وهل سقطت مصر الشعبية بين أقدام لاعبي الفريقين المصري والجزائري في ستاد أم درمان ؟ أم أن فكرة العروبة والقومية وكل الوشائج التي تربط بيننا سقطت لتتقاذفها أقدام اللاعبين داخل الملعب بالاضافة الى لاعبين من خارجها محاولين اخراجها جثة تنتفض مع صافرة الحكم يحاول البعض نفخها قبل ان تلتقط انفاسها الاخيرة .. لاستكمال المشهد يجب ان نسجل خفوت الصوت العاقل للقوميين والعروبيين اثنا ء الشحن الاعلامي قبل المباريات , وموته تماما مع ما تناقل من انباء حول اعتداءات وحصار المصريين في الجزائر وتدمير منشآتهم ثم تحول قلة من القوميين الى الحديث عن كرامة المصريين والهجوم على الجزائريين وتتابع المشهد يشهد هجوما على من قام بالتهدئة وتقدموا بمبادرات محاولين نزع فتيل الازمة قبل المباراة واعادة العلاقات الشعبية العربية الى ما يجب أن تكون عليه بعيدا عن الخبيثة المستديرة .. ويزداد المشهد تدهورا باعلان انس الفقي وزير الاعلام المصري بأن ان كان الامن السوداني لا يستطيع حماية المصريين فإن مصر سوف ترسل قواتها لحماية مواطنيها وقيام مصر باستدعاء سفيرها لدى الجزائر للتشاور واستدعاء سفير الجزائر لديها للاحتجاج وردت الجزائر باستدعاء سفير مصر لديها لابداء قلقها وقبلها استدعت السودان السفير المصري لديها للاحتجاج على الاساءة لصورة السودان في الاعلام المصري ويصل المشهد الى قمته بتدخل اسرائيل بين الدولتين للتهدئة !!!
وبعد عرضنا المبسط للمشهد الذي تصدرته اشتباكات واستعراضات بالسكاكين من قبل الاخوة الجزائريين وحرق السيارات وتحطيم بعضها بالحجارة ومطاردات في شوارع السودان واحتجاز المصريين في محال اقاماتهم في الجزائر تلتها مظاهلاات في القاهرة تطالب بطرد السفير الجزائري .. نتساءل من المسئوول عن كل هذا العبث ؟ واصحاب الايدي الآثمة ومن يقفون من خلفهم والذين يريدون وأد حلمنا في الوحدة والتقارب والتعاون العربي واعتقد ان الاجابة يمكن اجمالها في الاتي
أولا - اعلام الفتنة وهو اعلام غير مسئوول يقوده مجموعة من اللاعبين السابقين الذين يفكرون بأقدامهم وهم المتحولين للاعلام بحثا عن شهرة ولت أو سبوبة سهلة والذين لم يكن لهم هدف سوى اثارة النعرات وتأليب الشعوب وشحنها في خلط بين الوطنية والتشجيع الرياضي وفي سبيل ذلك تلاعبوا بمشاعر ملايين المصريين واثارتهم وشحنهم ضد كل ما هو جزائري وليكون رد الفعل الجزائري على الاعلام المصري عبر صحافتهم بعناوين من عينة ( الجيش والشعب معاك يا سعدان والفرحة في السودان ) و ( خسرنا معركة ولم نخسر حربا ) و ( دم الجزائريين لن يذهب سدى ) و( اعتداءات وحشية وانتهاك حرمات النساء الجزائريات بالقاهرة ) و ( جرحى وحديث عن قتلى في مجزرة القاهرة ) وهذه عينة من جريدة واحدة يوم السبت بعد نهاية مباراة القاهرة وقد ادت هذه الاكاذيب دورها مما ادى الى اشتباكات وحصار وتهيدات للمصريين المقيمين بالجزائر ونهب وتدمير منشآت اقتصادية مصرية لديهم وصرخات لمصريين تنتقل عبر الهاتف من الجزائر والسودان بعد دلك وتم نقلها عبر الفضائيات وتصوير الاعلام غير المسئوول الامر على انه مذبحة مع اختفاء اي صوت للعقل لدرجة انه عندما تحدث المخرج خالد يوسف عن ان معلوماته لا تصل بالامر الى هذا الحد الدي تصورونه تمت مهاجمته لصالح استمرار سيمفونية الجهل والغباء في العزف على مشاعر المصريين واستمر العازفون من الجزائر ايضا في العزف على نفس الاوتار والله اعلم الى أين ستصل ؟
وأؤكد ان ما حدث على مستوى الشحن الاعلامي لم يكن يحدث لولا الموافقة والتشجيع الحكومي في البلدين ( حتى أكبر رأس) ولو بالصمت اد كانوا يملكون منع حملات الشحن الاعلامي الجاهل غير المسئوول وجميعنا يدرك دلك
- وهذا يقودنا الى ثانيا وهو دور المؤسسة الحاكمة في البلدين وهي نظم حكم فاشلة فاسدة وقمعية تحاول أن تسرق فوزا أو انجازا كاذبا من بين أقدام لاعبي كرة القدم بعد ان عز عليهم تحقيق اي انتصار في اي من مجالات الحياة حتى ولو كان توفير سبل اكل العيش بكرامة
فأمة كرامتها مهدرة ومغتصبة الارض وترفع ارجلها في الهواء استعدادا لاستقبال أوباش الارض من الامريكان وغيرهم وكلنا في الهم عرب والفرق الوحيد ان بعضهم يرفع رجليه فوق الطاولة والاخر تحتها
ان ما حدث يشير باصابع الاتهام ويلقي بالمسئوولية كاملة على هؤلاء المجرمين الدين أججوا مشاعر بسطاء الناس وهيجوا غرائزهم ( اعلام وحكومات ) بجهل مقصود ومتعمد ولا يمكن غفرانه وبلا حياء أو ضمير
اما عن بسطاء الناس الدين صاروا وقودا لهده الازمة فهم في الحقيقة ضحايا لهده النظم التي ابتليت بها امتنا ووحدتنا في القهر والفقر والتخلف والدين تمت صناعتهم بالسياسات المجرمة لحكومات لا هم لها ولا هدف سوى استمرار الجالسين على جثة هدا الوطن الطيب توريث السلطة للشقيق أو الابن باي ثمن ومراكمة الاموال والثروات الحرام في جيوب حفنة من المنتفعين في مقابل فقر وجوع ينتشر ليلتهم كل يوم فئات جديدة من المجتمع ثم ان هؤلاء البسطاء الدين تم شحنهم عبر الابواق الاعلامية الكادبة والجاهلة ليكونوا وقودا ضد اخوانهم في العروبة والاسلام وان لم يكن كدلك فقد وحدتهم اخوة في الفقر والتخلف والجهل وسوء الاحوال وبموافقة الحكومة تم نقل المشجعين الجزائريين بالطائرات الحربية وتحت تزييف الوعي والاكاذيب التي وقعوا تحت تأثيرها قاموا بشراء السكاكين من السودان وكأنهم داهبون الى معركة حربية وليست مباراة كرة ( لا تقدم ولا تؤخر )
- ومما تقدم نأتي للنقطة الثالثة وهي غياب المشروع القومي وانكساره وغياب مصر الدور عن دورها في محيطها العربي الاقليمي وعليه فقد يكون خروج مصر من الصراع مع دولة التجمع الصهيوني في فلسطين ما تبعه من خروج للجامعة العربية من القاهرة للجزائر وتزعم الجزائر لجبهة الرفض العربي أدى بدوره الي هده الكراهية الموجودة وان كنت آخذ على الشعوب العربية كافة الخلط ( الذي بدا متعمدا ) بين الشعوب والحكومات واسقاط مساوئ الحكم على المحكومين من شعوبنا المغلوبة على امرها
- كما لا استبعد وهو رابعا وجود اصابع اسرائيلية عملت جاهدة على ادكاء الفتنة ويؤكد دلك القبض على الصحفي الاسرائيلي الدي كان يتبنى موقفا مناصرا للجزائر ويشجع الجزائريين على الدخول في مواجهات مع المصريين وتصويرها كما جاءت تقاريره على موقع ( بانيت ) تحريضية كما نشر صورا حميمية تجمعه بالجماهير الجزائرية بالاضافة الى صور اخرى توثق تحركاته بالقاهرة ملتحفا العلم الجزائري
- في النهاية ارجو من كل من يهمه الامر ان يتدخل باية اراء او اجتهادات او مبادرات لانعاش العروبة والافكار القومية قبل ان تسقط وتلفظ انفاسها الاخيرة لانها قد تكون حائط الصد الوحيد الباقي لنا
صبحي السعيد الفخراني
صحفي وكاتب مصري
sobhyfakhrany@yahoo.com
0020126359392
التعليقات (0)