اعترافا بالقيمة التاريخية والحضارية للرحالة المغربي الشهير " ابن بطوطة" وفي التفاتة متميزة وضع محرك البحث " غوغل" في واجهته يومي 24 و25 فبراير مجموعة من الصور التي تستعيد نماذج من مغامرات هذا الرحالة العالمي في إفريقيا وأوربا والهند والصين... وتأتي هذه المبادرة بمناسبة حلول ذكرى ميلاد " ابن بطوطة" الذي ولد يوم 24 فبراير سنة 1304م.
هو محمد بن عبد الله بن محمد الطنجي اللواتي. ( نسبة إلى قبيلة لواتة الأمازيغية). وقد اشتهر بلقب " ابن بطوطة"، وسجله التاريخ بمداد من ذهب بوصفه واحدا من بين أشهر الرحالة عبر العصور. لذلك فإن احتفالات " غوغل" بهذه الشخصية التاريخية المهمة تدل على المكانة المميزة التي يحتلها هذا الرجل. كما يدل من جهة أخرى على الإهتمام الواسع الذي يوليه الغرب للفكر والثقافة والمعرفة في مختلف الميادين والمجالات. ولا عجب في ذلك لأن الحضارة الحديثة التي يشارك فيها العقل الغربي بنصيب وافر جدا هي حضارة علم بامتياز. وبذلك فإنه من الطبيعي جدا أن تحظى الأسماء والأحداث التاريخية التي ساهمت بشكل أو بآخر في بناء الحضارة البشرية بشكل عام بالرعاية والإهتمام. لكن اهتمام " غوغل " بهذه الذكرى التي تستعيد شخصية هذا الرحالة المغربي المعروف ب" شيخ الرحالين" تعري في الوقت ذاته واقع الثقافة والمعرفة في بلادنا ( المغرب)، وفي كل أرجاء هذه المنطقة التي تسمى " بلاد العرب".
ابن بطوطة هو في عرف العرب مستكشف ومغامر عربي. وهو كذلك فقط لأنه كان يتكلم لغة عربية فصيحة ويكتب بها تماما مثلما هو الحال مع " الفارابي" و"ابن سينا" و" الخوارزمي" و" الرازي"... فقد أصبح كل الفلاسفة والمفكرين وحتى فقهاء الدين الذين عاشوا في القرون الوسطى عربا بالإلحاق يتم استدعاؤهم كلما تساءل أحدنا عن دور العرب والمسلمين اليوم في الحضارة الإنسانية. هكذا يفتخر العرب بماضيهم المعرفي الزاهر الذي يتهمون الغرب بقرصنته ونقله. وهكذا ينال العرب بقدرة قادر قصب السبق في كل ما وصلت إليه حضارة الإنسان اليوم من ازدهار وتقدم. وحتى لو افترضنا جدلا أن هؤلاء المفكرين الذين خلدهم التاريخ كانوا عرب الهوية والهوى، فإن السؤال الذي يفرض نفسه في هذا المقام هو: أي تكريم يلقاه هؤلاء اليوم في بلاد العرب؟. ماذا أعد القائمون عن الشأن الثقافي في حكومات " الدول العربية " احتفالا بذكرى ابن بطوطة مثلا.؟ ماذا قدمت وزارة الثقافة في المغرب بهذه المناسبة؟.ألا يستحق ابن بطوطة وغيره من أعلام المغرب الذين دونوا أسماءهم في التاريخ أن تنظم من أجلهم منتديات ثقافية وندوات فكرية تستحضر أعمالهم؟. ألا ينبغي أن يتعرف تلاميذ المدارس على الشخصيات التاريخية المغربية بإشراف من الوزارة المعنية؟. ولماذا لا نشاهد في التلفزيون برامج وحوارات تلقي الضوء على هؤلاء في مثل مناسبة من هذا القبيل على الأقل؟.
لقد ارتبط اسم بلدنا في التاريخ القديم بشكل كبير بشخصية ابن بطوطة الذي كان سفيرا فوق العادة للمغرب في مختلف البلدان التي زارها وخلد ذكرياتها في كتابه الشهير" تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار". لكن اسمه أصبح اليوم يتردد في أوربا والولايات المتحدة أكثر مما يذكر في بلده. أما قبره الذي يوجد في قلب أحد الأحياء القديمة في طنجة فهو يمثل دليلا على هذه اللامبالاة بتاريخ أجدادنا وقيمته. محمد مغوتي. 25/02/2012.
التعليقات (0)