علي جبار عطية
ــــــــــــــــــــــــــ
كنت اضحك في سري وانا اتذكر قراءات مرحلة الطفولة وكيف كان الكتاب يغرسون فينا مفاهيم اخلاقية مثل الوفاء والاخلاص وحب الوطن حتى اذا ارهقتنا الحروب وسنوات الحصار وبعثرت احبتنا المنافي صرنا نراجع ما تعلمناه وقرأناه في اول غيث وعينا ! اقول هذا بعد ان اطلعت على بعض الاراء التي يطلقها بعض الادباء والفنانين العراقيين خارج العراق حين يتساءلون : متى يعودون الى ارض الوطن ؟ فتأتي الاجابة غاية في السلبية والسذاجة السياسية انهم لن يعودوا والعراق محتل ! او انهم لن يتعاملوا مع وسائل اعلام تتعامل مع الاحتلال!
بعضهم تنكر لوطنه مثل سعدي يوسف الذي أعلن صراحة ان جنسيته بريطانية ولا تعنيه الجنسية العراقية بشيء ! آخر حوار قرأته للروائي عبد الرحمن مجيد الربيعي المقيم في تونس والمتزوج من تونسية يقول فيه (تمثل تونس بالنسبة لي عشرين عاماً من الاقامة والعمل والصداقات والمحبة ، تونس تمثل لي سومر الذي احتفلنا اخيراً بعيد ميلاده الخامس عشر واعتبر تونس وطناً ، ولا اقول وطناً بديلاً ، وقبل ايام كنت اراجع سنوات عمري فاكتشفت انني عشت في تونس اكثر مما عشت في بغداد وانت تعرف ما معنى عشرين عاماً من الحياة المتواصلة في مدينة واحدة حتى اذا ما غادرتها في زيارة لبلد عربي آخر فان حنيني يكبر لها ، لقد الفتها والفتني وتناغمنا كانني ابنها الذي ولد فيها، جريدة (الاتجاه الثقافي) العراقية العدد الرابع (27-9-2009) اجرى الحوار / عبد الرزاق الربيعي . اقول : لم يفاجأني هذا الرأي فقد قرأت من أمثاله لأسماء معروفة وقد قال لي شاعر ان الوطن هو الذي تضع قدمك فيه لا الذي تولد فيه ! وقبل اسابيع صارحني احد اقربائي المقيمين في السويد انه يشعر بقلبه ينبض حباً حين يرفرف العلم السويدي في مباريات كرة القدم التي يخوضها الفريق السويدي ! ان مثل هذه الآراء النابعة من تجارب حتى لو اختلفنا معها بدرجة ما او اتفقنا على بعض صحتها تجعلنا نعيد النظر في الكثير من المفاهيم التي تربينا عليها والحكايات التي حكتها لنا جداتنا ومنها الحكاية التي تقول ان الضفدع تحن الى بركتها الآسنة وان الطيور المهاجرة تعود الى أوطانها فالواقع يقول ان مياه الانهار لا تعود الى قمة منابعها !
كاتب وصحفي عراقي
التعليقات (0)