سئل الوالد العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: ما حكم تهنئة الكفّار بعيد (الكريسمس) ؟ وكيف نرد عليهم إذا هنؤنا به؟ وهل يجوز الذهاب إلى أماكن الحفلات التي يقيمونها بهذه المناسبة؟ وهل يأثم الإنسان إذا فعل شيئاً مما ذُكر بغير قصد؟ وإنما فعله إما مجاملة، أو حياءً، أو إحراجاً، أو غير ذلك من الأسباب؟ وهل يجوز التشبه بهم في ذلك؟ الجواب: تهنئة الكفار بعيد الكريسمس أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق. كما نقل ذلك ابن القيم – رحمه الله – في كتابه "أحكام أهل الذمة" حيث قال: "وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فَهَذَا إِنْ سَلِمَ قَائِلُهُ مِنَ الكُفْرِ فَهُوَ مِنَ المُحَرَّمَاتِ. وَهُوَ بِمَنْـزِلَةِ أَنْ تُهَنِّئَهُ بِسُجُودِهِ لِلصَلِيبِ، بل ذلك أعظم إثماً عند الله، وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه. وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبداً بمعصية، أو بدعة، أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه". انتهت الفتوى
عندما وقعت عيني في الوهلة الأولى على هذه الفتوى وجدت فيها الكثير من المبالغة .. فكيف أكون قد سجدت للصليب عندما أقول لشخص ما كل عام و أنت بخير بمناسبة رأس السنة الجديدة !! هل لهذه الدرجة الموضوع خطير وحساس ولا يحتمل أن أجامل سين من الناس و أكسب ودهم بالتالي أكون داعية جيدة إلى الله !! حيرني الموضوع كثيرا و ارتابني رأي العلماء و أخذت الأفكار و الأسئلة تدور في رأسي و الشكوك لا تبرح مخيلتي .. فلا ينطق علماؤنا من فراغ و لا يتحدثون من لاشيء .. لابد من وجود سبب وجيه يجعل الموضوع حساس لهذه الدرجة و ذو أهمية بالغة .. نعم .. المسيحيون الأوائل - المتمسكون بالدين المسيحي - كانوا يحتفلون بمولد المسيح و بناء عليه فإن الفتوى أعلاه تنطبق على من يهنئ أهل الذمة من النصارى مئة بالمئة.. أما اليوم فإن حال معتنقي الديانة المسيحية تغير جدا .. و ما عادت الديانة المسيحية تشكل هاجسا حقيقيا عند الأغلب الأعم من الشعوب الأوروبية .. بل إن العولمة و الإلحاد هو ما طغى على معتقدات هذه الشعوب .. كذلك هل فعلا مازال هنالك من يحتفل من عامة المسيحيين بمولد المسيح تحديدا !! أم أن هذه المناسبة أخذت أطورا آخرى لا تمت للمسيح بصلة !! أيضا عندما نهنيء بالعام الجديد فنحن في الغالب نهنيء ( المسلمين ) أكثر من تهنئتنا لغيرهم من مسيحيين أو غيرهم .. لذلك نرى أن المناسبة - و إن كانت بالأصل مسيحية - أخذت أشكالا و أنماطا أبعد ما يكون أن تكون دينية .. لذلك فمن الأجدر جدا أن لا نُريق دم الدعوة إلى الله مع مخالفينا في الملة بسيف الجهل و التخبط و عدم القدرة على المفارقة والتمييز بين الأمور .. و ما أشبه هذه القصة بقصة ( ربطة العنق ) التي كثر الحديث فيها بين التحليل والتحريم .. ومن حرمها كان يستند لأصولها المسيحية التي كان الرهبان و القساوسة يرتدونها في أديرتهم .. إلا أن مجموعة من العلماء - جزاهم الله عنا كل خير - وجدوا لهذه القضية مخرجا مناسبا و رفعوا الحرج فيها .. فلا اختلاف بين الرمز الديني الملبوس ( كربطة العنق ) و المعتقد فيه و الممارس ( كالاحتفال برأس السنة ) .. و آن لنا أن نستمع لآراء ( متزنة ) بهذا الصدد تتناسب مع الأمور المستحدثة المرتبطة بهذا الموضوع ودون إفراط و لا تفريط فيه.. و خالص أمنياتي للجميع بسنة جديدة عامرة بالخير والأمل إن شاء الله .. أطيب المنى ..
التعليقات (0)