يتشدق بعض المتدينين وخصوصا ممن حصلوا على شهادات دراسية، ان الدين الاسلامي لا يتعراض مع العلم! ويستشهدون لنا بالآية العشرين من سورة العنكبوت والتي تقول: (قل سيروا في الارض فانظروا كيف بدا الخلق ثم الله ينشئ النشاة الاخرة ان الله على كل شيء قدير). يقولون ان هذا هو اكبر دليل على ان الاله لا يمنع الناس من التعلم، بل ان البحث العلمي هو احد الامور التي يحث عليها الدين الاسلامي!
هذا الكلام طبعا يستطيعون ان يخدعوا فيه انفسهم فقط ولكنهم لا يستطيعون ان يمرروه على من اختار العلم طريقا. الاله على لسان القرآن، هو الذي يحدد للناس طريقة التفكير، وهذه الطريقة حددها بالسؤال بـ (كيف؟)
يقول عالم الفيزياء الشهير ستيفن هوكينج في كتابه الاخير "التصميم الكبير":
لفهم الكون بالمستوى الاعمق، لانحتاج ان نعرف (كيف) يتصرف الكون فقط، ولكن (لماذا).
لماذا هناك شيء بدل لا شيء؟
لماذا نحن موجودون؟
لماذا هذه المجموعة الخاصة من القوانين وليست غيرها؟ انتهى
فالانسان الذي يطلب العلم عليه ان يسأل (لماذا؟) وليس (كيف؟) فقط، لان السؤال بـ (لماذا؟) اعمق واوسع وافضل.
فهذه الاية لا تدعو الى البحث او انها تدعو الى بحث علمي منقوص، بحث لا يخرج عن الصيغة التي وضعت الاديان معتنقيها فيها، وهي صيغة البقاء تحت دائرة الاله وعدم الخروج منها ابدا، فالاسئلة المسموحة في الاسلام هي اسئلة من نوعية (كيف؟) فقط.
وحتى عندما يكون السؤال بصيغة لماذا، ياتيه الجوب بصيغة (كيف؟)
ففي الاية 189 من سورة البقرة (يسالونك عن الاهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بان تاتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى واتوا البيوت من ابوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون )، فالسؤال هنا هو: (لماذا تكون الاهلة هكذا، محاق ثم هلال ثم بدر فهلال فمحاق؟)، هذا السؤال هو سؤال علمي، لم ينتظر السائل ان يكون الجواب فيه بهذا الشكل، لان الجميع يعلم ان الاهلة هي مواقيت للناس والحج ولا يحتاج هكذا سؤال لاله.
وكذلك الاية الاولى من سورة الانفال: (يسالونك عن الانفال قل الانفال لله والرسول فاتقوا الله واصلحوا ذات بينكم واطيعوا الله ورسوله ان كنتم مؤمنين)، كان غرض السائل هنا: لماذا تقسم الانفال بهذا الشكل "غير العادل"؟ ولكن لم يات الجواب، جوابا على السؤال.
واخيرا وليس آخرا، حدد لهم القرآن طريقة السؤال حسب ما جاء في الآية 101 من سورة المائدة (يا ايها الذين امنوا لا تسالوا عن اشياء ان تبد لكم تسؤكم وان تسالوا عنها حين ينزل القران تبد لكم عفا الله عنها والله غفور حليم)
فالسؤال فقط في الاشياء التي تسر ولا يجوز السؤال عن الاشياء التي لا تسر!
ولكن هذا يتعارض مع المنهج العلمي، فالسؤال يجب ان ياتي دائما ودون توقف ولا يهم ان كان الجواب ايجابيا ام سلبيا.
هل مازال المؤمنون مصرين على ان الدين لا يتعارض مع العلم؟
التعليقات (0)