مواضيع اليوم

هل سيطبق السيد الوزير القانون على ابنه

زين الدين الكعبي

2009-05-03 13:28:56

0

ورد في تقارير الأخبار هذه الأيام ان مجلس وزراء الداخلية العرب قد نشر تقريرا في الثاني من مايس ( مايو ) الحالي عن حوادث السير في الدول العربية ورد فيه .

ان حوادث السير في الدول العربية تقتل سنويا  اكثر من 26 الف انسان وتتسبب في اصابة اكثر من 250 الف اخرين وتكبد دول المنطقة خسائر مادية باكثر من 60 مليار دولار امريكي .

وقد وصف التقرير ما يجري في شوارعنا العربية بوصف (( معركة الشوارع )) كناية عن عدد الحوادث الكبير .

لا يخفى على احد مدى المعاناة المعنوية والنفسية اللتي يعانيها الأهل في حالة تعرض احد افراد الأسرة لحادث مروري , ولقد شهدت انا شخصيا حادثا مروريا منذ ايام اثناء وقوفي بباب المدرسة اللتي تنتمي لها ابنتي , حيث دهس احد السواق الطائشين بنت طالبة في نفس المدرسة لا يتجاوز عمرها العشر سنوات مما ادى الى كسر ساقها كسرا فظيعا حتى اني والمارة رأينا عظم ساقها خارجا من اللحم والجلد . وكم كان هذا منظرا مؤلما بالنسبة لي والأكثر ايلاما سماعي في اليوم التالي لخبر بتر ساقها بعد نقلها الى المستشفى . صحيح ان اهل الضحية سيشكرون الله على نجاة ابنتهم من موت محقق على يد سائق شاب لا يتجاوز العشرين يسوق سيارة حديثة مشغولا بالكلام في هاتفه النقال ويسير بسرعة جنونية في شارع فرعي فيه مدرسة ابتدائية . الا انني متأكد ان الأب والأم على الأقل سوف يعيشون طوال ايامهم القادمة وهم يتألمون ويتحسرون على ابنتهم الشابة مبتورة الساق . وكان الله في عون البنت وهي اللتي ستعيش باقي حياتها معوقة لا تستطيع اللعب مع اقرانها في باقي ايام طفولتها ولا ان تحصل على وظيفة محترمة وربما لن تستطيع ان تكون اسرة الا اذا حصلت معجزة الهية , خاصة وان مجتمعاتنا العربية لازالت تنظر الى المعوق على انه انسان ناقص .

ان وزراء الداخلية العرب اللذين نشروا هذه الأرقام المريعة عن حوادث السير في الوطن العربي واللذين يطالبون في بيانهم المواطنين بأحترام القانون وعلى تطبيق اشد العقوبات على المخالفين لقوانين المرور هم في اعتقادي اول المسؤولين عن ارتفاع نسبة هذه الحوادث .

نعم ان دور الأهل كبير في هذا الموضوع , وان الآباء اللذين يطلقون الوحوش اللذين يسمونهم ابنائهم المراهقين في الشوارع بسيارات سريعة يقتلون الناس مسؤولون بنسبة كبيرة عن وقوع الحوادث المؤسفة , الا ان نشر الوعي المروري والثقافة المرورية وتطبيق القانون الصارم على الجميع هي من اهم الأمور اللتي تمنع حصول هذه الحوادث .

فبينما تربي الدول المتقدمة ابنائها على احترام القانون بصورة عامة ومعرفة قوانين المرور نظريا وعمليا وتجعل طلاب المدارس الصغار انفسهم ينظمون يوميا حركة المرور في المناطق القريبة من مدارسهم تحت اشراف شرطة المرور والمدرسين , نرى مدارسنا تكتفي بدرس او درسين يشرحان للطالب ان الضوء الأحمر يعني التوقف والأخضر يعني الأنطلاق وبضعة وصايا شفهية بضرورة التأكد من خلو الشارع قبل العبور سرعان ما ينساها الطالب بعد يومين او ثلاث .

 لقد اصبح انتهاك قانون المرور في الكثير من الدول العربية ان لم يكن في جميعها اهون من شرب الماء . فطالما بأستطاعة السائق المخالف ( واللذي يرقى الى مستوى المجرم الخطر في رأيي ) ان يفلت من العقوبة عن طريق دفع الرشوة او ان يستدعي اقاربه من المسؤولين والمتنفذين للتوسط لدى الشرطة فلن يرعوي هذا السائق عن تكرار مخالفاته الى ان يقتل او يجرح نفسه او شخصا اخر .

انظباط الشوارع وأحترام قانون المرور في أي دولة من دول العالم يتطلب رفع ممنهج للمستوى الثقافي والعلمي لشعبها الأمر اللذي يصعب تنفيذه في دولنا العربية في ظل التخلف الواضح في مناهج وطرق التعليم عندنا  . كما ان تطبيق القوانين الصارم على المخالفين لهذه القوانين دون تمييز بين المواطن العادي والمواطن المسؤول او بين الغني والفقير كفيل بالقضاء على نسبة كبيرة جدا من حوادث المرور القاتلة . وايضا وبسبب انعدام الديمقراطية والرقابة الشعبية ستظل هذه القوانين تطبق على الضعيف فقط دون القوي الأمر اللذي سيبقي على النسب العالية للحوادث المرورية .

ترى لو قام احد ابناء وزراء الداخلية العرب اللذين نشروا التقرير المروري هذا بدهس احد المواطنين العاديين في دولنا العربية هل سيقوم والده الوزير بتطبيق القانون على ابنه العزيز ؟؟؟ .




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات