مواضيع اليوم

هل قتل انور السادات جمال عبد الناصر؟

علي جبار عطية

2010-09-19 15:00:49

0

إذا كانت فرضية الاغتيال صحيحة، فأنا أقول إننى حتى هذه اللحظة لا أستطيع أن أقطع برأيى فى هذا الموضوع، لأنه موضوع كبير جداً، خاصة إذا لم تكن هناك أدلة قاطعة وواضحة، وأعلن أن الشكوك أخذت بعض الناس إلى بعيد، وهناك شكوك طالت الرئيس أنور السادات وأنا أظن أن هذا الكلام غير مقبول، والناس اللى بيحكوا هذه الروايات يستشهدوا بواقعة فى الهيلتون وكنت موجوداً، وأثناء مناقشة بين ياسر عرفات والرئيس جمال عبدالناصر احتد الأخير بشدة وتطوع السادات بإعداد فنجان قهوة بنفسه وقدمه لعبدالناصر، والكلام أن السادات فى هذه الفترة وضع السم لعبد الناصر غير ممكن، وما حدش يقول الكلام ده بهذه البساطة لأسباب إنسانية وأخلاقية ولمليون سبب ولأسباب عملية، ولم يكن فى مقدور أنور السادات أن يفعل هذا، ولكى يصدق أحد هذا الكلام فهو يحتاج إلى أدلة كثيرة جداً».
هذا ماجاء على لسان الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، ببرنامج «تجربة حياة» على قناة الجزيرة، مساء الخميس الماضى،
وأثار الشكوك حول إمكانية أن يكون أنور السادات وضع سماً للرئيس جمال عبدالناصر فى القهوة، التى أعدها له قبل وفاة الأخير بثلاثة أيام.
مما اثار حالة من الصدمة فى اوساط الرأى العام المصرى ما بين مؤيد ومعارض فقد استند المؤيدون الى علاقات انور السادات القديمة مع كمال ادهم رئيس المخابرات السعودية وبالتالى علاقات انور السادات من خلالة...... مع المخابرات المركزية الامريكية
• كان الأستاذ هيكل قد كتب عن علاقة السادات ب -كمال أدهم- مدير المخابرات العامة السعودية، وأرجعها لحوالى عام 1954 عندما كان عبدالناصر قد قرر تكوين منظمة المؤتمر الإسلامى ورشح أنور السادات لتولى رئاستها وهى المنظمة التى تعرف من خلالها أنور السادات على كمال أدهم، الذى كان فى ذلك الوقت مستشارا وصهرا للأمير فيصل قبل أن يصبح ملكا على السعودية.

كما كتب الأستاذ هيكل عن دور كمال أدهم فى فتح قناة خاصة بين السادات من ناحية وبين وكالة المخابرات المركزية الأمريكية من ناحية أخرى، وذلك فى أعقاب تولى أنور السادات الحكم وانفراده بالسلطة فى 1971. كما تحدث هيكل عن لقاء أنور السادات بوزير الخارجية الأمريكى هنرى كيسنجر فى 7 نوفمبر 1973 وبعد حرب أكتوبر مباشرة وكيف تم الاتفاق فى هذا اللقاء على أن تكون أمريكا مسئولة عن حمايته الشخصية وتم تعيين واحد من خبرائها فى الشئون العربية لكى يكون موجودا باستمرار فى مقر الرئاسة لمراقبة شئون الأمن.

وتحدث هيكل عن نادى السفارى الذى شاركت فيه مخابرات خمس دول هى مصر والسعودية وإيران والمغرب وفرنسا، علاوة على أمريكا، لمواجهة المد الشيوعى فى إفريقيا حسبما قيل فى تلك الفترة.

كل هذه المعلومات وأكثر ذكرها الأستاذ هيكل فى -خريف الغضب-، ولكن كتاب -لعبة الشيطان- الذى صدر الشهر الماضى فى واشنطن يتتبع العلاقة التاريخية بين أنور السادات والدوائر الأمريكية ويرسم صورة تاريخية كاملة لها.

يقول الكتاب منذ سنوات ثورة يوليو الأولى كانت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تمتلك ملفا خاصا عن أنور السادات. كان هذا الملف يحتوى على معلومات عن سنوات العمل السرى التى اندمج فيها أنور السادات قبل الثورة وحيث كان واضحا أن أنور السادات من بين كل من شاركوا فى ثورة 23 يوليو 1952 أكثرهم التصاقا بالعمل السرى.

احتوى هذا الملف على معلومات عن علاقة أنور السادات بالمخابرات الألمانية والجواسيس الألمان، مما أدى لاعتقاله ومحاولته اغتيال أمين عثمان فى يناير 1946 ثم انضمامه للحرس الحديدى الذى رعاه الملك فاروق ورئيس ديوانه أحمد حسنين باشا للانتقام من مصطفى النحاس باشا رئيس حزب الوفد بعد واقعة 4 فبراير 1942. وكيف حاول أنور السادات وشارك فى محاولة قتل النحاس باشا فى أبريل 1948. علاوة على أنه حتى بعد الانضمام لتنظيم الضباط الأحرار استخدمه قائد هذا التنظيم جمال عبدالناصر للتجسس على القصر والسراى الملكى وتسقط الأخبار من هناك.

ويواصل كتاب -لعبة الشيطان- متتبعا ملف أنور السادات فيقول بعد اندلاع حركة الضباط الأحرار فى 23 يوليو 1952 ألقى أنور السادات بكامل ثقله وراء الزعيم الحقيقى لهذه الحركة جمال عبدالناصر وربط مصيره بمصير عبدالناصر، ولذلك كان مؤيدا له فى كل المواقف التى اتخذها، خصوصا فى مواجهته الحاسمة ضد الجنرال محمد نجيب فى إطار الصراع على السلطة الذى اندلع بينهما. كما أنه فى الصراع بين عبدالناصر وجماعة الإخوان المسلمين التى حاولت الانقلاب على النظام الناصرى الناشئ اتخذ السادات جانب عبدالناصر بالكامل ورغم علاقاته القديمة بقيادات هذه الجماعة أثناء العهد الملكى.

ووصل الحال أن قام أنور السادات فى يناير 1954 وفى أعقاب قيام مجموعة من -البلطجية- التابعين للإخوان المسلمين بالاعتداء على طلاب فى جامعة القاهرة بكتابة مقال هاجم فيه جماعة الإخوان ووصفها بأنها -جماعة الاتجار فى الدين-. وبعد هذا المقال بيومين فقط أصدر عبدالناصر قرارا بحظر الجماعة واصفا إياها بأنها -مخلب قط للإنجليز والمخابرات البريطانية.

كان كمال أدهم كما يقول كتاب -لعبة الشيطان- يبلغ وكالة المخابرات الأمريكية أولا بأول بتطور علاقته ب -أنور السادات-، خصوصا أثناء حرب اليمن التى مثلت استنزافا ل -جمال عبدالناصر- ونظام حكمه، رغم أن السعودية ومصر كانتا فى ذلك الوقت تقفان فى معسكرين متضادين.

وعندما مات عبدالناصر فجأة فى 28 سبتمبر 1970، وبعد أن كان قد عين السادات نائبا له منذ أقل من عام 10 شهور فقط لم تصدق الرياض وواشنطن نفسيهما ولم تتملكهما فرحة على حد قول الكتاب كتلك الفرحة التى جاءت مع تولى أنور السادات للحكم. لقد كانت السنوات الإحدى عشرة التى تولى فيها السادات حكم مصر كما يقول مؤلف كتاب -لعبة الشيطان- نعمة كبرى وحقيقية حولت مجريات السياسة لصالح الرياض وواشنطن تماما فى العالم العربى والشرق الأوسط.

وبمجرد أن تولى السلطة قام السادات ذلك الثعلب السياسى عضو الإخوان المسلمين السابق ونصير عبدالناصر الدائم بعقد تحالف مع السعودية قام على إثره بضرب اليسار المصرى وأعاد الإخوان المسلمين منتصرين إلى القاهرة، ثم اختتم ذلك بتوجيه السياسة المصرية نحو الانحياز ل -الولايات المتحدة وإسرائيل-.

يقول كتاب -لعبة الشيطان- طوال سنوات السبعينيات لم يتحكم أحد فى أنور السادات مثلما تحكم فيه الملك فيصل وكمال أدهم.. بل الأكثر من هذا يقول الكتاب إن هناك عددا من السياسيين الذين أحاطوا ب -السادات- مثلما يحيط السوار بالمعصم، كانوا يتلقون أموالا ثابتة من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والمخابرات العامة السعودية. يقول كتاب -لعبة الشيطان- إن علاقة السادات الخفية مع كمال أدهم كانت بدورها قناة سرية مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ومع هنرى كيسنجر بالتحديد، وهو صديق ل -أدهم- والذى كان مهموما باعتباره وزير خارجية أمريكية بإعداد مسرح الشرق الأوسط لحرب باردة ضد السوفييت، وجاء تولى السادات الحكم ليكون تقريبا اللاعب الرئيسى على هذا المسرح.

ورغم علاقة كمال أدهم الوثيقة ب -السادات-، إلا أن الملك فيصل كان مازال خائفا من أن يتحول السادات إلى ثعلب سياسى يتلاعب بالسعوديين، وأن يكون فى حقيقته -ناصر- آخر. إلا أن كمال أدهم، وهو أخو -عفت- زوجة الملك فيصل، أكد للأخير أنه يعرف السادات منذ فترة طويلة وأن عضوية السادات القديمة فى -الإخوان- تؤكد وجود ميول يمينية لديه.

وأن السادات كما يعرفه أدهم جيدا يعشق مظاهر الفخفخة فى الحياة، وبناء عليه قرر الملك فيصل تعيين كمال أدهم مبعوثا شخصيا بينه وبين أنور السادات، وهكذا لم يكن يمر شهر واحد على وفاة جمال عبدالناصر حتى كان كمال أدهم فى القاهرة يلتقى مع أنور السادات. وفى هذا الاجتماع قدم كمال أدهم وعدا ل -السادات- بأن السعودية سوف تتكفل له بمساعدات هائلة.

وعلاوة على هذا وهو الأهم قدم كمال أدهم وعدا ل -السادات- بأن الولايات المتحدة سوف تساعد مصر فى الحصول على أرضها بشرط واحد هو قيام السادات بفض علاقته مع السوفييت، ويطلب انسحاب القوات السوفيتية من مصر.


وفى يناير 1971 أصبح ل -كمال أدهم- وجود دائم فى مصر وفى حياة السادات. لم يكن أدهم مجرد وسيط موفد من الملك فيصل، ولكنه أصبح قناة سرية للتواصل بين السادات وكيسنجر وبين السادات ونيكسون بعيدا عن القنوات الرسمية المعروفة فى وزارة الخارجية. كما أنشئ خط ساخن بين السادات وفيصل وأصبح أشرف مروان الذى تولى منصب سكرتير السادات للمعلومات هو المسئول عن هذا الخط.

والمعروف أن الولايات المتحدة لم يكن لها سفارة فى القاهرة فى ذلك الوقت، ولكن السفارة الأسبانية كانت هى التى ترعى المصالح الأمريكية فى القاهرة بعد قطع العلاقات بين القاهرة وواشنطن فى أعقاب 1967.

وفى مايو 1971 بدأ السادات بالتخلص من رجال عبدالناصر بعدما ادعى أن هؤلاء كانوا يخططون للقيام بمؤامرة للإطاحة به ووصفهم بأنهم عملاء للسوفييت. وبمساعدة من أشرف مروان ذلك البيروقراطى المصرى قام السادات بالقبض على رئيس مجلس الأمة ووزير الدفاع وعدد آخر من الوزراء. لقد كان أشرف مروان صديقا حميما ل -كمال أدهم-، وأدهم الذى سعى لدى السادات لتعيينه سكرتيرا خاصا للمعلومات.

ويقول دايموند كلوز مدير محطة ال -سى. آى. إيه- فى السعودية كان السيناريو المتفق عليه بعد التخلص من الناصريين هو طرد القوات السوفيتية من مصر. وبالطبع كان مزاج السادات مهيأ لذلك.

وبعد قضاء السادات على رجال عبدالناصر بأقل من شهر قام الملك فيصل بزيارة السادات فى القاهرة واتفق الاثنان خلال هذه الزيارة على أشياء أساسية: أن يواصل السادات طريقه فى التخلص من الشيوعيين البلاشفة الموجودين على أرض مصر والمقصود القوات السوفيتية الموجودة وأن يكون هناك تنسيق بينهما فى حالة لو قرر دخول حرب ضد إسرائيل والأكثر من هذا الاتفاق على إعادة قيادات الإخوان المسلمين المنفية فى السعودية وفى بلاد أخرى إلى مصر.

وبدءا من صيف 1971 بدأ السادات فى إطلاق سراح المسجونين من أعضاء هذه الجماعة والسماح لأعضائها بالخارج فى العودة، وكل هذا بترتيب خاص من الملك فيصل ومدير مخابراته كمال أدهم.

وفى إحدى المرات قام أعضاء هذه الجماعة يتقدمهم عمر التلمسانى وهو محام وبعد إطلاق سراحهم بالتوجه إلى القصر الرئاسى وتسجيل أسمى آيات الشكر ل -السادات- فى سجل التشريفات الخاص. وكانت تلك بدايات خروج قوى الإخوان من القمقم الذى فتحه السادات بترتيب خاص من السعودية وال -سى. آى. إيه-.
وبعد أن وفى السادات بوعوده مع الملك فيصل وكمال أدهم بالخلاص من رجال عبدالناصر وطرد الخبراء السوفييت من مصر وإعادة الإخوان المسلمين والعفو عنهم، كان يتبقى أن ينفذ الملك فيصل جانبه من اتفاقه مع السادات فى يونيو 1971 وهو المساعدة فى استعادة الأراضى المصرية المحتلة، خصوصا مع تزايد الضغط الشعبى عليه لاستعادة هذه الأراضى.

ولكن لم تبرز إسرائيل ولا أمريكا رغم كل القنوات السرية معهما أى دلائل على الاستعداد لترك شبه جزيرة سيناء بل وسعت إسرائيل فى بناء بعض المستوطنات هناك.


إلا أن الملك فيصل كان مصمما على عدم وقوع مصر مرة أخرى فى أيدى القومية العربية الراديكالية. فى البداية قام الملك فيصل بإصدار عدد من البيانات الصحفية ينتقد فيها الولايات المتحدة، إلا أن ذلك لم يحرك ساكنا.

وفى صيف 1973 قام فيصل بنقل رسالة خاصة لرئيس شركة أرامكو الأمريكى -فرانك جنجيرز-، مشيرا فيها إلى المخاطر التى تواجه تدفق البترول من جراء قيام حرب مصرية إسرائيلية. ورغم ذلك لم تبال أمريكا وعندما فشل فى ذلك فى نفس الوقت الذى فشلت فيه اتصالات السادات السرية مع كيسنجر قرر الاثنان أنه لا مفر من الذهاب لحرب.

ويزعم مؤلف كتاب -لعبة الشيطان- أن السادات فتح مصر على مصراعيها لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، علاوة على أنه سمح لها بوضع أمنه الشخصى تحت حماية عناصرها الموجودة فى القاهرة.

إلا أن ال -سى. آى. إيه- لم تلتفت إلى الجن الذى كانت قد أخرجته من القمقم بمعرفة أنور السادات وهو جن الأصولية الإسلامية. كان كل هم الأمريكان هو استخدام السادات كرأس حربة فى حربهم الباردة ضد السوفييت، وقد حقق لهم ما أرادوه ولكن بعد إخراج جن الأصولية الإسلامية من القمقم، وهو ما قاده إلى -المنصة الدامية-.

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !