مواضيع اليوم

هل ستجهض الثورة؟.

محمد مغوتي

2011-01-31 19:05:19

0

    ما حدث في أرض الكنانة منذ تاريخ 25 يناير إلى اليوم يستعصي على الفهم و التحليل. فقد تسارعت الأحداث بوتيرة قياسية، انقلبت معها موازين القوى عدة مرات  في مشهد تؤثثه ثلاثة أركان أساسية في الثورة المصرية هي: جموع الشعب الغاضبة و نظام حسني مبارك  المغضوب عليه، و المؤسسة العسكرية. و إذا كان السؤال الذي طرحه الجميع مساء جمعة الغضب هو: هل سيصمد مبارك أمام إرادة الشعب؟، فإن ما تلا ذلك من وقائع فرض سؤالا جديدا هو: هل سينجح الشعب في الصمود أمام تعنت مبارك؟.
   النظام المصري مازال قائما، والرئيس ماض في تنفيذ استراتيجية الحكم الجديدة التي وعد بها في خطابه الذي ألقاه مساء الجمعة، عندما كان الجميع ينتظر مصيرا محتوما لمبارك لا يختلف عن مصير الرئيس التونسي المخلوع و الهارب. لكن الواقع أكد أن الذين يقولون " مصر ليست تونس" كانوا على صواب - و إن كان المقصد مختلفا طبعا -. فقد تبين أن النظام المصري أقوى من النظام التونسي، رغم أنهما رضعا معا حليب القبضة الحديدية و السلطة المطلقة. فعندما شدد الشعب التونسي الخناق على رئيسه السابق اختار بن علي أن يرحل و يفلت بجلده. لكن مبارك اختار البقاء و مواجهة العاصفة بقليل من التنازلات التي يتفق الجميع على أنها مجرد ذر للرماد في العيون. غير أن الإنفلات الأمني الخطير الذي حول القاهرة و غيرها من المدن المصرية إلى مناطق مستباحة من طرف " البلطجية " شكل نقطة  تحول مهمة يبدو أن النظام المصري هو المستفيد الأكبر منها. حيث استفاق الشعب المصري على واقع جديد لم يعهده من قبل، و أصبح همه الأول و شغله الشاغل هو الحفاظ على الممتلكات و الأرواح، وهكذا أطلق المصريون نداءات استغاثة بضرورة توفير الأمن و عودة رجال الشرطة إلى الشارع...
   لقد كانت الخطة مدروسة و واضحة. فقد ظن الجميع أن هروب رجال الشرطة دليل على انهيار الدولة. و بدأت منذ تلك اللحظة أفراح وهمية بعهد جديد، لكن الأمر لم يكن كذلك أبدا. فقد كان الفراغ الأمني خطة سياسية و ليس مجرد انسحاب عفوي. إذ وجد الشعب نفسه أمام خيارين: إما الحرية أو الأمن. و كانت مظاهر التخريب التي طالت الممتلكات العامة و الخاصة بمثابة رسالة لمن يهمه الأمر في الشارع المصري مفادها أن الفراغ السياسي لن يكون سوى مقدمة " لحرب الكل ضد الكل ". و أن الحرية التي ينشدها المصريون لن يكون طريقها مفروشا بالورود. و هكذا نجح النظام إلى حد بعيد في امتصاص نسبة مهمة من الغضب الشعبي خصوصا و أنه كان يقدم الضمانات على إعادة الهدوء و الأمان إلى الشارع عندما استعان بالجيش لتنفيذ المهمة. و على الرغم من المودة المتبادلة بين الشعب و الجيش، فإن اصطفاف صانعي القرار في المؤسسة العسكرية بجانب الرئيس المصري، يجعل إمكانية التغيير أكثر صعوبة. و من تم فإن استمرار الشعب في إصراره على مطالبه هو وحده الكفيل بتحقيق هذا التغيير. فإلى أي حد ستظل جموع المحتجين معتصمة بميدان التحرير في القاهرة، و في كل الساحات الكبرى في أنحاء المدن المصرية؟. إنها مسألة وقت إذن. و الطرف الذي يستطيع الصبر أكثر هو الذي سيخرج حتما منتصرا في نهاية الأمر.
    إن الأيام القليلة المقبلة كفيلة بتوضيح معالم المشهد المصري، لكن مؤشرات كثيرة تسارعت بشكل مثير، وجعلت سؤال مصير الثورة يفرض نفسه بإلحاح. فهل ستجهض ثورة المصريين؟.
                 محمد مغوتي.31/01/2011.

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !