مواضيع اليوم

هل سينجح الإسلاميون في إدارة الحكم...؟

حسام الدجني

2012-03-06 06:44:35

0

الإسلاميون لا يمتلكون العصا السحرية التي من شأنها أن تحل كافة قضايا وهموم المواطن العربي، حتى وإن امتلكوا من الأيدي الأمينة والكفاءات الكثير، لأن متاهات الحكم معقدة، ودهاليزه عميقة، وتحديات النجاح داخلياً وخارجياً كبيرة، وما يخشاه الناخب العربي أن يسقط الشتاء الإسلامي في تفاصيل الحكم الصغيرة، فالإسلاميون سلفيون كانوا أم إخوان يمثلّون أمل الأمة في بناء مشروع حضاري إسلامي يقودها نحو الوحدة، ويخلصها من التبعية والاستبداد، وصولاً إلى تحرير فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي.
إذاً ما المطلوب من الإسلاميين في المرحلة المقبلة...؟ وما هي أولوياتهم...؟ عندما تولى السلطان محمد الفاتح مقاليد الحكم بعد وفاة والده السلطان مراد الثاني لم يتجاوز عمره حينها الثالثة والعشرين، فأثار هذا التعيين حفيظة ولاة المناطق، وبدأوا بصناعة الأزمات رغبة منهم بالاستقلال عن الدولة العثمانية، وبدأت المشاكل والأزمات تنتشر في جسد الدولة العثمانية، حتى جاء وزير السلطان وقدم مقترحاً بأن يتم ترتيب هذه المشاكل حسب أولويتها كي يشرع السلطان في معالجتها واحدة تلو الأخرى، هنا قال السلطان محمد الفاتح كلمة شديدة القوة والعجب: وهل سأقضي عمري كله في حل المشاكل، أعطوني خرائط القسطنطينية، الحصن الذي قهر كثير من الملوك والسلاطين، وبدأ بالفعل في تجهيز الأمة لهذه الغاية النبيلة، وتحقق الحلم، وفتحت القسطنطينية عام 1453م، وحينها تبخرت مشاكله الآنية، أمام هدف الأمة الأكبر.
ما أردت إيصاله من حدث فتح القسطنطينية، هو ذوبان المشاكل والأزمات الصغيرة أمام الأهداف الكبيرة، وهنا هدف الأمة الأكبر هو تحرير فلسطين والمسجد الأقصى من نجس الصهاينة، وعندها ستغيب مشاكل وتفاصيل الحكم الصغيرة.
إذاً، المطلوب من الإسلاميين في المرحلة المقبلة، التحضير للهدف الأكبر من خلال عدة مراحل تبدأ بمرحلة بناء الإنسان، وتوحيد الأقطار، وصولاً إلى تحقيق هدف الأمة عبر الفتح المبين.
1- مرحلة بناء الإنسان: لابد من التركيز في المرحلة المقبلة على بناء الإنسان العربي المسلم، والعمل على نقله من السلبية إلى الايجابية من خلال العمل على استعادته الثقة بنظامه السياسي المبني على الفكر الإسلامي الساعي لوحدة الأمة واستعادة مجدها القديم ، وهذا يتطلب العمل على جودة التعليم والتثقيف السياسي، وترتيب الأولويات الوطنية، وحمل الناس وإقناعهم بالهدف الأكبر الذي تذوب معها مطالبهم الصغيرة، فيؤثرون المستقبل على الواقع، ويقدمون الغالي من أجل امتلاك وسام العزة، وفي نفس الوقت لابد من نهج سياسة تقشفية تبدأ من رأس الهرم وصولاً إلى قاعدته، لأن إعداد الإنسان العربي إعداداً جيداً سيواجه بتحديات كبرى من النظام الدولي، وسيواجه بحصار شديد، وهنا يصبح التقشف ثقافة من أجل قضايا أكبر وأشمل.
2- مرحلة توحيد الأقطار: جميعنا يعلم أن اتفاقية سايكس بيكو وسان ريمو قسمت الوطن العربي إلى مناطق نفوذ لبريطانيا وفرنسا، واليوم تبحث الولايات المتحدة عن تفتيت آخر ينسجم مع مصالحها ورؤيتها للمنطقة، وبين هذا وذاك لابد من الإسلاميين أن ينتهجوا طريق وحدة الأقطار العربية، وقد يحمل الرئيس التونسي منصف المرزوقي مثل هكذا رؤية، ففي أول زيارة رسمية له للجزائر صرح بما يلي: "آمل أن تكون 2012 سنة اتحاد المغرب العربي"، ومن الممكن أن تنمو الفكرة القديمة الجديدة، وتكون جامعة لكل الدول العربية، ولكن ليس على طريقة جامعة الدول العربية، وإنما بصياغة اتحاد شامل يضم الدول التي تم تحريرها وتولى الإسلاميون قيادتها على غرار الاتحاد الأوروبي أو نحو ذلك، وهذا سيدفع إلى توحد شعوب وقلوب الأمة خلف الهدف الأكبر، وهو تحرير المنطقة من الاستبداد والاستعباد والتبعية والاحتلال.
3- مرحلة الفتح المبين: في حال تم الإعداد الجيد للإنسان العربي، وبدأت التعبئة الوطنية تأخذ مساراً نحو الأهداف الكبرى، فإن مرحلة استعادة الدور العربي المفقود في المنطقة ستعود وبقوة، وستكون الحضارة الإسلامية في مقدمة الحضارات، وسيكون هدف تحرير القدس من أولويات الأمة، وخصوصاً بعد أن تحررت الشعوب العربية من أنظمتها الشمولية.

أما لو سارت حركات الإسلام السياسي في البحث في تفاصيل الحكم الصغيرة فإنها ستغرق في بحورها، ولم تقدم للمواطن سوى الفتات، وقد تقع في مغريات السلطة وجمالها، فالسلطة المطلقة مفسدة مطلقة.

Hossam555@hotmail.com





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات