هل يتشمس الطغاة المخلوعون على البحر الأحمر ؟! إبراهيم أبو عواد جريدة القدس العربي لندن ، 19 /2/ 2011م .
يبدو أن منطقة البحر الأحمر صارت مقراً لانعقاد القمة العربية ، ولكن هذه القمة من نوع خاص فهي ملتقى الحكام المخلوعين الذين تم إخراجهم وهم يجرون أذيال الخيبة والحسرة. فالرئيس التونسي المخلوع هرب إلى جدة ( وهي عروس البحر الأحمر ) ، والرئيس المصري المخلوع هرب إلى شرم الشيخ ( أكبر منتجعات البحر الأحمر ) । وكأن هناك اتفاقاً ضمنياً على قضاء سنوات الذل أمام البحر । ربما كنوع من النقاهة والاستجمام ، ومحاولة نسيان الجرائم التي ارتكبها هؤلاء الطغاة . ولكن السؤال الذي يطرح نفسه : كيف يقضي هؤلاء القادة الفاتحون أيامهم ؟! . هل يتشمسون على الشاطئ مع استخدام مستحضرات التجميل لحفظ لون البشرة وحراستها من التجاعيد ، أم يشكون للبحر عدم وفاء الشعب الذي لم يُقدِّر حكمة السيد الرئيس وتضحياته الجسيمة وعبقريته السياسية ودوره المحوري في تحرير فلسطين والأندلس ! . وهل هناك وقت لصبغ الشعر لكي يبدوَ الزعيم العجوز في قمة الشباب والعنفوان والتألق كنجوم السينما ؟ . بالتأكيد سوف يجدون وقت فراغ كبيراً ، فلا توجد مؤتمرات لمكافحة " الإرهاب " وحفظ حقوق الإنسان والتنمية البشرية والدفاع عن حقوق الشعب ، ولا توجد وسائل إعلام من أجل التقاط الصور التذكارية والتطبيل والتزمير لهؤلاء الأصنام ، ولن يُسمَح لهم بعد الآن بدخول البيت الأبيض أو دعوتهم لإلقاء الكلمات المؤثرة في الأمم المتحدة . ولن يتمكنوا من زيادة أرصدتهم البنكية عبر نهب البلاد والعباد ! . أما السيدة الأولى فلن تقدر _ بعد الآن _ على رعاية المؤتمرات وإقامة الاحتفالات على شرفها والإدلاء بالتصريحات العبقرية الداعمة لحقوق المرأة وتحررها ومشاركتها في الحياة السياسية . وبالطبع سوف تصبح النساء يتيمات ووحيدات بعد هروب السيدة الأولى رائدة الحركة النسائية وصانعة أمجاد المرأة العربية مع زوجها القائد الرمز ! . وهؤلاء الجنرالات الذين رفضتهم شعوبهم ينبغي أن يعلموا أن دخول قاعة الحكم ليس كالخروج منها . فلا يكفي أن يُطرَد الزعماء المخلوعون إلى تلك المنطقة أو غيرها . بل يجب محاكمتهم واسترداد كافة الممتلكات التي استولوا عليها، وإعادتها إلى خزينة الدولة الجديدة المولودة للتو ، وذلك لصناعة مجتمع العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية ، وتقديم كامل الدعم المعنوي والمادي لأفراد الشعب من أجل تحقيق رفاهيتهم وعيشهم في مستوى كريم يليق بهم . فالثورةُ التي قدمت التضحيات الجسيمة لم تكن تهدف إلى إرسال الحكام إلى الشطآن لكي يتشمسوا أو يعيشوا مراهقتهم المتأخرة . وإنما كانت ترمي إلى إحقاق الحق وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح عبر محاكمة المسؤولين الذين خانوا الأمانة ، وإعادة الشرعية إلى الشعب القادر على اختيار من يحكمه أو خلعه بمنتهى الحرية والسلاسة ودون ضغط من أحد . إن الشعوب التي ترفض أن تعيش كقطيع الغنم هي شرارة النهضة والعنفوان والتقدم ، وقد عرفت طريقها الذي لا رجعة عنه ، وهو طريق البناء الحضاري وصناعة الإنسان في بيئة الكرامة والحرية والإبداع . وإذا عاد القطار إلى السكة سوف يمضي بأقصى سرعة إلى وجهته دون انحراف أو تردد .
http://ibrahimabuawwad.blogspot.com/
التعليقات (0)