الرئيس محمد مرسي رغم أني أختلف مع مبادئة السياسية وعلى قراره بأعطاء نفسه سلطات إستتنائية لينفرد بالحكم كما أن مشروع الدستورالذي إعتمده دستور رئاسي لا يختلف عن دستور مصر السابق فهو يجعل من رئيس الجمهورية رئيسا للسلطة التنفيذية وغير مسئول أمام البرلمان ووجود رئيس وزراء وحكومة هو ديكور فهم موظفين تابعين لرئيس الجمهورية . إلا أن السيد محمد مرسي من الاخوان المسلمين المعتدلين ، فقد عاش في بلاد ديمقراطية وخبر مزاولة الحريات وامل أن يكون مصباحا مضيئا لمن يحاولون إرجاع مصر إلى عهود الظلام .ورغم ال المبررات القوية لقراره فهو رجل صارم وثوري حقيقي وصادق أمين ، رأي أن الثورة المصرية في خطر من أعدائها الذين يستعملون القانون الساري والمحاكم والقضاة المعينين في عهد الطاغية تبريرا لأعمال أزلام مبارك بحجة إنهم كانوا يتصرفون وفق القانون الساري المفعول أنذاك وإستخدام مبدأ سقوط التهم بالتقادم رغم أن نظام مبارك إستمر اكثر من ثلاتين عاما . ولهذا فالثورة المصرية لا يمكن أن تدار بالقوانين السارية في عهد مبارك وقضاته . فالقوانين السارية وتفسيراتها من قضاة إرتبطوا بنظام مبارك لا تسمح بمحاكمة الشرطة وقوات الجيش الذين قمعوا وقتلوا الثوار الذين ثاروا على الدكتاتور مبارك لأنهم في نظر القانون الساري يمارسون واجباتهم ويقاتلون خارجين على النظام ومجرمين . وهذا هو الحال بالنسبة لأزلام النظام المصري السابق فمن سرق فهو سرق بأسم القانون فالأراضي التي إستولواعليها بقراروزاري يستند على قانون قائم والعمولات التي تحصلوا عليها لم تدفعها الدولة كما يقولون بل الشركات الأجنبية بدلا من يستلمها أجنبي . والأموال التي جمعوها كانت تتمشى وقرارات صادرة وفق أحكام القوانين السائدة . والمحاكم العادية بعد الثورة ستبرئهم ، وهكذا كل من أفسد من الساسة فهو إجتهاد سياسي لا يعاقب عليه القانون . ومن طبل وصفق للدكتاتورلا عقاب له لأنه يمجد رجال الدولة والقانون لا يعاقبه . ولهذا رأى الرئيس محمد يسري أن القضاة المعينين في عهد الدكتاتور مبارك سيعرقلون مسيرة الثورة وسيبطلون كل القرارات الثورية ويبرئون كل أزلام نظام مبارك. ومعنى هذا إن الثورة التي تغلبت على الدكتاتور لا تستطيع تسيير الأمور إلا إذا عاد المسئولون في عهد مبارك إلى الحكم لأنهم عزلوا بغير وجه قانوني وأصبحوا مواطنين عاديين احق بوظائفهم ومسئولياتهم لأنهم أكثر خبرة من غيرهم .، وكل قرار تصدره حكومات الثوار معرض للحكم عليه بالبطلان لأنها قرارات غير قانونية أصدرتها جهات غير دستورية. الثورة الشعبية معناها الثورة على الدكتاتور الحاكم وعلى نظامه وعلى أزلامه وعلى القوانين القائمة وعلى قضاته الذين حكموا بهاوعلى المسئولين الذين نفذوا أوامره . ومن واجب الثورة الشعبية سن قوانين ثورية لمعاقبة المفسدين في عهد الدكتاتور وإنشاء محاكم شعبية ثورية وإصدار قانون العزل السياسي ولو لفترة عشر سنوات على الأقل لكل من خدم في نظام الدكتاتوروتولى مناصب وزارية ورجال حزبه ولجانه الثورية وأعضاء مجالسه السيادية والوظائف الأدارية التنفيذية وكبار رجال الأمن والجيش في عهده . هذه متطلبات ثورية وبدونها لن تنجح ثورة . هذا ما طالبنا به أن يوخذ به في ليبيا لنجاح ثورة 17 فبراير لكن المسئولين تركوا الحبل على الغارب ، وما نراه من مهازل يشيب من هولها الرضيع . ورغم اني لا أتفق مع قرارات هيئة النزاهة على بعض الافراد لكن الهيئة معينة بقرار ثوري من المجلس الأنتقالي مجلس ثورة 17 فبراير وهي فوق القانون السائد ، ولا يمكن أن تخضع للقانون القائم أو إستئناف قراراتها أمام المحاكم العادية ، فالقرارات الثورية محصنة لأنها صادرة عن إرادة الشعب ومن مجلس ثوري وغير قابلة للأستئناف الا بقرار ثوري .أو وفق قانون ثوري جديد صادر من السلطات الثورية . لقد طالبنا منذ التحرير بإصدار قوانين جديدة وتعديل القوانين السارية أو إبطال مفعولها لفترة ، فالثورة إعلان للأحكام العرفية والسلطة فيها للثوار أو مجالسهم الثورية هكذا عرفنا كل الثورات طوال التاريخ ولم تنجح أية ثورة في ظل القوانين السارية . وهذا يقتضي تعيين محاكم ثورية وتطهير الأدارة من المسئولين والموظفين الكبار الذين شاركوا في تنفيد قرارات النظام المجرم . الثورتان المصرية والتونسية إستطاعتا تغيير رئيس الدولة فقط ولم تغيرا النظام الذي بقى متكاملا ولهذا واجهتا المشاكل . والرئيس محمد مرسي عرف ذلك الأن وقررالتطبق الحقيقي للثورة المصرية على النظام السابق والقوانين القائمة والمحاكم والقضاة وعلى القائمين على شئون النظام السابق بقرارات ثورية وليس بالقانون الساري المفعول والمحاكم القائمة . ليبيا أيضا مرت بنفس الخطوات الخاطئة فوقفت عجلة الثورة ، وبدأ رجال عهد القذافي تسلق سلطة الدولة من جديد أو بقوا في مناصبهم وأستمر العمل الحكومي الرسمي على نهج النظام السابق والقوانين والقرارت السابقة المعمول بها في النظام السابق ، وإذا إستمر الحال على ما هو عليه الأن قستصدر المحاكم أحكاما بالبراءة لكل المسئولين في عهد القدافي المعتقلين كما حدث في مصرو فقد اصدر القضاء فيها تبرئة رجال الشرطة الذين قمعوا مظاهرات الثوار وأسفرت عن ضحايا لأنهم تصرفوا وفقا للقوانين السارية وواجباتهم كرجال شرطة أنذاك والتي لا زالت سارية الان . وأخاف أن يخرج سيف الأسلام وعبد السلام جلود والسنوسي أبرياء ويعينون في مناصب سيادية . الشئ الطبيعي في رأيي هو أن يقوم المؤتمر الوطني الذي إنتخب من الشعب بحرية بعد سيطرة الثورة الشعبية على الأمور في البلاد بسن قوانين لتنفيذ مطالب الثورة على الأرض ، وألغاء كل القوانين والقرارات الحكومية المستندة عليها السائدة في العهد البائد وإستبدالها بقوانين جديدة , وإصدار قرار العزل السياسي لكل من عمل مع القذافي في مناصب وزارية أو تنفيذية وفي اللجان الثورية والمؤتمر الشعبي العام واللجان الشعبية وغيرها من الهيئات التي خلقها نظام القذافي ، وإستبدال الأداريين التنفيذيين الذي نفذوا تعليمات الطاغية وأزلامه .وإنشاء محاكم ثورية تحاكم كل من ارتكب جرما بمعايير الثورة من أزلام القذافي وكبار ضباط الجيش والسلطة والأعلاميين الذين أشادوا بأنجازاته وترسيخ أفكاره ومجدوا النظام ودافعوا عنه . إن تنفيذ كل ذلك واجب وطني وإلتزام ثوري إذا أردنا إقامة دولة ليبية ديمقراطية بعد التخلص من أثار نظام الطاغية وقوانيته وأزلامه وأجهزته التنفيذية وقضاته ومحاكمه والبداية بعد إنتهاء الفترة الأنتقالية بدولة الديمقراطية والقانون والعدل وخدمة الشعب . إني أعرف إني أنفخ في قربة مثقوبة لأن من في الحكم يتصرف بأنه أفلاطون عصره يحمل من الشهادات ما تخوله التصرف كما يشاء دون سماع الرأي الأخر.. وكان الله في عون الليبيين وأهل مكة أدرى بشعابها .
بشير السني المنتصر
التعليقات (0)