السياسي في العراق اليوم ينبؤ بسيناريو دراماتيكي قد لا تكون نتائجه سلمية , وقد ينزلق العراق الى مشهد خطير يهدد وحدته الجغرافية والديمغرافية . واول اسباب هذا المشهد اتهام القوى السياسية المشاركة في العملية السياسية رئيس الحكومة نوري المالكي بالتفرد بالسلطة , ووصفه بعض المناوئين من اركان السلطة بالديكتاتورية ,مستدلين على ذلك انه يرأس منذ تشكيل الحكومة وزارات الدفاع والداخلية والامن الوطني وجهاز المخابرات, وهذا الاحتكار لهذه السلطات هو التعبير الدقيق لمعنى الديكتاتورية , بل ذهب البعض الى اكثر من ذلك , باتهام حزب الدعوة الحاكم بالديكتاتورية , الحزب الذي يقوده المالكي حصرا .
ولم يقتصر هذا الاتهام على القوى المناوئه للمالكي مثل القائمة العراقية بل امتد هذا النقد الى التيارات المتحالفة معه مثل التيار الصدري الذي يلتقي مع التحالف الكردستاني والعراقية في نيتهم طرح الثقة بالمالكي امام البرلمان , وقد نفى متحدث باسم التيار الصدري ما تناقلته الانباء من ان الصدر غض النظر عن فكرة طرح الثقة بالمالكي , بل ما زال مصرا على سحب الثقة منه من قبل البرلمان . وهذا التوجه يلتقي مع الرغبة التي ابداها زعيم اقليم كردستان مسعود البرزاني في سحب الثقة من المالكي , وهو ما عبر عنه احد اركان التحالف الكردستاني بالقول " ان رئيس الجمهورية الحالي جلال الطلباني ينوي ارسال رسالة الى البرلمان يطلب فيها طرح الثقة بالمالكي شريطة ان يتقدم 163 عضوا من البرلمان بطلب سحب الثقة منه . ويبدو ان القائمة العراقية والتيار الصدري والتحالف الكردستاني قادرون على جمع هذا الرقم الكافي لسحب الثقة من المالكي .
ويبدو ان حزب الدعوة بأطيافه الاساسية تدرس فكرة عزل المالكي من قيادة الحزب , لاعتقاد البعض انه بسياسته الانفرادية , وعدم التزامه بالتعهدات التي قطعها على نفسه امام الشركاء في الحكم , قد شوه صورة حزب الدعوة , وشوه صورة انصار الحزب في وسط الشارع العراقي , وفي السياق نفسه يعتزم التحالف الوطني الذي يضم جماعة عمار الحكيم وحزب الدعوة الذي يقوده ابراهيم الجعفري والتيار الصدري وحزب الفضيلة , يعتزم عزل الجعفري من زعامة التحالف بدعوى رتابته في العمل وعدم قدرته على تسيير التحالف بالشكل الذي يحقق اهدافه , اضافة الى كثرة سفرياته الى الخارج .
المشهد السياسي قلق جدا في العراق . هناك حراك في حزب الدعوة لانقاذ سمعته التي تردت كثيرا بسبب سياسة المالكي الانفرادية والاقصائية , وحراك اخر في قيادات التحالف الوطني لاختيار قيادة جديدة تتسم بالحيوية والنشاط . اي ان اسهم المالكي اخذت بالتراجع على مستوى القوى السياسية المشاركة في العملية السياسية , وبالتالي فمن غير المستبعد ان تأخذ فكرة سحب الثقة من المالكي حيز التنفيذ .
بالمقابل هل سيرضخ المالكي ويستجيب لهذه الفكرة التي ستقصيه من منصبه الذي تشبث به بكل امكاناته المادية والسياسية , وبمعونة كل من الادارة الامريكية ونظام الملالي في ايران ؟ . المؤشرات على الارض تقول انه لن يرضخ لكل هذه الضغوط , وسوف يتشبث بالسلطة حتى اخر نفس مستنداعلى مقولة الالتزام بالدستور . ومن المؤشرات العملية :
1. افادت المعلومات ان اعوان المالكي خزنوا اسلحة خفيفة ورشاشات ومدافع مضادة للدروع ( الاربيجيه ) في مقرات حزب الدعوة في عدة محافظات منها النجف وبابل والديوانية .
2. طرد او احالة 459 ضابط وموظف من جهاز المخابرات العامة الى وظائف مدنية في دوائر الدولة , رغم انهم ليسوا من افراد الاجهزة الامنية في النظام السابق , وغير مشمولين بقانون المسائلة ايضا , وتم ترحيل عدد من هؤلاء المطرودين الى ايران للاقتصاص منهم وقد وقع قرار الطرد والابعاد سمير حداد . وتم احلال عناصر من حزب الدعوة محلهم . وكل رصيدهم انهم من الدعوة ليس الا ؟ .وقد بلغ عددهم في هذا الجهاز الحساس 6450 شخصا . وقد بدأت هذه الحملة المنظمة منذ عام 2009 اي بعد سفر ( محمد الشهواني ) الى الخارج , وتم تصفية عددا من المدراء العامين في الجهاز الامني .الذي من مهماته وقف الارهاب او الحد منه في اقل تقدير .
3. هناك تهديد من مجلس محافظة ذي قار باعتبارها اقليما على غرار البصرة , وقد تفكر بالانفصال كليا اذا تم سحب الثقة من المالكي .
4. كما ان انعقاد محكمة الجنايات لمحاكمة طارق الهاشمي غيابيا سيعقد الوضع ويزيد الاحتقان بين العراقية التي ينتمي اليها الهاشمي وبين دولة القانون الحاكمة الان .
ان سحب الثقة من المالكي ان حصل لن يمر سلسا او سهلا ,لانه يعلم انه اذا تم سحب الثقة منه فسوف تفتح عشرات الملفات التي ستقدمه الى المحاكم كما قدم الهاشمي اليها من قبل .ومنها قضايا الفساد السياسي والمالي والامني . وعليه نتوقع ان يقود المالكي انقلابا عسكريا على اعوانه في العملية السياسية , وقد تدعمه كل من الولايات المتحدة وايران . (31/5/2012)
التعليقات (0)