أخوين شقيقين يتنافسان على زعامة حزب العمال البريطاني في الانتخابات الداخلية التي جرت قبل أيام في بريطانيا، فكانت لوحة ديمقراطية جميلة رسمها الحزب، وكانت مثيرة للانتباه والاهتمام من قبل كل المراقبين، حيث سادت أسئلة في الأوساط البريطانية حول اتجاهات تصويت والدة أد ميلباند وشقيقه ديفيد وزير خارجية بريطانيا السابق، مع العلم أن والدة أد ميليباند هي من المناهضين لحصار اسرائيل لقطاع غزة، وهي من تركت ولديها أثناء حملتهما الانتخابية على زعامة الحزب، وركبت البحر عبر سفن التضامن مع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
ديفيد ميليباند نال ثقة الصف القيادي في حزب العمال بينما نال شقيقه أد ميليباند ثقة القاعدة العمالية ممثلة بالنقابات والاتحادات، والتي عرف عنها مؤخراً دعمها وتعاطفها مع القضية الفلسطينية، ورفضها للمارسات الاسرائيلية في القطاع سواء كانت تلك الممارسات تتم عبر العدوان أو الحصار، ولذلك فاز أد ميلباند في الانتخابات الداخلية لحزب العمال، وأصبح رئيساً جديداً للحزب خلفاً لرئيس الوزراء السابق جولدن براون، وبذلك يكون أد ميلباند المنافس القادم لرئيس الوزراء البريطاني الحالي ديفيد كاميرون في الانتخابات البريطانية القادمة المزمع عقدها في منتصف عام 2015م.
إن ما يميز المشهد السياسي البريطاني هو طبيعة التحول الطفيف الذي طرأ كأحد أهم تداعيات الحرب الأخيرة على قطاع غزة، والزيادة الملحوظة في حجم التعاطف مع الشعب الفلسطيني وقضاياه العادلة، وهذا التعاطف عبر عنه الشباب البريطاني بمهاجمة المصالح الاسرائيلية داخل بريطانيا، وسجل العام 2009م أكثر من تسعين حالة اعتداء، واليوم هناك جبهة كبيرة نسبياً ترفض الحصار المفروض على قطاع غزة، ومن هذه الجبهة ينحدر أد ميليباند والذي تحدث في أكثر من مناسبة رغبته في زيارة قطاع غزة، والاطلاع على معاناة شعبها، ولسان حال شعبنا في قطاع غزة يقول: أهلاً وسهلاً في كل المتعاطفين والداعمين لحقوقنا الوطنية والانسانية، ولكن لسان حال البعض يقول: هل تندرج تصريحات أد ميليباند ضمن حملات الدعاية الانتخابية؟ وهنا سيكون أمام ميليباند اختبارات حقيقية تقليدية مارسها زعماء حزب العمال البريطاني المتعاقبين، وهي دعم الصندوق القومي اليهودي، والذي حسب ادعاء القائمين عليه هو مؤسسة خيرية تسعى للحفاظ على البيئة وتحسين علاقة الانسان بها، وهذا ظاهره، أما باطنه فهو يقوم على أساس دعم مشاريع تهويد القدس والنقب.
لكنني أعتقد أن أد ميليباند يحتاج إلى دعم ومساندة الجاليات العربية والاسلامية في بريطانيا، وكذلك كل أحرار العالم المناهضين للصهاينة، وبالمناسبة هؤلاء مجتمعين يستطيعون ايصال أد ميليباند إلى سدة الحكم، ولعل وعسى أن تتغير ولو نسبياً السياسة البريطانية من القضية الفلسطينية، وأن تعتذر للشعب الفلسطيني على نكبته، والتي لبريطانيا الدور الرئيسي بها.
أما دور المؤسسات الفلسطينية الوطنية ، فينبغي عليها توجيه الدعوة لوالدة أد ميليباند لزيارة قطاع غزة، وكذلك لأد ميليباند نفسه للاطلاع عن كثب حول طبيعة معاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، فذلك سيدعم تغيير السياسيات الدولية، ويدحض الروايات الصهيونية المنتشرة في أنحاء العالم، والمسيطرة على الرأي العام الدولي، وقد تكون خطوة بالاتجاه الصحيح نحو تفعيل اللوبي العربي الاسلامي، وبناء الامبراطوريات الاعلامية العربية والاسلامية، التي تدعم حقنا التاريخي في فلسطين، وتسير ضمن استراتيجية ومشروع موحد يعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية.
Hossam555@hotmail.com
التعليقات (0)