كتبت في مارس الماضي وتأكدت توقعات وصول الأخوان المسلمين في مصر الى الحكم قبل الانتخابات ونظرا للاحداث اليوم في غزة أعيد هذا التعليق للنشر لانني توقعت حدوث ما يحدث الأن .
انا من جيل الذي عايش قضية فلسطين منذ الثلاتينات وكنا في العهد الأيطالي نسترق السمع إلى الاذاعات العربية لنسمع أخبارها ، ومنذ ذلك التاريخ ونحن نعيش قضية فلسطين حتى نسينا حالنا المزري الذي كنا نعيشه . وأذكر سنة 1948 عند قيام العصابات الأسرائلية بأحتلال فلسطين ودخول الجيوش العربية لتحرريها أن قام عدد كبير من المواطنين في مصراتة بالتطوع . وكان توديع متطوعي مصراتة لفلسطين يوما مذكورا وكنا نجري وراء ركب السيارات الباسات حاملة مئات المتطوعين وهي تبتعد عنا ونحن نهتف فلسطين عربية. وأستمرت القضية الفلسطنية تحتل الصدارة في حياتنا اليومبة منذ ذلك التاريخ وفجرت الأنقلابات السورية وثور 23 يوليو وانقلابات السودان والعراق واليمن ، وكنا نتتبع أخبارها وأهوالها بشكل يومي . واليوم لا نسمع عن فلسطين سوى الأعتداءات الأسرائلية من الاذاعات الأجنبية وسقوط الضحايا بالعشرات في قطاع غزة والأرض المحتلة . ولا عربي منا يحرك ساكنا ، تاركين أمرها لسكانها الفلسطنيين المغلوبين على أمرهم والمنقسمين على أنفسهم بتشجيع من بعض العرب . لقد ألهتنا الثورات العربية المتعترة بسبب خلافاتنا وأطماعنا وحبنا للسلطة وإهتمامنا بفلوس النفط وتخم النعم عن الأهتمام بالقضية الفلسطنية .
فلسطين كان لها الفضل الأول في وصول العسكر إلى الحكم كما لها الفضل الوحيدد لنمو حركة الأخوان المسلمين في العالم العربي . ولولا فلسطين لأخذ التطور الديمقراطي والتطور الأقتصادي في البلاد العربية الطريق الطبيعي الذي إتبعته الدول الأخرى . فالعسكر رغم إنهم حاولوا مساعدة الفلسطنيين بدخولهم في حروب خاسرة إلا أنهم في النهاية سلكوا سلوك الساسة التقليديين من قبلهم وهو سلوك النعامة بأخفاء رؤسهم في الرمال حتى لا يروا ما تفعله إسرائيل بأخوانهم الفلسطنيين وحتى لا تراهم شعوبهم، وأنصرفوا الى خدمة مصالحهم وتعبئة جيوبهم وتوريث أبنائهم الحكم من بعدهم وكفى الله المؤمنين شر القتال .، وكان الله في عون الفلسطنيين . ولكن العسكر كالنعامة نسوا أن الشعوب تراهم وتقيم أعمالهم وتتربص بهم حتى حانت الفرصة لانقضاض الشعوب العربية عليهم دون رحمة . أما الأخوان المسلمون فعذرهم إنهم لم يستطيعوا عمل شئ لأخوانهم الفلسطنيين لأن العسكر منعهم من إنشاء أحزاب سياسية والوصول إلى الحكم لتحرير فلسطين . وأستمرت الشعوب العربية الاسلامية في تأييد الاخوان المسلمين والألتحاق بركبهم عسى أن ما يقولونه فيه نوع من الأمل لتحرير فلسطين . وقد حانت الفرصة للأخوان المسلمين بثورة الشعوب االعربية على العسكر ورغم محاولتهم الأبتعاد عن الجماهير التائرة أثناء هبتها حذرا من بطش العسكر كما عملوا معهم مرات عديدة كلما حولوا التسرب الى السلطة خلسة . إلا أنه ما أن ظهرت طلائع إنتصار الشعوب على العسكر حتى بادروا إلى لبس عباءة الثوار والقفز إلى منصة حكم البلاد التي حررت من الحكام العسكر القمعيين . وقد حصل ذلك في مصر وتونس رغم أن الجو لم يخلو لهم ، فبقايا العسكر لا زالوا لهم بالمرصاد ، ومن المحتمل أن يحصل في ليبيا ما حصل في تونس ومصر . وهنا وجد الأخوان المسلمون في مطب لا يعرفو ن وسيلة للخروج منه . فهم يعرفون أن الشعوب العربية لم تختارهم للحكم من أجل فرض الشريعة الأسلامية ونشر الحجاب وزواج الرجال بأربع نساء واطلاق حرياتهم في الطلاق وإطلاق اللحى حتى الركبين ، وإنما إختيرو ا من أجل هدف واحد وهو تحرير فلسطين من البحر للنهر وخوض حروب الجهاد من اجلها وهو هدف يعلو فوق تطبيق الشريعة الأسلامية وتعاليم الأسلام السمحة كما تعلوا أهداف الحرية والديمقراطية ومحاربة الفساد وجمع الفلوس. ولم يعد أمام الاخوان المسلمين خيار سوى سلوك العسكر وفرض حكم الفرد الخليفة الدكتاتوري ونسيان فلسطين والأنفراد بالحكم والأستمرار فيه حتى يكتب الله أمرا كان مفعولا . لان الخيار الثاني لهم هو الوقوف في وجه إسرائيل وتوسعها وتحرير الأرض الفلسطنية المغتصبة بل حتى تحريرها من البحر إلى البحر . وقادة الأخوان ليسوا من الدراويش كأنصارهم فهم يعرفون معنى تحرير فلسطين والأصطدام مع إسرائيل وأسلحتها التي لا تقهر ، ومن ورائها أمريكا والتاتو بأسلحتهم القاتلة وطائراتهم الجبارة التي دمرت كتائب القذافي الحديدية وكل ما خزن من أسلحة فتاكة والدمار الشامل وجعلتها هشيما ولقمة سائغة للثوارالليبيين بأسلحتهم الخفيفة . ولهذا نرى الأخوان المسلمين يحاولون إيجاد الأسباب والمسببات للتخلص من واجب تحرير فلسطين الذي بنوا سمعتهم الشعبية على أنقاضها . فاصبحنا نسمع بأتصالات الأخوان مع أمريكا ودول الناتو والتعهد بأحترام معاهدات السلام بين مصر والبلاد العربية وإسرائيل ، وحصار حماس وإستمرار العلاقات مع إسرائيل ، والتعامل مع السفير الأسرائيلي في القاهرة والعواصم الغربية الأخرى والتفرغ للحكم ومشاكله وفرض حكم الفرد والثوريت . بل أكثر من ذلك حتى تطبيق الشريعة الاسلامية وحجاب المراة والسياحة وجد وا لها حلا . وهذا الحل هو أن الشريعة الأسلامية وفرض الحدود والحجاب لن يتم تطبيقها حتى تطهير المجتمع الأسلامي من الفقر والجهل والفساد وهي من المستحيلات الثلاتة التي لا يمكن تحقيقها في الحياة الدنيوية . ولهذا فإنهم لن يمسوا جميع المنجزات الانظمة السابقة في مجال المراة والسياحة وما تستدعيه من محرمات وموبقات والفوائد الربوية والمصارف . وكاننا يا عمرو لا رحنا ولا جينا .
التعليقات (0)