والسؤال ليس فقط عن النسبة التي يمثلها السلفيون في المجتمع ولكن أيضًا عن قوة التأثير التي يمثلها أولئك علي مختلف فئات المجتمع وقواه، وأولها طبعًا القوة السياسية الأبرز حاليا علي الساحة وهي قوة الإخوان المسلمين، وهذا السؤال يلح علي بقوة منذ يوم الاستفتاء على التعديلات الدستورية أوما اصطلح علي تسميته فيما بعد بغزوة الصناديق وقد شهد هذا اليوم أمرين مهمين، أولهما نسبة حضور غير مسبوقة لم تعرفها مصر في أي استفتاء أو انتخاب سابق فضلاً عن إصرار وحماس مكنا صاحبهما من التغلب علي عناء طابور طويل قد يصل إلي عدة كيلو مترات في بعض الأماكن، والأمر الثاني هو الفوز الكاسح للتيار الموافق علي التعديلات الدستورية وبالطبع ليس الأمر يتعلق بجوهر التعديلات الدستورية ولا حتي بالترتيبات المتعلقة بهذا الاستفتاء ولكنها المعركة التي دارت في الشارع بين التيار السلفي وأنصاره وبين رافضي هذا التيار والتي بلورها أصحاب الاتجاه السلفي في المادة الثانية للدستور إذ تبني مؤيدو هذا الاتجاه فكرة أن رفض التعديلات الدستورية يعني تغيير المادة الثانية من الدستور ونشروا هذه الفكرة في معظم المساجد خلال خطبة الجمعة السابقة للاستفتاء وكذلك في منتديات جماعة الإخوان المسلمين وصارت الرسالة البسيطة المقدمة للناس أن التصويت بنعم واجب شرعي، وفي المقابل أجمع المسيحيون رأيهم وبدعم رسمي من الكنائس أيضًا علي التصويت بلا وكانت النتيجة ما كانت 78% لنعم و22% للا، والنسبة الأسهل في التحليل هي النسبة الأقل فالواضح أنها تجتمع علي الأقل علي رفض الدولة الدينية، أما النسبة الأكثر تعقيدًا والتي تحتاج إلي تعمق في التحليل فهي النسبة الغالبة ،فمنهم من تأثر بهذا الخطاب السلفي ومنهم من لم يتأثر هناك الذين أقروا التعديلات رغبة في الاستقرار و أولئك الذين أقروه لحماية مصالحهم وهم أتباع الحزب الوطني، ولا استطيع أن أحدد نسبة هؤلاء ولكن في ظني أن هذه النسبة غير مؤثرة ودليلي أن المحافظات صاحبة نسسبة التصويت الأعلي سواء من حيث عدد المصوتين أو نسبة الموافقة الكاسحة هي المحافظات الريفية و النائية والتي يقوي فيها التيار السلفي، وحتي لو افترضنا أن نسبة من أصحاب المصالح ذات قوة وتأثير قد صوتت بنعم فذلك لا ينفي أيضًا أن تكون متأثرة بالخطاب الديني.
وتبقي النسبة الأهم والتي أظنها غالبة بقوة والتي تستحق التحليل هي نسبة من صوتوا بنعم تأثرًا بالخطاب الديني بدرجة ما.
التعليقات (0)