مواضيع اليوم

هل لليهود حق في القدس وفلسطين ؟

عبدالله عبدالرحمن

2009-04-23 02:22:38

0

..هل لليهود حق في القدس وفلسطين ؟


يرى الباحث الاسلامي عدنان سليم ابو هليل  ان من مثقفينا وسياسيينا من يعجزون عجزا مهينا ويبدون افتقارا فاضحا أمام الدعاوى التي يسوقها العدو لإسناد عدوانه بما يزعم لنفسه من الحق في القدس وفلسطين وما يتعزز به من نصوص التوراة ومسارات التاريخ .. فهل مرد هذا العجز إلى الخوف من أن يوصموا بالتدين أو يتهموا بمعاداة اليهودية كدين أو السامية كعرق؟ أم لأنهم يصرون على العلمانية ولو على حساب الوطن والثقافة والأخلاق؟ أما إذا أردنا أن نحسن بهم الظن فنقول ربما قصرت ثقافتهم هنا لأنهم لا يأخذون هذه الدعاوى ابتداء مأخذ الجد، أو لأنهم يرون المشكلة في ذات العدوان وليس في الدعاوى التي تبرره .. وسواء كان هذا سبب عجزهم أو ذاك أو ذلك .. فإن النصر الثقافي والإعلامي في هذا الصراع لا يقل أهمية عن النصر العسكري أو السياسي أو القانوني إن لم يكن أعلى وأجدى باعتباره ممكنا من ناحية ولضرورة تجريد العدوان من أي غطاء أخلاقي يتظلل به من ناحية أخرى .. أذكر أن أحد المفاوضين الفلسطينيين من مدينة القدس خاض ذات مرة مناظرة عبر شاشة تليفزيون العدو مع حاخام يهودي حول دعوى الحق الديني هذه .. وللأسف بدا هذا المفاوض (الدكتور) تائها مشوشا لا يحسن إلا قول (ولكن .. أعطني فرصة .. ولو سمحت .. ما بصير هيك) فجسد صاحبنا الهمام مهزلة حقيقية ولكنها محزنة ومحرِجة بل مبكية .. قلت كيف يكون هذا مأمونا على تمثيلنا في مفاوضات حول فلسطين ومقدساتها ومياهها واستقلالها وشعبها وتاريخها في مواجهة يهود حيّروا سيدنا موسى عليه السلام من أجل بقرة أمرهم أن يذبحوها ؟! فماذا يقول اليهود في دعواهم هذه ؟ وما النصوص الدينية التي يستدلون أو يتسترون بها ؟ وما مدى دلالة مستنداتهم على ما يدّعون ؟ وبم نرد كل ذلك ؟

وأقول: هم يستندون إلى ما جاء في التوراة من العبارات الآتية : 1 - في سفر التكوين 12 : 7 أن الرب – في زعمهم - خاطب إبراهيم عليه السلام بقوله: (لنسلك أعطي هذه الأرض)، 2 - وفي نفس السفر 13 : 14 - 15 قوله : (ارفع عينيك وانظر من الموضع الذي أنت فيه شمالا وجنوبا وشرقا وغربا لأن جميع الأرض التي أنت ترى لك أعطيها ولنسلك للأبد)، 3 - وفي سفر يشوع 1 : 1 –4 (كلّم يشوع بن نون خادم موسى قائلا: موسى عبد قد مات ، فالآن قم اعبر هذا الأردن إلى الأرض التي أنا معطيها لهم .. كل موضع تدوسه بطون أقدامكم لكم أعطيت كما كلمت موسى، من البرّية ولبنان هذا إلى النهر الكبير نهر الفرات جميع أرض الحثّيين وإلى البحر الكبير نحو مغرب الشمس يكون تخمكم) فيقولون هذه النصوص ثبت أن أرض فلسطين هي منحة الرب لليهود الذين هم أبناء إبراهيم خاصة من دون الناس ..
هنا نسأل: أين هي تلك الأرض التي يدور الحديث عنها؟ وما حدودها؟ هل هي البضعة كيلومترات التي رآها إبراهيم عليه السلام ببصره كإنسان عادي - كما في سفر التكوين– ؟ أم هي كل الأرض التي تقع بين النهر الكبير الفرات والبحر المتوسط وتشمل العراق ولبنان وسوريا والأردن وفلسطين ومصر وشمال السعودية – كما في سفر يشوع – وما الدلالة في ذلك على تخصيص فلسطين بحدودها السياسية الحالية التي لم تعرف بل لم توضع إلا عقب الحرب العالمية الأولى وإذن لا معنى ولا مستند لهم حتى بتوراتهم التي لا بؤمن ولا ننصاع لها ابتداء !! ثم إذا كان الرب أعطاهم كل هذه البلاد؛ لماذا يكتفون بفلسطين وحدها ؟ وعليه فاليهود إما كاذبون في دعوى الاكتفاء بفلسطين أو كافرون بما جاء في التوراة ! ثم نسأل: لمن أعطيت هذه الأرض ولمن وجه الرب – بنص توراتهم - هذا الوعد ؟ ولاحظ عبارة: (لك أعطيها ولنسلك للأبد) فالقضية ليست قضية دين ولا يهود بل قضية عرق ونسب ونسل وهذا يعني أن كل أبناء إبراهيم عليه السلام مقصودون ومستفيدون من هذا الوعد، إسماعيل في ذلك كإسحاق ..
ونرد ما يقولون كذلك بالتوراة نفسها ففي مواضع أخرى - يغفلونها على عادتهم في تحريف الكلم عن مواضعه - جاء في سفر التكوين 26 : 2 – 4 : ( مع إسحاق الذي تلده سارة ، لك ولنسلك أعطي جميع هذه البلاد وأفي بالقسم الذي أقسمت لإبراهيم أبيك وأُكثّر نسلك كنجوم السماء، وأعطي نسلك جميع هذه البلاد) وهذا خطاب واضح صريح بات قاطع يخاطب إسماعيل بهذا الوعد ويوكّله بالاحتفاظ بنصيب أخيه إسحاق الذي لم يكن قد ولد بعد .. اللهم إلا أن يزعم اليهود أن لإبراهيم ابنا ثالثا غير إسماعيل وإسحاق .. وحتى لو قالوا ذلك فالوعد سيكون لهذا الابن المزعوم وليس لإسحاق .. وإذن فلماذا يحصرون الوعد في نسل إسحاق دون إسماعيل ؟ ولماذا يذهبون بعيدا في تعميمه بعد ذلك على يهود العالم من كل الأجناس والأعراق وشذاذ الآفاق ؟ ونص آخر جاء في سفر الملوك الأول 9 : 6 – 9 (إن كنتم تنقلبون أنتم أو أبناؤكم من ورائي ولا تحفظون وصاياي فرائضي التي جعلتها أمامكم بل تذهبون وتعبدون آلهة أخرى وتسجدون لها فإني أقطع إسرائيل عن وجه الأرض التي أعطيتهم إياها، والبيت الذي قدسته لاسمي أنفيه من أمامي ، ويكون إسرائيل مثلا وهزأة في جميع الشعوب ) !! أليس ينسف هذا النص كل ما يزعمون من ألفه إلى يائه؟ لقد وقع منهم المحذور وسقطوا في المحظور ولم يحفظوا الوصايا ولا الفرائض بل خانوا الله تعالى، فإن قالوا لم نفعل ذلك .. فإن التوراة هي التي ترد عليهم فقد جاء في سفر أرميا 3 : 20 ( حقا كما تخون المرأة قرينها هكذا خنتموني يا بيت إسرائيل يقول الرب ) وفي سفر العدد 14 : 26 – 28 (وكلم الرب موسى وهارون قائلا، حتى متى أغفر لهذه الجماعة الشريرة المتذمرة عليّ، قد سمعت تذمّر بني إسرائيل الذي تتذمرونه عليّ) وإذن فهل بقي شيء من حق ديني يزعمونه ؟
وأما ما يتعلق بالحق التاريخي فهم يزعمون أنهم دخلوا فلسطين عام 1400 ق.م وأنهم أقاموا دولة فيها وأن وجودهم استمر عبر كل الأزمان بعد ذلك ما يعطيهم حقا في فلسطين بهذا المعنى التاريخي .. وأقول: إن سلطتهم لم تقم منذ دخلوا فلسطين إلا 113 سنة فقط في الفترة ما بين 1050 ق.م - 937 ق.م في حين أن تاريخ فلسطين المدوّن والمعروف يتجاوز الخمسة آلاف عام؛ فهل يلغي قليلهم كثير غيرهم؟ وإن كان التاريخ يعطي حقا فماذا عن حق أهل البلاد قبلهم وبعدهم لآلاف السنين؟ وأخيرا هل يقبل الذين يؤيدون الاستدلال بالحق التاريخي أن يطالب المسلمون بالأندلس التي حكموها ثمانمائة سنة؟ ولو حكّمنا منطق التاريخ بهذا المعنى هل سيبقى من السلم العالمي واستقلالات الدول شيء ؟
آخر القول: العدو يعلم أنه لا يملك مستندا دينيا ولا تاريخيا ولكنه لا يستطيع تجريد معركته عن التبريرات المتصيدة والغطاءات الأخلاقية المصنّعة .. ولكن الخطير هو أن نعجز نحن عن مقارعة شبهاته وتلبيساته بالحجج البينة وأن نستهين بما تشكله هذه المزيفات في وعي العالمين حولنا من غطاء أخلاقي ونحن لا نعيش في جزيرة مقطوعة ..

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !