مواضيع اليوم

هل يصلح أوباما ما أفـسدتــه الرأسمالية؟

هل يصلح أوباما ما أفسدته الرأسمالية؟

إذا كان جورج بوش الصغير هو أشهر مُـتَـبَـلِّمْ في تاريخ الرؤساء ‏الأمريكان فإن خلفه باراك حسين هو الأشهر فصاحةً دون سواه قاطبة ...... ‏وهو يعتمد على فصاحته دائما في بث الروح المعنوية والنفخ على القرب ‏المقطوعة ومواساة الواقع المرير ودغدغة المشاعر الوطنية وتحسين الرؤيا ‏في عالم أحلام العصافير ..... ‏

وكما جاء إلى الرئاسة وقفز إلى البيت الأبيض عبر خطبه المؤثرة المخدرة ‏ووعوده البراقة بالتغيير .. هاهو يمضي قدما في بث الروح بالنفخ على بطن ‏الميت وأعني بذلك زعمه اليوم أنه يضع خططا لإصلاح النظام المالي في ‏داخل الولايات المتحدة على نحو خاص ... وهو بذلك يعلن عن فشله صراحة ‏قبل أن يبدأ في الشروع بهذه الاصلاحات التي ما عادت تجدي وحيث لن ‏يصلح العطار ما أفسده الدهر. والولايات المتحدة ابتداء ليست جزيرة معزولة ‏عن بقية العالم بل هي مكون ورافد رئيسي له .. وطالما بقيت المشكلة عالمية ‏فلابد لها من علاج عالمي جماعي وليس أحادي. ‏

بالأمس سقط النظام الشيوعي والاشتراكي لأنه لم يكن نظاما واقعيا يلبي ‏طموحات الفرد الخاصة وجعل من الأغلبية العظمى مجرد عالة على العامل ‏المنتج وأدوات الإنتاج فكان أن تراكم عدد الموظفين والإداريين والكتبة ‏واللاحظين والسعاة ورجال الأمن والوزراء والوكلاء دون فائدة او حاجة لهم ‏تذكر فبات النظام الاقتصادي باكمله يئن من وطأة قلة الانتاج ومن ثقل وزن ‏أشباء العاطلين في الخدمة المدنية والنظامية من شرطة وعسكر وأمن دولة ‏وبالتالي كان لابد ان يكون الناتج اقل من الطلب.‏
وأما النظام الرأسمالي الذي هلل أصحابه ومريديه بعد إعلان فشل النظام ‏الاشتراكي ... فها هو الآخر يترنح ويكاد يهوي على عروشه وأم رأسه هو ‏الآخر وكأنه كان في حقيقته عالة على النظام الاشتراكي دون أن يدري ‏كلاهما بذلك .

والآن تلجا الولايات المتحدة لحل الأزمة المالية عبر حقن ديناصوراتها ‏الانتاجية ومعابدها المالية باموال دافعي الضرائب من أبناء الشعب متناسية ‏أن الاقتصاد عجلة دائرة وحلقة كاملة الاستدارة لا يمكن بأية حال من الأحوال ‏فصل أجزائها عن بعضها .. وأن تجيير أموال الدولة لإنقاذ البنوك والشركات ‏المفلسة هو في حقيقة الأمر حرمان لقطاعات أخرى وتكريس للروتين وفساد ‏القطاع العام الإداري والمالي وتدهور جودة الإنتاج والنوعية .....‏
ثم أن زيادة الانفاق الحكومي في تشييد وصيانة البنى التحتية لا يفيد شيئا في ‏هذه المرحلة سوى زيادة الدين العام .. وأن الأجدر عند الرغبة في الصرف ‏على صيانة وتشييد البنى التحتية هو النظر إلى مدى الاستفادة الحقيقية التي ‏تنشا من ذلك في شكل مصانع ومراكز انتاج جدية تضيف للاقتصاد لا ان ‏تصبح عبئا عليه......

إن خطورة الفكرة التي يبني عليها اوباما حلوله هي ‏في أنها لا تستفيد من اخطاء الماضي بل تسير في نفس خطاه .. فأوباما يعتقد ‏ان زيادة الانفاق الحكومي على البنى التحتية يعني خلق مزيد من فرص ‏العمل وبالتالي منح رواتب وتوافر نقود في يد المستهلك ليستهلك ويستهلك ‏ويستهلك المزيد فتدور عجلة الانتاج في مصانع السيارات والأثاث والأطعمة ‏والعقارات السكنية وكافة قطاعات الانتاج الاستهلاكي وتنتعش البنوك عبر ‏اقراض المستهلك لمزيد من الأموال لمزيد من الانفاق الجائر والخطر على ‏الفرد والأسرة .. ثم ماذا في النهاية ؟؟؟ ستبدأ حالات من الانتعاش تظهر في ‏البداية ثم يكون السقوط الكبير والافلاس العام حتما .... لأنه وببساطة لا ‏يمكن باية حال من الأحوال معالجة الواقع المرير عبر انتهاج طرق ‏المستحيل.‏
إن الأزمة المالية هي في حقيقتها كانت محصلة نهائية والجزء الأخير من ‏النفق المظلم الضيق الذي قادتنا إليه فلسفة الراسمالية الحمقاء التي باتت ‏تشجع المستهلك على صرف ما في الجيب انتظار لما سيأتيه من رحم الغيب ‏‏... كان الشعار في الولايات المتحدة هو انفق ... أصرف .. أصرف .. أصرف ‏‏.. في كل شيء حتى لو تجاوز معدل الصرف راتبك الشهري أو عموم دخلك ‏فلا مانع .. يمكنك الاقتراض بسهولة والتسديد فيما بعد بشرط تحويل راتبك ‏على البنك ونظير دفع فوائد بسيطة كما تبدو من الوهلة الأولى .. لكنها وبعد ‏أن تضاف لمجملها رسوم خدمات اخرى من تأمين على الحياة وبطاقات ‏وتجديد ومصاريف إدارية .. إلخ يفاجأ المستهلك المتعامل بالبطاقات ‏الائتمانية والقروض التي تمنح له بأن عبء الفوائد قد يماثل المبلغ الأصلي ‏الذي استدانه .... أو بما يعني ببساطة تطبيق حرفي لمخاطر "أكل الربا ‏أضعافا مضاعفة" .‏

وعلى هذا النسق سارع المستهلك الأمريكي والرأسمالي بوجه عام في ‏الماضي لشراء البيوت السكنية والسيارات والمفروشات والأثاث والمعدات ‏الكهربائية والألكترونية والسفر بغرض السياحة ...إلخ عن طريق الاقتراض ‏من البنوك ثم فوجيء بانه لايستطيع ان يسدد ما عليه من دفعات شهرية حتى ‏لو استغنى عن الأكل والشرب وباع ملابسه وزوجته وأبنائه وأمه وابيه ‏وأجداده ....‏

إذن تبدو الأزمة المالية ببساطة وبوجهها الكالح في أن المستهلك في النظام ‏الراسمالي بات يستهلك أكثر مما يملك وهذا هو مربط الفرس ...... وكل ذلك ‏سببه تفشي الربا وأكله أضعافا مضاعفة ...... خاصة بعد ان اكتشفت البنوك ‏خلال فترة التسعينيات من القرن الماضي أن تمويل الاستهلاك الشخصي ‏للأفراد هو الأكثر ربحية ومجالا للاستغلال .. فمضت سادرة وتوسعت في ‏الإقراض الشخصي الاستهلاكي . ولكن ما لبث ان ارتد السهم القاتل إلى ‏نحرها حين وجد المستهلك المقترض نفسه ما بين عشية وضحاها جالسا ‏على البلاطة ولم يعد كل ما يمتلكه لو تم بيعه في مزاد علني يكفي لسداد ما ‏عليه من ديون.

حبذا لو غاص باراك حسين في عمق دين أجداده المسلمين وخرج للأمريكان ‏بنظام إقتصادي إسلامي على "الوجه الصحيح" بعيدا عن الاعيب بعض ‏البنوك الاسلامية هي الأخرى العاملة تحت ستار الدين في بلادنا....... فهل تحدث المعجزة ويرضى عنا اليهود والنصارى دون ان نتبع ملتهم؟؟؟ المل بالطبع يكاد يكون معدوما على المستوى الحكومي الرسمي ولكنه ليس مستبعدا على مستوى القطاع الخاص. ‏
‏.....‏
مصعب الهلالي
‏17/6/2009




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات