( بعد أن انتهيت من صلاة القيام جلست في غرفة الجلوس وفتحت التلفاز .. و إذ بالشيخ السديس في المسجد المكي يدعو دعاءه لليلة القدر ويقول " اللهم أعز الإسلام والمسلمين و أذل الشرك والمشركين ودمر أعداءك أعداء الدين و يحمي اللهم حوزة الإسلام و المسلمين " هنا استوقفني دعاء هذا الشيخ وقلت في نفسي : من سنين ونحن ندعوا بهذا الدعاء في ليلة القدر وفي غير ليلة القدر و حال المسلمين من سيء لأسوأ !! فلماذا لا يستجيب الله لنا !! و لم أجد إجابة إلا أننا لم نطبق الآية الكريمة التي تقول " إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم " )
هذا ما قاله الشيخ ناظم المسباح في أحد دروسه الدينية التي يلقيها بعد صلاة التهجد في العشر الأواخر من رمضان .. و قد أثار بي الشجون و تأثرت جدا بكلماته التي كانت نابعة من قلب صادق و إدراك فذ وحي بمشاكل الأمة الحقيقية التي باتت أثقل علينا من الجبال الراسيات .. ندعوا وندعوا و ندعوا .. ولا يستجاب لنا .. فلماذا !! ألم يقل الله تعالى " ادعوني أستجب لكم " فهل استجبنا نحن لله حتى يستجيب هو لنا !! و نحن في كل رمضان نرفع أكفنا بالدعاء و نبتهل للمولى عز وجل بأن يعز أمة الإسلام و المسلمين و أن يجعل كيد اليهود في نحورهم و أن و أن و أن .. و ها هم أهالي غزة مازالوا قابعين تحت الحصار .. و كذا المستضعفين من المسلمين هنا و هناك مازالوا يتجرعون ويلات الجوع والفقر والخوف !! فلمَ لا يستجاب لنا !!
هل الخلل في المنظومة الإلهية التي تقول " ادعوني أستجب لكم " !!!! أم أن الخلل فينا نحن الداعيين المتضرعيين إلى الله ؟ إن الخلل يكمن فينا نحن المسلمين .. ما زلنا على حالنا ولم نغير ما فينا حتى يغير الله حالنا .. مازلنا نرتشي .. مازلنا نكذب .. مازلنا نتعامل بالربا .. مازلنا نخدع و نراوغ .. مازلنا بعيدين عن كتاب الله منهجا وتطبيقا .. مازال الأكثرية من المسلمين بعيدين عن هموم أمتهم الحقيقية .. لاهين بهمومهم الشخصية السخيفة التافهة .. مازلنا غارقيين بأمراض قلوبنا من حسد وكبر و كره ورياء وسمعة .. مازلنا لا نكترث أنأكل من حلال أم نأكل حرام .. مازلنا متكاسلين عن أداء أعمالنا على الوجه المطلوب .. مازال رب العمل يشكو من تقصير العاملين و إهمالهم في تتمت أعمالهم .. مازلنا لا ندرك جيدا ما هي أولوياتنا .. مازالنا نرى المنكر و نتجاوزه وكأن شيء لم يكن و بعدها نطلب المجد والعزة من الله !!
عندما أفكر بكل هذه الأمور أشعر بإحباط و يأس شديدين و أشعر أن المسافة بيننا وبين ما نرنوا له مازالت بعيدة جدا جدا .. و أننا مهما فعلنا الآن فلن ندرك مجدا لهذه الأمة في حياتنا .. و لكن يظل الأمل منعقدا على من سيأتي بعدنا من الأجيال القادمة .. ربما اليوم لم أستطع أنا أن أكف نفسي أو أمنعها أن تكذب أو تخادع أو تتوانى عن أداء واجبها تجاه المحيطين أو أو أو لكن لأمنعها على الأقل عن توريث هذا الزيف النفسي و العملي للأجيال القادمة التي باتت أملنا الوحيد .. ربما نحن لا نستحق أن نرتشف رحيق المجد أو أن نطرق أبواب التقدم و التطور .. لكن الأجيال القادمة من أبناء هذه الأمة لابد أن لا نرتضي لهم إلا ذلك .. و لابد أن نقف هنا ولا نسترسل في أنانيتنا اللامحدودة .. من استطاع إصلاح نفسه فهنيئا له و هنيئا لأمته به .. أما من بات سجينا لذاته و رهنا لنفسه و هواه فليتذكر أن هذا الطفل أو هذه الطفلة لبنة في بناء صرح يأسنا نحن من أنفسنا أن نراه عاليا متلألأ في السماء في حياتنا .. و لنحاول أن نراه كحلم أبيض جميل في أعين أبنائنا .. و ليكن دافع الحب و التضحية و الأمل بنهضة أمتنا مستقبلا و بأن يحيى أبناؤنا حياة أفضل من حياتنا هو المحرك الأساسي لتغيير واقعنا - ما أمكن - و واقع أبنائنا في المستقبل إن شاء الله .. أطيب المنى ..
التعليقات (0)