الموسيقى والقرآن عنوان مرفوض في شكله مرفوض في مؤداه لأن الجمع بين القرآن والموسيقى في عنوان واحد دليل علي الاستهانة بجلال القرآن وجرأة لمن يربط تلاوة القرآن بما يسمى المقامات الموسيقية ويخضع التلاوة لقواعد الطرب والغناء. وقد يعترض البعض علي هذا الفهم معتبرا تلاوة القرآن بالصوت الجميل واجب وإخضاع التلاوة لقواعد فنية نوع من الإتقان والحرفة. إن قدسية القرآن واحترامه يستوجب الخشوع والجدية ويفرض علي القارئ البعد عن التطريب والغناء وترقيق الصوت وهزهزته بصورة تخرج السامع إلي فضاء الطرب والبعد عن تدبر الآيات. وليس لهذا أنزل القرآن. وقد سمعت عالما من علماء القراءة حاز علي احترامي وتقديري يبين كيف يضطر القارئ لمخالفة قواعد القراءة وأحكام التلاوة حتى يضبط الإيقاع والتطريب ليكون مطابقا لقواعد الموسيقى ليشد أذن السامع ويبلغ بذلك إشباع الأذن والنفس تماما كما يفعل الطرب والغناء. وقد بين كيف يتجاوب السامع مع النسق الموسيقي للقراءة ودليله الاستحسان للصوت والألحان ولو كانت الآيات في العذاب أو تحكي عن جهنم. إن الخشوع المطلوب في الاستماع والقراءة وتدبر الآيات هو المطلوب من القراءة والاستماع لتتصل الروح بعلوية وسمو المعني وكمال الإعجاز, وإذكاء الشعور بالرجاء عند آيات الرحمة واستحضار الرعب والخوف من العقاب علي الذنوب عند آيات الزجر والوعيد. إن الحكمة التي يتعلمها المسلم من القرآن, وبلوغ صفاء الروح, وتعديل عوج النفس إلي استقامتها, لا يكون إلا مع الإنصات والتفكير العميق والمستغرق في معنى الآية وليس في الانصراف عن ذلك بتتبع اللحن والأداء. ويجب علي القارئ أن ينشغل بتقديم التلاوة علي الوجه الصحيح الذي تناقلته الألسنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ينصرف إلي استجداء الاستحسان علي صوته وأدائه كما أن انفعال القارئ مع المعني المطلوب من الآية يوصلها إلي عقل وقلب السامع في يسر خاصة إذا خرجت القراءة من قلب القارئ وليس من حنجرته. وعلي كل حال فلسنا في مجال المراء والجدال بين من يؤيد ومن يعترض وسنوافق علي الرأيين إذا كان كل من الفريقين يستمتع بالقرآن بالطريقة التي يفضل فالحكم لله العليم في كل حال وهو الذي يعلم ما تخفي الصدور.
التعليقات (0)