لخّص المستشار طارق البشرى مشروع قانون إقليم قناة السويس بمواده الثلاثين بأنه ( لم يفعل شيئا ولا نظم أمرا إلا انه يرفع السلطة المصرية عن هذا الإقليم ولا يبقى أى مظهر أو عنصر من مظاهر هذه السلطة ... ) ، ثم يُكمل سيادته ( ... وهو يكاد يكون دعوة للعالم بأن بقعة أرض مصر المشار إليها فى القانون قد صارت مستبعدة من نطاق القوانين المصرية والأجهزة المؤسسية المصرية، وذلك ليتقدم كل من شاء ليمارس نشاطه التجارى فيها حسبما يشاء ) ، ويتضح من بنود هذا القانون أن القائمين على المشروع يُريدون جعل إقليم قناة السويس منطقة حرة توفر فرصاً جاذبة للإستثمار ويكون بها إمتيازات الإعفاء من الضرائب ، وحماية أصول الشركات الخاصة بالمستثمرين والأثرياء العالميين ، ولا ندرى هل المقصود هو تحويل الإقليم إلى مركز ومنطقة ملاذ آمن للأموال والتى يُطلق عليها مصطلح "الأوف شور" ؟! ، ففى هذه المناطق والتى يطلق عليها البعض وصف "جنات الأوفشور" تكاد لا تخضع لقوانين وطنية تحكم تعاملاتها وتقل حدة النظم والأُطر القانونية التى تحكمها ، فلا تخضع أرباح تلك المناطق للضرائب وتمنح فرص التهرب الضريبي وتتلقى الأموال سواء أكانت مشروعة أو غير مشروعة دون السؤال عن مصادرها ، وتسهل عمليات غسيل الأموال وإيجاد إطار قانونى لإعادة تعريف طبيعة تلك الأموال ، وتعتبر تلك المراكز صناديق سوداء تحمى المجرمين واللصوص ، ويتميز الوليد أو الإقليم الجديد بأن موقعه مُميز حيث يقع فى منتصف منطقتين جديرتين بالتأمل ففى الشرق تقع بلاد النفط وسينافس إقليم دبى القائم بنفس العمل ، وفى الغرب تقع القارة السمراء والتى قال عنها كوفى أنان أمين عام الأمم المتحدة السابق (البلدان الأفريقية تفقد سنوياً 34 مليار دولار بسبب تعاملات "الأوفشور" ) ، ولكن الخوف كل الخوف من أن يتسبب الإقليم الوليد فى إبعاد سيناء وفصلها أكثر مما هى عليه عن الوطن الأم ، فلو كان خوف المستشار البشرى مُنصب على فصل إقليم القناة فيجب أن نخاف أكثر على فصل إقليم سيناء عن الوطن الأم ، حقاً لم يفعلها السابقون وفعلها الإخوان المسلمون ! ، وما يضحكنى لدرجة البكاء هو كيفية المرور من هذا الإقليم ـ المفصول ـ لتتحقق نبوءة " عالقدس رايحين شهدا بالملايين " ! .
التعليقات (0)