هل ننفخ برماد مابه نار

(قطرة في بحر)

أصابني اليأس، ولولا الحرقة والألم ما تابعت الشأن الفلسطيني التعيس

الذي دخل في مأزق مدروس بعناية، أنتجته الحروب والسياسية

والعسكرية والاقتصادية والديموغرافيةالجغرافية الإسرائيلية المعلنة على

الضفةوغزة. وجاء دور الدينية والاجتماعية ـ يهودية الكيان ـ وبالتعنت

والتنصل من كل اتفاقات السلام، وفي إعلان صريح بعدم رغبة دولة إسرائيل 
السلام، وبعد أن زرعت جرثومة الخلافات في الجرح الفلسطيني المفتوح بفضل تلكالحروب، ساعدها تفاقم الخلافات العربية، والتهاب الجرح بتلك

الجرثومة بأسرع مما تخيلوه، خلاف المماطلة بخرائط

الطريق. فسلامنا لا يحتاجونه ولا يسعون إليه، بقدر ما يحتاجون

للأراضي بشق الصف الفلسطيني، ووأد دولته في مهدها، وقد نجحوا،

فغداالنظام الفلسطيني بمجمله في مأزق، وأمنه القومي في خطر، ومع كل

انتخابات في دولة إسرائيل أو في غيرها، ننتظر كعرب بشغف لتصريحات

السلام ورغبتهم فيه، وكأننا لم نع كل الرسائل التي تقول بوضوح نحن

في واد غير واديكم وطريقنا غير طريقكم، أهدافنا غير أهدافكم،

وفكرنا غير فكركم.بالمستوطنات نخلق واقعا (قد) يكتسب شرعية بين

ليلة وضحاها من أصدقائنا، نغير معه قواعد اللعبة الجيوسياسية،

وهذا نهج وهدف كل حكوماتنا، نعمل له بلا كلل، والدور الآن على تهجير

عرب 48، أما خياركم الوحيد (المبادرات وبنودها الواضحة)، فليس

هذا وقتها لأنها ستلزمنا بما لا نريده الآن، هذا فعلهم وقولهم، وأكد

ذلك نتانياهو في تصريحاته، ولا أنا غلطان؟

أم هناك فجوة في المفهوم،
 
أيدت قمم الجامعة المتكررة حق الشعب الفلسطيني في مقاومته للعدوان، وحملت

إسرائيل كل المسؤولية، فلم تأت بجديد، تحدثت عن مبادرة الملك عبدالله لكنها لم

تعلن إلى متى ستظل من السنوات حبيسة الا، وماذا بعدها؟

هل نحن ننفخ في الرماد، أم متأكدون لدرجة لا توصف، بأننا سنحصد

وقتهم وتعبهم وجهدهم وأموالهم التي صرفت على المستوطنات ليتنعم بها

الفلسطيني دون اليهودي، وحتى الرماد لا توجد تحته نار، فتحت أية

استراتيجية ستقبل إسرائيل بالمبادرة؟ وكل الخطابات في قمة الدوحة

تحدثت عن الانسحاب من الأراضي المحتلة عام1967، والاستيطان مستمر على

تلك الأراضي!

ماالبديل في حال لم ترد إسرائيل على المبادرة بحوافزها الوفيرة، ما

أوراق الضغط البديلة، دعم المقاومة، وقطع العلاقات، أم تفعيل

المقاطعة التجارية؟ لا نعرف! ما استراتيجيتنا إذا شنت عدوتنا حربا

جديدة، فحتما لن تكون حرب غزة آخر الحروب؟ لا نعرف!

لست مع المبادرة للأبد، لكن الأيام تمر والاستيطان مستمر والقمة لم

تتحدث عما بعد المبادرة والاستيطان. لذلك أعتقد أننا أمام مأزق

كبير طالما حصرنا نفسنا في خط واحد، وللتاريخ فنحن أمام مفترق إما
نكون أو لا نكون.