هل نحتاج لمطرقة أردوغان ؟
بقلم د/صديق الحكيم
فاتحة القول : في غفلة من الناس وأثناء توجه أنظار الشعب لانتخاب الرئيس الجديد لمصر كتب المجلس الاستشاري للمجلس العسكري إعلانا دستوريا مكملا ليحمي العسكر من الرئيس القادم بعدما أوضحت المؤشرات قدوم د.محمد مرسي وتراجع الفريق شفيق وأري أن الإعلان دليل واضح علي حالة الخوف الشديد لدرجة الهلع التي تنتاب العسكر لوصول رئيس مدني للقصر الجمهوري وهوما يعني فتح الدفاتر وخصوصا دفاتر صفقات السلاح التي جرت في عهد مبارك وهوملف ضخم للغاية وفيه كل أدلة الإدانة لمبارك وعسكره والرئيس الجديد أمامه منهجين للتعامل مع العسكر المنهج الأول هو رفض الإعلان الدستوري للعسكر ورفض حل البرلمان والإطاحة بالعسكر ومحاسبتهم وهذا المنهج يحمل في طياته مخاطر علي المدي القصير أما المنهج الآخر فهو منهج أردوغان مع عسكر تركيا كما يذكر د.عبدالرحمن العرابي وأنقل منه هنا بتصرف
(الدستور التركي منذ قيام الجمهورية 1924 أعطى المؤسسة العسكرية الحق في التدخل في الشأن السياسي، ومنحها قوة جعلت المؤسسة السياسية المدنية مرتهنة لها. فالأتاتوركية دمجت الدولة في الأمة، وجعلت من الجيش «صانع الدولة صانعة الأمة»، ومكّنته من خلال عدد من الآليات الدستورية التدخل في الشؤون السياسية، وحصَّنت دوره في دستور 1961م بعد انقلاب 1960م ضد حكومة عدنان مندريس، من خلال «مجلس الأمن القومي»، الذي يضم رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، ووزير الدفاع، ورئيس الأركان، وقادة القوات البرية والجوية والبحرية والدرك.
ورغم رئاسة رئيس الجمهورية للمجلس إلاّ أن قوة تأثير القادة العسكريين هي الأكثر، وهي المتغلّبة.. ولهذا استثمر الجيش من خلال المجلس، وبما مُنح للمجلس من صلاحيات تنفيذية ورقابية على الهيئات الدستورية، وتنفيذ مصالح الدولة العليا أدوارًا تنفيذية ورقابية، بما جعله يطغى في دوره على مجلس الوزراء، ويهيمن على الشأن السياسي فالمادة (35) في الدستور التركي تنص على: «حق القوات المسلحة التدخل لاستلام السلطة إن رأت أن الجمهورية والديمقراطية معرضتان للخطر»، وهو ما نفذه الجيش فعليًّا في أربعة انقلابات في أعوام 1960م، و1971م، و1980م، و1997م.
هذه السلطة التي كان يتمتع بها الجيش أخذت في التقلّص لصالح المؤسسات المدنية منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم، وذلك بما تم من تعديلات دستورية وصلت إلى (100) بند من أصل (170) بندًا في الدستور التركي. فالمادة (4) من قانون مجلس الأمن القومي عُدِّلت لتقتصر مهامه على «رسم سياسة الأمن الوطني، وتطبيقها، وإعلام مجلس الوزراء بها، والانتظار لما يُسند إليه من مهام لتنفيذها ومتابعتها»، وهو ما يعني أن المجلس تحوّل إلى جهاز استشاري فقط لا غير.
كما عدلت المادة (15) فلم يعد تعيين أمين عام المجلس من القوات المسلحة، بل سُمح لشخصيات مدنية تولّي المنصب، وهو ما حدث في عام 2004م، حينما عُيّن محمد بوجان في منصب أمين عام مجلس الأمن القومي كأول شخصية مدنية تتولاه
. إضافة إلى تعديل المادة (30) من قانون المحاسبة، والتي كانت تعفي العسكريين من الخضوع للرقابة المالية؛ لتصبح المؤسسة العسكرية خاضعة لإشراف «الجهاز المركزي للمحاسبات».
إضافة إلى تعديلات أخرى أبعدت العسكر عن عضوية مجالس التعليم، واتحاد الإذاعة والتلفزيون، والسماح برفع دعاوى قضائية لاستجواب الجنرالات ومقاضاتهم، كما حدث أخيرًا مع قضية «المطرقة» المعروفة بـ «أرجنيكون»، والتي يحاكم فيها 250 عسكريًّا منهم (173) ضابطًا في الخدمة، و(77) متقاعدون، بعضهم برتبة جنرال، وهذه القضية تحديدًا هي التي دفعت رئيس الأركان «أشيك كوشنير» وأربعة من كبار قادة الجيش -بما فيهم قادة القوات البحرية والبرية- إلى الاستقالة في 29 من الشهر الماضي، والتي وضحت في الرسالة الوداعية لكوشنير بقوله: «إنه من المستحيل الاستمرار في منصبه، لأنه غير قادر على الدفاع عن حقوق القادة العسكريين الذين تم اعتقالهم».
التعديلات الدستورية التي أجراها حزب العدالة والتنمية حَمَت المؤسسة السياسية من تدخل الجيش، ومكّنتها من ربطه بها من خلال التعيينات، وقبول الاستقالات، أو الإحالة إلى التقاعد، كما هو حادث هذه الأيام، حين عيّن الرئيس عبدالله جول قائد الدرك الجنرال نجدت أوزال قائدًا للقوات البرية، والقائم بأعمال نائب رئيس الأركان بعد التشاور مع رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان تمهيدًا لتعيين أوزال رئيسًا للأركان، حسب العرف السائد، بأن مَن يتولّى قيادة القوات البرية يصبح رئيسًا للأركان. وقد وصفت بعض وسائل الإعلام التركية ما حدث بقولها: «عسكر تركيا في قبضة مدنييها».
خاتمة القول : كانت هذه بعض ملامح منهج أردوغان مع عسكر تركيا والسؤال هل سيستعمل مرسي مطرقة أردوغان أم سندان الشعب لتقليص صلاحيات العسكر التي منحوها لأنفسهم بين عشية وضحاها دون سند أومراعاة للرئيس القادم الذي اختاره الشعب ؟ أرجو أن نجد إجابة شافية في مقبل الأيام
عاشت مصر حرة قوية والله غالب علي أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون
الثلاثاء 19 يونيو2012 للتواصل مع الكاتب:
+966582383820
Sedeeks2011@twitter.com
sedeeks@yahoo.com
التعليقات (0)