مصعب الهلالي:
هل يحقق أوباما نسبة ألـ 99.9%
خلال زيارته العربية ؟
واضح الان ومن خلال جدول أعمال زيارة "أوباما حسين" إلى المنطقة العربية أن لا قدرة للولايات المتحدة في الضغط على إسرائيل وفق النحو الذي يتصوره أو يحلم به العرب ....... وعلى العكس من كل ذلك يتضح جليا ان 75% من أجندة جدول زيارة اوباما هو مطابق لمطالب وطموحات واحلام نتنياهو التي جاء يحملها سابقا إلى مبارك في شرم الشيخ وطار بها إلى اوباما في الولايات المتحدة .......
أوباما مثلا يريد من المملكة العربية السعودية (مهبط الوحي) وشقيقاتها من دول " الجذور" العربية في شبه جزيرة العرب أن تعترف ولو شكليا بالدولة العبرية الغير شرعية ووثائقها الرسمية عبر تبادل زيارات ومنح تاشيرات دخول لمسئولين ورعايا يهود يحملون جوازات سفر إسرائيلية ..... .. وبالطبع لا يأمل أحد أن يفد حملة الجوازات الاسرائيلية إلى السعودية بهدف السياحة الدينية وإنما قطعا لأهداف تجارية ومخابراتية وتحقيق مكاسب من مشاريع اقتصادية غير مضمونة العواقب . هذا بالإضافة إلى جيوش هاجاناتها واستخباراتها وموسادها وشين بيتها .....
وجميع ذلك أو بعضه يعني في النهاية تحقيق حلم نتنياهو في التطبيع العربي الاسرائيلي الكامل "مجانا" قبل الجلوس .... مجرد الجلوس إلى طاولة مفاوضات غير مضمونة النتائج لا يعلم سوى الله مداها الزمني وشروطها التعجيزية وتغييباتها وإقصاءاتها للعديد من الفعاليات المشاركة في حزمة النضال العربي والفلسطيني.
ولا يغيب عن الذهن أن نتنياهو قد حرص هذه المرة على المطالبة وبدم بارد أن يجري تكريس هذا التطبيع العربي الاسرائيلي الرسمي من خلال قرار جماعي أو بأغلبية الدول الاعضاء في الجامعة العربية وبحيث يعني في النهاية صدور قرار بذلك من مؤتمر قمة عربي ..... وبما يعني عمليا إلغاء المبادرة العربية أو وضعها على الرف وسط رطوبة وظلام مخازن الأرشيف.
إذن يروج أوباما هنا لأحلام يقظة نتنياهو دون أن تتخلى إسرائيل في المقابل عن شبر واحد من الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة أو تبذل وعدا بذلك وغاية ما ستفعله هو إزالة بعض حاويات قمامة وصناديق خشبية ومراحيض مؤقتة من فوق بعض المستوطنات العشوائية ريثما يتم الحصول على تصديق رسمي ببنائها ورصد ميزانية حكومية لتوفير جوانب الحماية الأمنية لقطعانها من المستوطنين ومدها بالخدمات من طرق وماء وكهرباء وصرف صحي ..... ويا بلاش.
كذلك يريد أوباما من العرب المجاهرة بموقف أكثر تشددا وعدائية تجاه إيران يضاهي الموقف الإسرائيلي وبما يعني في النهاية دخول العرب في حلف عسكري سياسي استراتيجي مع الولايات المتحدة وإسرائيل ضد إيران وإجهاض كل طروحات طهران القائلة بأن سلاحها النووي المرتقب هو خنجر في خاصرة إسرائيل الأمر الذي يعني في النهاية سحب بساط التعاطف الشعبي العربي والإسلامي الذي يصب في مصلحة إيران..... أو بما يعني أن يسمح العرب لإسرائيل بالنوم الهادي في خاصرتهم وعلى حسابهم مكابدين في سبيل ذلك أمر رعايتها والسهر على راحتها ونش الذباب عن وجهها.
ولا شك ان حزب الله وحركة حماس سينالهما من الحظ جانب كبير طالما كانت إيران مطروحة على بساط البحث ، فإيران لم تعد وحدها في المنطقة العربية بعد أن افلحت هي الأخرى في استغلال التراخي وحالة اليأس الشعبي والاختلاف العربي – العربي لتكريس تغلغلها في داخل عقل وشرايين واعصاب الأمة العربية.....
المدهش والمثير للأمر أن الولايات المتحدة لا تهتم كثيرا بأمر احتلال إيران لجزر عربية تابعة لدولة الامارات العربية (طنب الكبرى وطنب الصغرى) ولا ترى في ذلك اعتداء .. كما لا تهتم ايضا بنفوذ وتواجد إيران الحقيقي في داخل العراق وتدخلها السافر في شئونه .. ولكنها في مقابل ذلك لا يهدأ لها بال ولا تنام عندما يتعلق الأمر بمجرد (إحتمال) أو (إمكانية) تهديد إيران لأمن وسلامة إسرائيل سواء أكان مقاوماً من جنوب لبنان أو كان ذلك من باب التهويش والفرضيات الغير منطقية بإطلاق صواريخ "عابرة للبلدان" من داخل الأراضي الإيرانية ....
تبقت بعد ذلك نسبة 25% من أجندة زيارة أوباما للمنطقة العربية .. وحيث نرى ان 15% منها سيكون متعلقا بالحصول على الدعم العربي للولايات المتحدة في أفغانستان والعراق فلاشك أن السياحة والتجوال في سفح الهرم وتحت سمع وبصر أبو الهول قد تكفلت بتحقيق نسبة الـ 9.9 % المتبقية من جملة ألـ 99.9% من جدول أعمال زيارة أوباما الناجحة سلفا بالطبع إلى المنطقة العربية. ..
وربما تكون النقطة الايجابية الوحيدة الأبرز في "النصر العربي المؤزر" الذي تحقق من زيارة أوباما للمنطقة هو زيارته المرتقبة إلى قلعة القائد الإسلامي العراقي الأصل صلاح الدين الأيوبي في القاهرة مما يعد إشارة إلى اعتراف الولايات المتحدة بفشل حربها في العراق وبفشل الحرب الصليبية التي حاول المحافظون الجدد خلف قناع بوش الصغير شنها على المنطقة بالإضافة إلى ارتباط صلاح الدين الأيوبي بتحرير التراب العربي والقدس الشريف من دنس الصليبية .... إنها لفتة بارعة من القائمين على الأمر في القاهرة ويستحقون الإشادة ... ولاندري كيف طافت هذه المعاني والقراءات من غربال الخبث اليهودي ؟؟؟ .. ربما لم تغفل عنها الدوائر الصهيونية والصليبية الأصولية العالمية ولكن أوباما حسين بقي حريصا على إبراز وجهه المسلم المخفي ووجد فيها تعبير رمزي عن حالة تأنيب الضمير الذي لحق بالذهنية الأمريكية المثقفة والواعية جراء الظلم الفادح والتخريب المتعمد الذي أوقعه المحافظون الجدد بالمنطقة العربية خلال السنوات الماضية.
التعليقات (0)