المطّلع على السياسة الإيرانية يعرف جيّداً أنّ هذا البلد لا يحكمه شخص رئيس الجمهورية لأنّ تفويض الرئيس يأتي من مرشد الثورة الإيرانية على خامنئي و أنّ مجلس الصيانة الذي منع المئات من المرشحين وسمح لروحاني وثُلّة من أعمدة النظام بالترشّح ما هو إلا مجلس يختاره نصف أعضاءه المرشد بنفسه و هو يعيّن رئيسه . فأيّ تغيير طرأ على سياسة المرشد الإيراني بين ليلة وضحاها كي ينتهج مرونة غير معهودة في الملف النووي و يتنازل عن تصلّبه السابق الذي أظهره حيال القضية النووية وقضية التدخل بالشرق الأوسط.؟!
الأسلوب الإيراني المرن جاء ليعطي زخماً جديداً لعمر النظام الذي اقتربت أركانه تهتزّ بسبب الضغوط الغربية الدبلوماسية والعقوبات الإقتصادية القاسية و سخط الجماهير الإيرانية من سياسات إيران الداخلية والخارجية التي ألحقت بالبلد أضراراً جسيمة سياسياً وإقتصادياًً. إذن لا يوجد فرق شاسع بالدرجة الأولى بين روحاني و من سبقه إلاّ أنّ روحاني هو ذلك الذئب الذي يتلبس فروات الحمل الوديع وأنّ خامنئي أراد أن يرسل رسالة للعالم الخارجي عبر روحاني أنه مستعد للتنازل بعض الشئ مقابل رفع الضغوط السياسية والإقتصادية عن بلاده.
فهذا التغيير الحاصل بمجئ روحاني لا هوتغيير جذري حيث يمكن التعويل عليه ولا هو بمنئ عن رضى المرشد و توصياته و لا هو يمسّ جوهر الإرادة الإيرانية في النفوذ في الشرق الأوسط واستكمال السلاح النووي عبر كسب مزيد من الوقت والمماطلة لكي ينجح النظام من إعادة ترتيب أوراقه بعد أن أعطى السلطة لثعلب ماهر مثل روحاني الذي أدار ملفات أمنية خطيرة في وزارة الإطلاعات الإيرانية فيما مضى وتمرّس في اللعب على أكثر من حبل قبل أن يصبح رئيساً لنظام يعرف عنه التلاعب والكذب والتزوير والمماطلة فيجب ألا نعوّل على تغيير كبير في سياسة إيران النووية و إنّ الأيام القادمة في المحادثات النووية بين إيران والدول خمسة زائد واحد ستكون خير دليل على صدق تحليلنا.
التعليقات (0)