على هامش إحدى ورش العمل في مدينة غزة التقيت بأصدقاء يتقلدون مناصب رفيعة في حركتي فتح وحماس، وبدأ الحديث عن المصالحة يأخذ مسارات بالغة الأهمية، وخصوصاً عند تناولنا موضوع المعتقلين السياسيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، كونه يشكل المعيق الأبرز أمام تحقيق المصالحة، ودار الحديث بينهما على النحو التالي:
فتح تقول لا يوجد عندنا أي معتقل سياسي، فقاطعه القيادي في حركة حماس بأن حركته تقدمت بقائمة تتجاوز المائة معتقل، فرد القائد الفتحاوي بأن ما تتحدث عنهم هم معتقلين لمخالفات جنائية، وبعد مداخلة لأحد الأصدقاء عن شكل المخالفات الجنائية، رد بالقول بأن منهم من ضبط وبحوزته سلاح، وآخر ضبط وبحوزته متفجرات، وهناك من يمارس التحريض ضد السلطة في المساجد أو المدارس...
وعلى الفور وقبل أن يقاطع القيادي الحمساوي كلام صديقنا، تدخلت لتوجيه السؤال نفسه حول المعتقلين في قطاع غزة وعددهم ما يقارب الخمسين حسب قوائم حركة فتح، فرد القيادي الحمساوي نافياً وجود أي معتقل سياسي في غزة، وتحدث أن هؤلاء منهم عملاء للاحتلال، ومنهم من يتخابر مع رام الله لقطع أرزاق العاملين في الوظيفة الحكومية، ومنهم مدان بجرائم قتل أو شروع بالقتل، وهكذا، وقبل أن ينهي الحديث صديقنا قاطعه القيادي الفتحاوي قائلاً إن أي شخص مدان بالتجسس لصالح إسرائيل هو عدو لفتح قبل حماس وفي حال تأكدنا من صحة ذلك سنسقط تلك الأسماء من قوائمنا...
لم نصل في تلك الجلسة إلى أي نتائج من كلا الطرفين، وذهبنا سوياً لتناول طعام الغداء....
وأترك لقلمي حرية الكتابة فيما سمع ورأى، لعلنا نصل إلى حل لأبسط ملف من ملفات المصالحة الفلسطينية...
ما تحدث به الصديقان صحيح، فالقانون الفلسطيني يجرم حيازة السلاح، ولكن عن أي سلاح نتحدث..!؟ فالسلاح المذكور هو سلاح مقاومة، والمتفجرات المذكورة هي لصناعة العبوات الناسفة التي قد تحد من تغول وتوغل الاحتلال ومليشيات مستوطنيه في الضفة الغربية، وأذكّر صديقي أن الرئيس الراحل ياسر عرفات رفض صياغة دستور فلسطيني دائم لوجود الاحتلال وللحفاظ على الثوابت الوطنية، واكتفى بقانون أساسي ينظم الحياة السياسية للشعب الفلسطيني، ولذلك أرى أن كل المبررات التي صاغتها وتتحدث عنها حركة فتح باستمرار من الممكن تجاوزها، وأعلم أن كل طرف لا يرغب في أن يسجل على نفسه بأنه مارس الاعتقال السياسي، ولذلك أدعو كل مؤسسات حقوق الإنسان والشخصيات والأحزاب لمساعدة الحركتين لتجاوز تلك الأزمة وتبرئتهم من ممارسة الاعتقال السياسي حتى تمضي سفينة المصالحة إلى الأمام، ونعطي الأولوية إلى الملفات المصيرية التي تعيد البوصلة في الاتجاه الصحيح لمشروعنا الوطني التحرري.
أما حركة حماس في قطاع غزة، وفيما يتعلق بمعتقلي فتح، فجرائمهم التي أدينوا بها هي من تداعيات الانقسام والاقتتال، والكل يعمل على إنهاء تداعياته، ولذلك لابد من قرار جرئ من رئيس السلطة محمود عباس ورئيس الوزراء إسماعيل هنية للعفو عن كل القوائم التي تطالب بها الحركتين، ومعالجة الجرائم التي ارتكبوها ضمن المعالجة العامة للجنة المصالحة الاجتماعية، وبذلك نكون هيئنا الأجواء نحو السير قدماً في انجاز المصالحة على الأرض، وتهيئة مناخات ايجابية لعقد الانتخابات في مايو المقبل، وتفعيل منظمة التحرير، وصولاً إلى تعزيز ثقافة سياسية تعزز الانتماء للهوية الوطنية، ويكون الحزب عامل مساند لذلك، ونتفرغ جميعاً لمقارعة الاحتلال والعمل على إنهائه...
Hossam555@hotmail.com
التعليقات (0)