تعبير عن الداعين إلى العداوة بين العرب , هم رجال الأنظمة ورجال الاعلام , ودليلهم مضحك . يقولون ان الدين مصدر كراهية العرب لبعضهم البعض . هذا ليس صحيحا فلم نعرف قبل مجئ الأستعمار الفرنسي والايطالي كراهية بين البرر الأباضيين وبين العرب السنيين فالأستعمار هو الذي أثار هذه النعرة . وقبل الأستعمار البريطاني والفرنسي لم نسمع في الشرق الأوسط عداوة بين الشيعيين والسنة والعلويين والأرمن والأكراد بل حتى بين المسلميمن والمسيحيين وحتى اليهود كلنا كنا نعيش مع بعضنا البعض ونتقاسم نعم الحياة وشرورها , حتى جاءنا الأستعمار فحاول خلق العداوة وإثارتها بل وفرضها في تقسيم البلاد العربية وتركها بعد ذلك لأنظمة الحكم العربية التي جاءت بعد الاستعمار, فوجدت فيها وسيلة لسياسة تفرق تسد للتمسك بالسلطة وإحتكارها . والرأئ الثاني الذي يدللون به بوجود عداوة بين العرب هو الغناء والفقر , وهذا ليس صحيحا فقد يصدر هذا عن اصحاب المصالح ورجال الحكم في البلاد العربية المختلفة ولكنه لا يعبر عن راي المواطن العربي العادي . فالمواطن العربي سواء في الخليج او مصر او المغرب لم يغتني بمال النفط والفقراء موجودون في الخليج وبقية الاقطار العربية . الذين يحاولون وجود مثل هذه العداوة هم من يملك المال من الحكام العرب ومن يتمرغ في مالهم من الكتاب والصحفيين والأنصار وهم قلة , فالحكام وانصارهم ومن ورائهم وسائل الاعلام المأجورة تبت سموم العداوة بخلق مصادرها فهي تحاول عدم إندماج العرب مع بعضهم البعض . فمثلا قيام بعض الأنظمة العربية باستخدام عمالا من غير العرب خوفا من إندماج العمال العرب في المجتمعات التي يعملون فيها فتتغير الولاءات السياسية ويفقدون السلطة. والشئ الجديد الذي تحاول هذه الفئة اثارته اليوم هو الحماس للأندية الوطنية لكرة القدم الذي قد يتسبب في الأصطدام بين أنصارها كما حدث بين مصر والجزائر وهذا ساعد على تطوره رجال الحكم والاعلام . وهو شئ عادي يحدث في كل بلاد العالم . تعالوا نرى ماذا يحدث في أوربا بين أنصار فرق الكرة من إصطدامات تصل حتى إلى الاشتباك , لم أسمع انها أثرت في العلاقات بين الدول الاوربية أو أثارت عداوات لأن رجال الأعلام ورجال الحكام في الغرب إستنكروا مثل هذه الاحداث ولم يستخدموها في بت العداوات كما يعمل رجال الحكم ورجال الصحافة العرب . ولم نعرف عداوة بين الدول الغنية والدول الفقيرة في أوربا يل بالعكس ساعد هذا الاختلاف في الثروة على تعجيل الوحدة الاوربية . كذلك إختلاف الشعوب الغربية في المذاهب الدينية بين كاثوليك وبروتستانت وفروعهما العديدة لم يعد يخلق عداوات بين الشعوب والافراد بعد التهضة الاوربية والأعتراف بحقوق المواطن بصرف النظر عن دينه ولونه واصله. حتى الخلاف الذي نسمعه بين الاوربيين والمهاجرين المسلمين ليس بالقدر الذي تصوره وسائل الاعللام فهو من خلق فئات ضالة وشريرة من الطرفين . والمهاجرون المسلمين يمرون بفترة أندماج في مجتمعاتهم تسبب لهم ولمواطنيهم الجدد بعض الصعوبات . من هذا نرى أن الأدعاء بأنه هناك عداوة بين العرب لا أساس له من الصحة وكل الخلافات الناتجة عن العوامل الدينية والفقر والغناء والمنافسات الرياضية ما هي إلا ظواهر طبيعية تحدث بين جميع شعوب العالم وأمكن التغلب عليها بالأنفتاح بين الشعوب والتطور الحضاري والأعلام الموجه للاصلاح والتضامن لا للأختلاف والتنابذ كما هو الحال عندنا ,
التعليقات (0)