جريدة الدار الكويتية الأربعاء, مارس 03, 2010 العدد/650
علي البحراني
أتذكر وعمري لم يبلغ الحلم بعد آنذاك كنت أذهب مع جدي للمكتب، حيث كان جدي رحمه الله يدير مكتبا للعقار ولم يكن يكتب أو يقرأ بالكاد يوقع على الشيكات فكنت من يكتب العقود في الشراء أو البيع أو الاستئجار وعندما كانت تتم إحداها بالكاش وكان آنذاك ذلك متداولا بكثرة حتى أنه في أغلب الأيام تتوفر سيولة في المكتب بمئات الآلاف ولم تكن خزينة (التجوري) في المكتب كنا نضع النقود في أدراجه وعندما تتجمع كان جدي يضعها في كيس بلاستك شفاف أحيانا ويقول لي اذهب وأودعها في البنك وكان يبعد عن المكتب كيلومترا تقريبا، وكنت أذهب مشيا على الأقدام ومن سذاجتي كنت أنزع تلك الصرر من النقود فئة (بو مية وبوخمسين) من الكيس «لأتفشخر بها» وأنا ذاهب للبنك لم نكن أنا أو جدي أو أيا كان آنذاك يخشى شيئا من المشي وفي يدك رزمة من النقود ذات الفئة مئة ريال وأحيانا كنت أمشي ممسكا بالرزم في كلتا يدي دون أن أخشى شيئا أبدا هذا وأنا لم ابلغ الحلم أما وإن تعديت سن الرشد بكثير بت أخشى أن أمشي وفي يدي كيس فارغ أو في جيبي خمسون ريال تظهر ملامحها من خلف الجيب، بت وأنا في سيارتي مغلقا الأبواب والنوافذ خائفا من التهديد بواسطة رشاش وأخذ كل ما في جيوبي، بت برغم الكاميرات والحراسة في بيتي أخاف من المداهمة بالأسلحة والسطو بت لا أجرؤ على ترك المنزل دون حماية حتى لا ارجع فأجد منزلي صبغ وبلاط فقط، بعد أن كنت مع أول سيارة أشتريها قبل ربع قرن أنساها أحيانا مفتوحة النوافذ وبها أشياء ثمينة طيلة اليوم الدراسي وأنا طالب بالثانوية فأرجع دون أن افقد شيئا منها هذا إذا لم يأت شباب لا أعرفهم إلى المدرسة يذكروني بأن السيارة مفتوحة دون أن يمسوها بسوء، غدوت الآن لا أستطيع أن أترك السيارة حتى لو كانت عائلتي كلها موجودة بها أن أتركها مفتوحة وهي في حالة التشغيل من السرقة هي وعائلتي، لقد زرت عواصم كثيرة مزدحمة بالسكان أضعاف ما عندنا لم أجد أحدا ينتشل جوالي من يدي في وضح النهار ويهرب في زحام الناس عدا هنا حتى لو كان جهازي لا تزيد قيمته السوقية على خمسين ريالا، غدوت لا أستطيع أن استخدم جهاز الصراف الآلي لسحب مئة ريال قبل أن أفتش حوله ثم ارمق بعيدا باحثا عمن يراقبني فإن اطمأننت وإلا ذهبت دون استخدامها غدوت لا أخرج من البنك وفي يدي كيس منه حتى لوكانت هدية كتقويم أو دفتر أو أوراق فقد كسرت نوافذ السيارة من أجل كيس فارغ عليه شعار البنك.
لكن السؤال هنا كيف لنا أن ندافع عن أنفسنا؟ وهل القوانين تسمح لنا بالدفاع عن أنفسنا؟ وهل عندما نتعرض للتهديد بالسكين أو المسدس أو غيره هل يحق لنا أن نرد على المعتدي دفاعا عن النفس؟ ثم ماذا عن إيذاء المعتدي دفاعا عن النفس؟ كل هذه تحتاج إلى إعادة صياغة للقوانين الحالية وتوعية الناس اتجاه الجريمة إن لم نكن نستطيع ردعها فلا أقل من معرفة الحقوق في حالة الدفاع عن النفس....!
Al2000la@hotmail.com
التعليقات (0)