لا نريد أن نكون متشائمين من المستقبل، ولا أن نيأس من روح الله. (انه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون) ولكن لنعمل العقل في تأريخنا القريب وواقعنا الحاضر لنستشف المستقبل.
الأناء ينضح بما فيه، والآنية الموجودة على الساحة العراقية اليوم والتي تقول الأخبار أن العبادي بدأمشاورتها لتشكيل الحكومة القادمة هي ذاتها لم تتغير بأستثناء المالكي الذي خرج من اللعبة مرغماً، وبالعقل والمنطق لابد وأن نتشائم من المسقبل، فلا المجلس الأعلى بحكيمه وصولاغه وعامريه سيفضل مصلحة العراق على ايران، ولا الحزب الأسلامي بسامرائيه وجبوريه سيفضل مصلحة العراق على مصلحة آل سعود، ولا العشائر التي أحتضنت داعش ستكف عن استخدامها كل ما دعت الحاجة لذلك، ولا علاوي سيظل بعيدا عن المخابرات الأمريكية التي كان (وربما لايزال) موظفا فيها، ولا الصدر والمطلك والنجيفي والبرزاني والطلباني ولا منتسبي الأحزاب سيكفون عن التصرف كملوك طوائف، ولا أعتقد أن أحداً يشك ولو للحظة بأنهم سيغيرون نهجهم اليوم أو غدا أو بعد عام.
كل الأسماء والأحزاب الشيعية والسنية والكردية والتركمانية وحتى المسيحية والصابئية وغيرها كانت شريكة في النهب المنظم للثروة الوطنية. وعشر سنوات مما يسمى بالشراكة السياسية علمتنا أنها شراكة في اقتسام غنيمة سرقة المال العام وكراسي الوزارات وتقسيم الوظائف بالرشوة والمحسوبية.
وأن مايسمى بالتوافق الوطني هو في الحقيقة توافق على أن يحكم كل قائد ميليشيا قطعة الأرض التي تسيطير ميليشياه عليها دون الأعتبار لأي من مؤسسات الدولة، حتى صارت الدولة بمؤسساتها وجيشها وشرطتها موضع سخرية قبل أن تصبح موضع شك بعد أن قضم بضعة آلاف من الأعراب الهمج ثلث مساحة العراق في يوم وليلة.
بالعقل والمنطق. ولكي نتفائل بالمستقبل يجب أن نؤسس دولة يكون للعلماء والخبراء والعقلاء الدور الأساس في تأسيس بنيانها القانوني والثقافي والأقتصادي والسياسي والمجتمعي. فبالعلم والقانون تحيا الأمم وتتطور.
لكي نتفائل بالمستقبل يجب أن نطالب وبقوة بأن يكون على رأس الوزارات والمديريات أناس تكنوقراط أصحاب شهادات عليا حقيقية لامزورة، وأن ينفذ مشاريع التنمية أناس لهم خبرة عملية متراكمة، لا أن يكون مناضل سابق قاوم الطاغية المقبور أنطلاقاً من فنادق نيويورك ولندن والكويت وأربيل وطهران.
لكي نتفائل بالمستقبل يجب أن نقلع نظام التعليم الفاشل الذي ينتج موظفين وأطباء ومهندسين ومحامين نجحوا في دراستهم بالدروس الخصوصية المفروضة غصباً عليه من قبل المعلم، أو بكارتات شحن الموبايل و"الهدايا" النقدية والعينية المقدمة للأستاذ طوعاً أو كرهاً.
لكي نتفائل بالمستقبل فنحن بحاجة الى جيش مسلح بالعلم والعقيدة قبل السلاح الحديث ليحمي الشعب والحدود، لا ميليشيا بلباس الجيش، أو جنود همهم الراتب، يتركون سلاحهم ليهربوا عند أول معركة.
كي نتفائل بالمستقبل نحن بحاجة الى شرطة لاتنتمي الى أحزاب، أو لاترتشي فتسمح للمفخخات بالتنقل والضرب بطول البلاد وعرضها، والى نظام قضائي مستقل عن الأحزاب، ياتمر بأمرها ويحكم لها بما تريد.
كي نتفائل بالمستقبل نحن بحاجة الى مصانع ومعامل ومزارع ووسائل أنتاج متقدمة، ومن وراء ذلك بنية تحتية حديثة لأيجاد فرص عمل تنمي الأقتصاد وتجعل منه أقتصاداً حقيقياً، لا أقتصاد تحويل النفط الى طعام ترمي فضلاته في الحمامات.
كل هذا ليتحقق يتطلب منا كشعب وعياً عالياً وعملاً دؤوباً وتضحيات جسام لتغيير الواقع بالمطالبة المستمرة بحقوقنا التي لن نحصل عليها ألا برمي دستور بريمر الطائفي في سلة المهملات ووضع دستور جديد يمنع الأحزاب من التحول الى حماة للطائفة والعرق وتشكيل أحزاب يكون أعضائها من السنة والشيعة والعرب والأكراد والمسلمين والمسيحيين والأيزيديين والصابئة جنباً الى جنب، همهم العراق من زاخو الى الفاو، لا أحزاب تلعب على مشاعر الناس وخوفهم، تقدم نفسها على أنها الحامي للمذهب والعشيرة.
التعليقات (0)