مواضيع اليوم

هل سيبقى "المصباح" مضيئاً أم سرعان ما ستنطفئ فتيلته؟!

إدريس ولد القابلة

2011-12-05 21:00:36

0

أولاً وقبل كل شيء إن ما يقع اليوم من مخاض وحراك في المغرب –على جميع المستويات والأصعدة، إما إيماناً حقاً أو تمثيلاً ونفاقاً- هو ثمرة من ثمار الربيع العربي الذي أعطت انطلاقته ثورة الياسمين بتونس التي قيل أن بلادنا في منأى عنها. هذه حقيقة قائمة أراد من أراد وكره من كره. كما أنه في هذا المضمار وجب التنبه إلى التوقيت الذي جاء فيه الإقرار بإضافة أكثر من 20 ملياراً إلى صندوق المقاصة والرفع النسبي المحتشم للأجور وإحداث 4 آلاف منصب شغل للمعطلين حاملي الشهادات العليا، وما هذا إلا للمثال والتذكير ليس إلا، هذا من جهة ومن جهة أخرى تشابه مرحلتي عبد الرحمان اليوسفي وعبد الإله بنكيران في أكثر من نقطة ومقام.


فهل سينجح بنكيران فيما فشل فيه كل من اليوسفي وسي عبّاس؟ وهل يتفوق "المصباح" فيما رسبا فيه بامتياز "الميزان" و "الوردة".


إن مسؤولية حزب العدالة والتنمية جسيمة والتركة ثقيلة جداً، لأن أمام حكومة "المصباح" عتمة وحلكة يشعر بهما العديد من أبناء "مغربنا السعيد". "الله يكون في عون بنكيران ووليداتو". إن حكومة "المصباح" ينتظرها وضع صعب للغاية وقد يكون جملة من المعضلات كلها مستعصية الحل منذ عقود.


إن حكومة بنكيران مفروض عليها فرضاً أن تكون حكومة إنقاذ دون سواها لأن الأغلبية الساحقة للشعب المغربي ضاقت ذرعاً بالمسرحيات السياسية رديئة الإخراج والكذب بالأطنان والمكر السياسي المبيت والوعود المنثورة في الريح في وقت ظل مطلب توفير الحد الأدنى من الكرامة الفعلية للمواطن العادي ولشروط العيش الكريم بعيد المنال رغم التضحيات الجسام على امتداد عقود.


إن حكومة "المصباح" تأتي في ظرف فقد فيه الشباب –رجال الغد- الثقة في النخب السياسية العملية أو المتواطئة أو المتفرجة، والتي هرمت اليوم عن آخرها جسماً وتكوينا وفكراً وطموحاً. إنها (أي الحكومة الجديدة) جاءت في زمن يئس فيه أغلب المغاربة –سيما مغاربة الغد- يأساَ جماًّ من اللعبة السياسية المعتمدة. وفي وقت هبّت فيه بقوّة –لم يسبق لها مثيل في التاريخ- رياح الربيع العربي الذي قيل أن المغرب في منأى عن تداعياته، اضطر القائمون على الأمور على اعتماد بعض الخطوات الإستباقية في الإصلاح أكثر جرأة من السابق، علماً أنها خطوات مازالت لم ترق بعد للمطالب الشعبية "المستدامة" منذ خمسينات القرن الماضي والرامية فعلاً إلى استئصال دابر الفساد وسوء التدبير للتمكن من توفير شروط العيش الكريم الذي بدونه لا يمكن الحديث عن كرامة المواطن سيما في ظل احتكار الثروات، وهو الأمر الذي يتحاشى القائمون على الأمور التطرق إليه خشية انكشاف استمرار اعتماد لعبة سياسية مصممة أصلاً على "استدامة" –اجتماعياً واقتصادياً- احتكار الثروات واستبعاد أي مطلب يرمي إلى إعادة توزيع الثروات بالمغرب، باعتبارها معضلتنا الكبرى منذ سنة 1956.


إن المرحلة صعبة حقاً، فالأوضاع الإجتماعية والإقتصادية متأزمة، وكافة مؤشرات التنمية سجلت تقهقراً مكشوفاً. إن المغرب يحتل المرتبة 130 ضمن 187 دولة، بخصوص مبادرات التنمية، والموقع 15 عربياً ضمن 20 دولة عربية. كما تجاوزت نسبة الحرمان ببلادنا 45 بالمائة، في وقت فاقت نسبة الساكنة المعرضة للفقر الأكيد 13 بالمائة. كما أن آفاق انتعاش الإقتصاد الوطني تبدو أنها مازالت موصدة وضبابية وغضب الشارع والقطاعات في تصاعد واستمرار جملة من رؤوس الفساد وسوء التدبير في مواقعهم رغم أنهم هرموا –جسداً وفكراً وعطاءً- كأن رحم المغرب ليس ولاّد ولم ينجب غيرهم، علماً أن روائح فسادهم وتجاوزاتهم ظلت تزكم الأنوف على امتداد عقود.


وإذا كانت الأوضاع السائدة تشير بجلاء إلى صعوبة تغيير واقع الحال في البلاد، فإنها قبل ذلك تؤكد أنه من الصعب بمكان أن يتمكن "المصباح" بالوفاء حتى ببرنامجه الإقتصادي الرامي إلى تحقيق نسبة نمو تصل إلى 7 بالمئة وخفض عجز الميزانية إلى 3 بالمائة وكذا البطالة. وذلك لسبب بسيط واضح للعيّان منذ الآن، ألا وهو أن "مغربنا السعيد" يعتمد بالأساس على أوربا (تبعية مطلقة – زواج كاتوليكي)، والتي هي أزمة خانقة تسير نحو المزيد من الإتساع والتعمق سنة 2012 من جهة، ومن جهة أخرى إن بلادنا تعتمد على 3 مصادر رئيسية لا رابع لها وهي تحويلات مغاربة الخارج التي تعيش تقهقراً مطرداًً، وعائدات السياحة في تراجع علاوة على أنها لم تعد قادرة ومضمونة في عالم اليوم، وأخيراً الإستثمارات الأجنبية المباشرة الخاضعة لمزاج أصحابها. وبالتالي، نحن لا نملك التحكم في زمام أي مورد من الموارد الرئيسية الثلاثة الكامنة وراء إمكانية تحقيق نمو سريع.


فعلاً لقد ازداد الإقتصاد المغربي تأزماً منذ 3 سنوات على وجه الخصوص بفعل تبعيته القوية للإقتصاد الأوروبي الذي ينتظر أزمة أقوى وأوسع في الأيام القامة حسب التقارير الأوروبية نفسها.
يتزامن اليوم تفاقم عجز الميزانية مع تباطؤ النُسق الإقتصادية المحلية وتقهقر غير مسبوق للصادرات المغربية نحو أوروبا شريكنا الأول –وانخفاض تحويلات العمال المهاجرين وانهيار إيرادات السياحة.
وهذا الواقع دفع العديد من المتتبعين الإقتصاديين إلى النداء بقوة بضرورة التخلص من التبعية لأوروبا عبر تكثيف التعاون مع الدول النامية من عيار جنوب إفريقيا والبرازيل مثلاً وكذا دول الخليج، لكن هذا المنحى يبدو أنه يناقض ما قد تُفضله حكومة بنكيران الجديدة، أي توثيق التعاون مع باريس سيما في مجال الإقتصاد والسياسة الخارجية.
وخلاصة القول "الله يحفظ وخلاص"
مرزوق الحلالي




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات