هل كان الذبيح إسماعيل أم إسحق عليهما السلام؟

هــل كـــان الذبـيــح إسمــاعيل أم إسـحــاق عليهما الســـــلام؟؟

كلما هل عيد أضحى ينبري لنا قسيس صليبي أو حبر يهودي يدعي أن الذبيح لم يكن إسماعيل وإنما هو إسحاق عليهما السلام !!!... وقد أخذ النصارى هذا الإدعاء في الأصل من اليهود ذلك أن الإنجيل -الذي أنزل أصلا لليهود متمما للتوراة - ثم تبناه غيرهم، لم يتطرق إلى هذه المسألة التي تطرق إليها القرآن الكريم في سورة الصافات على نحو خاص من الآيات (100) إلى (113) حيث جاءت دليلا واضحا دامغا على أن الذبيح هو إسماعيل عليه السلام وأن إسماعيل هو الإبن الأكبر لإبراهيم عليه السلام. وحيث يقول المولى عز وجل في سورة الصافات:-
((وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين(99) رب هب لي من الصالحين(100) فبشرناه بغلام حليم (101) فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فأنظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إنشاء الله من الصابرين (102) فلما أسلما وتله للجبين (103) وناديناه أن يا إبراهيم (104) قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين (105) إن هذا لهو البلاء المبين (106) وفديناه بذبح عظيم (107) وتركنا عليه في الآخرين (108) سلام على إبراهيم (109) كذلك نجزي المحسنين (110) إنه من عبادنا المؤمنين (111) وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين (112) وباركنا عليه وعلى إسحق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين (113) ))

إن الإدعاء بأن الذبيح كان إسحق عليه السلام وليس إسماعيل ليس بزعم جديد ولكنه إدعاء قديم جديد وحقد على الإسلام والمسلمين ...... إن في قول الله عز وجل في كتابه الكريم – سورة الصافات – في البشرى لإبراهيم بإبنه إسماعيل بعد أن دعا ربه بقوله ((رب هب لي من الصالحين)) فقال الله عز وجل ((فبشرناه بغلام حليم)) ثم ((فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك .. إلى آخر الآية)) ولا أحد يجادل وينكر أن السيدة سارة زوجة إبراهيم كانت عاقرا في البداية . ولهذا أهدت إبراهيم جاريتها ((هاجر)) ومنها جاء إسماعيل . ثم بعد ذلك رزق الله سارة بإسحاق عليهم السلام جميعا آل إبراهيم ...... ومن ثم جاء التبشير أولا بمولد إسماعيل ..... ثم تمضي الآيات في سورة الصافات حتى الآية رقم (108) (( وتركنا عليه في الآخرين)) والآخرين هم أمة الإسلام المعروف بأنها آخر الأمم . وأن نبيها هو خاتم الأنبياء والمرسلين وأنهم في حقيقة الأمر والواقع المعاش الذين لا يزالون يحافظون على سنة هذا الذبح العظيم الذي افتدي به إسماعيل عليه السلام....

ثم تسرد الآية (112) البشرى بمولد إسحق عليه السلام يقوله عز وجل : (( وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين)) ........... ثم أنه في قول الله عز وجل : ((وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين)) ثم قوله عز وجل في آية أخرى : (( فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب)) .. ما يتحدث عن المستقبل وينفي محنة الإبتلاء برؤيا الذبح كإمتحان .. لأن الإمتحان هنا ((وبالعربي الفصيح)) كان سيكون مكشوفا .... ومعنى الآيات الواردة في شأن إسحق أنه يولد لإبراهيم وسارة في حياتهما حفيد يسمى ((يعقوب)) فيكون من ذريته العقب والنسل وعليه فلا يجوز بعد هذا أن يؤمر إبراهيم بذبح ((إسحاق)) وهو صغير لأن الله عز وجل وعد أبويه بأن إسحق إبنهما سيكون له ولد إسمه يعقوب ويكون له نسل وأن إسحاق سيصبح نبيا .. فكيف يستقيم أمر الذبح هنا مع البشرى إن كان المقصود بالذبيح إسحاق ؟؟؟؟

أما في حالة إسماعيل عليه السلام فقد قال الله عز وجل : ((فبشرناه بغلام حليم)) وفي ذلك التبشير بهذا النص ما قد بفهم أن هذا الوليد سيصل به العمر إلى حد سن الغلام الحليم . ولكن لا حديث عن ما يلي تلك المرحلة من العمر مما يفيد بأن الله عز وجل بعدم التطرق في فحوى بشراه لإبراهيم إلى (مستقبل حياة ) إسماعيل في مرحلة الشباب والرجولة إنما يمهد بذلك لإمتحان إبراهيم عليه السلام برؤيا الذبح ... ثم قوله عز وجل : ((فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى)) أي بعد أن ترعرع إسماعيل وصار (حسب نص البشرى به) غلاما حليما مفرحا ، يغدو ويروح صحبة أبيه (وهي كما يقال أحلى سنوات فرحة الأب بصحبة إبنه وفرحة الإبن بصحبة أبيه) قال له أبيه إبراهيم إني أرى في المنام أني أذبحك .... ورؤية الأنبياء والمرسلين حق ..... وكان جواب إسماعيل في غاية التوكل على الله فأجابه قائلا: ((قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إنشاء الله من الصابرين)) ... ثم تمضي القصة حتى نهايتها حيث يقول الله عز وجل: ((وفديناه بذبح عظيم)) وهو كبش أبيض أقرن أعين . وقد كان رأس هذا الكبش معلق في ميزاب الكعبة حتى يبس ... ثم أن كل الأحداث والمواقع والمناسك التي كان العرب يتبعونها في الحج خلال جاهليتهم ثم إسلامهم تؤيد وتدعم هذه الحقيقة التي لا مراء فيها .. بل أن المشركين لم يعترضوا على ما جاء في هذه القصة من حقائق في سورة الصافات وهي سورة مكية .. ولو كان بها حرف أو عبارة أو سرد غير حقيقي لسارع مشركي قريش وحلفائهم من اليهود ونصارى نجران والروم إلى معارضتها في وقتها . ولكنهم سكتوا عن ذلك مما يدل على أن ما جاء بها من سرد تاريخي هو عين الحقيقة بلا جدال ولا منازع .......

ومن ناحية أخرى فلا يوجد دليل أو زعم يهودي قديم كان أو جديد بأن ((السيناريو)) الذي جرى في خضمه محاولة الذبح موجود في مكان آخر غير الحرم المكي الشريف ومنطقة الجمرات ومنى ... وإسحاق عليه السلام لم يترعرع ولم يشب في مكة وإنما كان إسماعيل عليه السلام جد العرب المستعربة فيما بعد هو الذي شب وترعرع وعاش ومات ودفن بها ...... أما تكملة السيناريو الذي تحدثت فهو بلا شك الذي نعايشه منذ بداية شعيرة الحج حيث يجدر الذكر لمن لا يعلم من المسلمين وغير المسلمين أن الحج كان شعيرة سنوية قبل الإسلام ولكن شابته العديد من الممارسات الجاهلية المشركة التي حادت به عن الأسس السليمة التي حج بها إبراهيم وإبنه إسماعيل عليهما السلام . فقد كان إبراهيم عليه السلام هو أول من حج على نفس الشعائر التي حج بها الرسول صلى الله عليه وسلم فيما بعد وهو الذي أمره الله عز وجل بعد أن فرغ من رفع قوائم البيت وبنائه بمساعدة إبنه إسماعيل أن يؤذن في الناس بالحج ((ولهذا قصة أخرى نضرب صفحا عن تفصيلها) ... المهم نذكر أن رمي الجمرات والذبح بمنى لم يأتيا مزاجا أو من فراغ ولكنهما جاءا مكملين لسيناريو الذبح حيث أنه لما ذهب إبراهيم وإسماعيل لتنفيذ الذبح في منطقة رمي لجمرات عرض لهما إبليس اللعين يحاول تحريضهما على العصيان فرمياه بسبع حصايات فنكص على عقبيه ثم حاول مرة أخرى ففعلا به كذلك فنكص على عقبيه ثم حاول الثالثة معهما ومع السيدة هاجر رضي الله عنها فرجماه ورجمته أيضا . وعندها أدرك إبليس أن وعد الله حق وأنه لن يطاع من قبل عباد الله الصالحين ولا سلطان له عليهم، فبئس منهم. وكان إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام في تلك الساعة قد وصلا إلى منطقة منى . وحين جاء وقت تنفيذ الرؤيا واستسلما للأمر وأنقادا ؛ فدى الله عز وجل إسماعيل عليه السلام بالكبش المشار إليه ......

وفي نهاية الأمر فلا أظن أن اليهود البخلاء كانوا سيستجيبون لإنفاق مبلغ مقدر من المال للتقرب إلى الله عز وجل لو كان قد سن لهم ذبح خروف أقرن أعين سليما معافى أو حتى كتكوتا كل عام و سواء جاء ذلك في التوراة أو الإنجيل (حيث أنزل الله التوراة والانجيل على اليهود في الأصل وكان موسى وعيسى عليهما السلام يهوديان) وهم ... أي اليهود ... الذين امتحنهم الله عز وجل من قبل أثناء معيتهم لموسى عليه السلام بأن أمرهم بذبح بقرة واحدة فصاروا يماطلون ويتحايلون ويتهربون وعددهم آنذاك لا يقل عن 600,000 نسمة (ستمائة ألف نسمة) بخلوا واستخسروا ذبح بقرة في بادئ الأمر (ثم ذبحوها وما كادوا يفعلون) ، فما بالكم لو كان قد سن لرب كل أسرة فيهم ذبح خروف أقرن أملح يتصدقون بثلثه للفقراء والمساكين؟؟؟؟ لا شك أنهم كانوا سيختارون الخروج عن الدين والملة والدنيا بحذافيرها .......

ولا أنسى الإشارة إلى بعض القساوسة الصليبيين الناشطين في حرب الإسلام ، ومن يسمون أنفسهم بالحادبين على حقوق الحيوان الذين لا يكفون صبيحة كل عيد أضحى عن البكاء والعويل وشق الجيوب ولطم الخدود وذرف دموع التماسيح على الكباش المساكين التي يذبحها المسلمين ... فهل يذبح المسلمون هذه الخراف تشفيا ولعبا ولهوا ليلقوا بلحومها في العراء أم أنهم يأكلون منها ويتصدقون للفقراء والمساكين ؟؟؟؟ ولماذ لا تتباكى هذه المنظمات المشبوهة على الخنازير والخراف والمواشي والقرود التي تذبح كل ساعة وكل يوم في كل أنحاء العالم وتعرض وتباع في الأسواق ويتم تصديرها عبر البحار من فرنسا وبريطانيا وأستراليا ونيوزيلندا والولايات المتحدة والبرازيل والأرجنتين وحتى الهند الهندوسية والصين البوذية إلى الأسواق المستهلكة في كافة أنحاء الكرة الأرضية ؟؟؟ أم أن المسألة هي مجرد ((حيلة)) و ((ذريعة)) للهجوم على الإسلام العظيم ؟؟؟ ثم أن العالم المسيحي في الولايات المتحدة يذبح ملايين الديوك الرومية في أعياد الشكر(Thanks giving day) ، فلماذا تسكت هذه المنظمات المشبوهة عن ديوك النصارى وتبكي على كباش المسلمين ؟؟؟..... أم هو حلال لهم حرام علينا ؟؟؟
وقــد أثبت الألمان النصارى قبل المسلمين أن طريقة الذبح الإسلامي هي أكثر الطرق رأفة بالحيوان وأسلمها من الناحية الصحية. وأن الطرق التي يتبعها النصارى في ذبح الحيوان سواء بالصعق الكهربائي أو غيرها هي الأكثر إيلاما ووحشية. ......