هل يسحب بوتين البساط من تحت الاسد ؟
بقلم د .محسن الصفار
جاء قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسحب الجزء الاكبر من القوات الروسية المتواجدة على الاراضي السورية وبأثر فوري مفاجأ لجميع الاطراف الدولية والاقليمية المعنية بالقضية بالسورية لا بل ويبدو ان النظام السوري نفسه قد تفاجأ بهذا القرار .
وتفاوتت ردود الافعال تجاه هذا القرار بين مرحب به وبين متحفظ وبين من يقلل من اهميته على اساس ان روسيا لن تسحب كامل قواتها بل جزء منها فقط وانها ستبقى على بطاريات صواريخ اس 400 وعلى عدد من المقاتلات وقاذفات القنابل والطائرات المروحية في قاعدتها في منطقة اللاذقية .
ولكن السؤال الاهم الذي يراود الجميع هو عن سبب هذا القرار المفاجئ ودوافعه وللاجابة على هذا السؤال يجب اخذ عدة عوامل بنظر الاعتبار لعل اهمها ان روسيا لا تريد ان تنغمس في الحرب السورية حتى العنق وان تدخلها هو لدعم مصالحها في المنطقة في الدرجة الاولى وليس الحفاظ على نظام بشار الاسد وهو ما تحقق بالفعل حيث ابرزت روسيا نفسها كطرف قوى في المعادلة السورية قادر على ان يغير موازين القوى ولو جزئيا وهي الرسالة الى ارادت روسيا ايصالها للغرب قبل ان يفكر في اي مغامرات عسكرية في اوكرانيا او شبه جزيرة القرم على سبيل المثال ولذلك قررت الانسحاب وهي في اوج قدرتها والنجاحات التي حققتها .
السبب الثاني هو ان روسيا حشدت كما هائلا من الطائرات الحربية في سوريا يتجاوز بكثير حاجتها للعمليات التي تقوم بها نظرا لانها كانت تتوقع حصول حرب اقليمية وتدخل بري تركي في سوريا لفرض منطقة عازلة كما كانت تركيا تخطط وتصرح , ولكن الانفراجات الحاصلة الغت فكرة مثل هذه النوع من العمليات وبالتالي لم تعد هناك حاجة لمعظم هذه القوات .
ولعل الفاتورة الباهضة للعمليات الروسية في سوريا في ظل الاوضاع الاقتصادية المتدهورة الناجمة عن انخفاض اسعار النفط هي عامل اخر ادى الى تسريع الانسحاب الروسي من سوريا .
كما ان مباحثات السلام بين المعارضة السورية والنظام التي تجري في جنيف برعاية روسية امريكية تعتبر عاملا محفزا للانسحاب الروسي كنوع من بوادر اظهار حسن النوايا لتخفيف التوتر العسكري واعطاء الحوار فرصة فعلية للتوصل الى حل للازمة السورية بعد ست سنوات احرقت الاخضر واليابس وافرزت كانتونات ارهابية تهدد مصالح الغرب واوجدت موجة نزوح ولجوء الى اوروبا لاسابقة لها في التاريخ المعاصر وبالتالي فأن القوى الدولية اصبحت معنية بشكل مباشر في اطفاء الحريق السوري الذي بدأت السنة لهبه تطال بيوتهم بشكل متزايد يهدد بالخطر يوما بعد يوم .
كل الاحتمالات التي سبق ذكرها لاتنفي احتمال وجود صفقة تحت الطاولة بين روسيا وامريكا لنوع من تبادل المصالح قد تظهر على السطح قريبا وفي كل الاحوال فأن الانسحاب الروسي في هذه المرحلة التي توقفت فيه العمليات العسكرية يبدو غير مؤثرا على واقع الارض وسنبقى بانتظار ما تفرزه المباحثات بين النظام والمعارضة في جنيف لنعرف ان كانت الحرب السورية قد انتهت ام انها مجرد استراحة محاربين وسيعود كلا الطرفين الى جولة جديدة من القتال .
التعليقات (0)