يبدو أن هذا السؤال غير متداول بيننا، ولا مجال لتداوله، لتجنب المزالق والصدمات، لكننا نتفنن في سؤال بعضنا البعض عن الأحوال، فنحن أكثر شعوب العالم، ترديدا لـ «كيف الحال»، «طيبين»، «وش أخباركم» إلى آخر القائمة، وقد يتكرر كل سؤال أكثر من ثلاث مرات، في وقت واحد.
نجيب على من يسألنا، بأننا في أحسن حال، وأحيانا نحلف «والله بخير». ونعيد توجيه السؤال إليه مرة أخرى بنفس الصيغة، ويجيب ذات الإجابة المعلبة. هل تتذكر يوما أنك سألت شخصا «كيف الحال» ورد «لست بخير»؟ قد لا يحدث ذلك إلا على سبيل السخرية، ويمكن القول إن لتأسيسنا المبني على التفاؤل والإيمان بالله وقدره والحمد له على كل حال، دور في تعميم هذه الثقافة اللغوية.
نحن نسأل الآخرين عن حالهم، ولكننا لا نسأل أنفسنا، «كيف الحال؟». ومتى ما دار سجال الحديث حول الأوضاع المعيشية والشخصية والاجتماعية، تتناثر الأجوبة على أسئلة لم تسأل، «الأحوال بائسة»، «الوضع متردي»، «الحياة مملة»، لنكتشف فجأة أننا كنا نكذب، ونغلف الحقيقة بكلمات مستهلكة.
إذاً، هل نحن غير سعداء؟. لا يمكن الجزم بذلك، فحالنا أفضل من حال معظم الشعوب. نجلس في بيوت ومكاتب مكيفة، ونركب سيارات فارهة، ونلبس على الموضة، ونأكل أطيب الطعام، ونسافر، ونحتفل، ونسهر، ونلعب، ونستمتع بالحياة على طريقتنا.
وأثبت استطلاع أجري أخيرا، أن السعوديين يحتلون المركز الثاني بعد العمانيين في أكثر الشعوب العربية سعادة. غير أن هذه السعادة، غير ظاهرة، ولا يمكن لمسها أو الشعور بها، وقد نتعمد إخفاءها، لافتقارنا القدرة على التعبير عن الفرح بقدر تعبيرنا عن الحنق والامتعاض، أو لأننا نخاف عين الحاسد، وربما لأننا دائما نطمع في كرم السماء لتعشوشب الأرض المباركة، إيمانا بأننا نستحق أكثر. ويبقى السؤال قائما، «كيف الحال؟» وتتبعه الإجابة «والله بخير».
http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/20090514/Con20090514277328.htm
التعليقات (0)