هل خلت من أهلها الدار؟
نشر المدون ربيع العاملي مؤخرا مقالة بعنوان (هل فهمت اسرائيل الرسالة) يناقش فيها احتمالات نشوب حرب وشيكة بين اسرائيل وحزب الله.. الى هنا امر عادي فلكل الحق ان يناقش بمدونته ما يشاء.. لكن ما هو غير عادي وغير طبيعي هو ذلك القدح الذي اعتاده لسان صاحبنا بحق اليهود واسرائيل.. ففي معرض رده على احد المعلقين الذي وقع تعليقاته باسم (السوسي) قام الكاتب بحذف التعليق الثاني للسوسي ثم الثالث، وفي تبريره لحذف التعليق الثاني كتب ربيع ما نصه (العب غيرها يا أقرف..) في اشارة الينا طبعا فقد غدت صفة (القرف) ماركة مسجلة وصفة ملازمة لردود البعض من المدونين على تدوينات تنشر على صفحة ايلاف.. واستردف صاحبنا ربيع ينوه ان صاحب التعليق انما هو (أقرف الأقرف) في اشارة ثانية الينا.. الا انه استدرك في اليوم التالي وقام بتعديل التعليق ليصبح عنوانه (العب غيرها يا مقرف..) كما شطب ذلك الجزء من تعليقه الذي يتهمنا أننا أصحاب التعليق.. ما يشير الى ان الرجل اقتنع بان صاحب التعليق هو شخص آخر غيرنا.. لكنه أبقى على الجزء الاول من التعليق هذا نصه:
(( حذف التعليق لانه صاحب هذا التعليق على ما يبدو انه مولود ومتربي في بيت دعارة ومن المؤكد انه امه حملت به من كلب اسرائيلي لان تعليقاته تدل على ذلك))..
لا لم نصب بالصدمة من التعليق فقد اعتدنا هكذا مستويات أدبية وأخلاقية من هؤلاء.. اللهم اننا نشرك قراءنا ممن خانهم حظهم ليستمتعوا معنا بقراءة هذه الدرر! التي تصدر عن مدون يعتز بعروبته كما يزعم ولا يدخر وقتا وجهدا للتنظير لمعبوده حزب الله وأميره الشيخ حسن نصر الله.. لكن ما علينا ليس هذا ما يؤرقنا ان هو الا تعريف بالرجل ليس الا، فها نحن ايضا قد رهنا أنفسنا للدفاع عن قضيتنا نقضي الساعات ونسهر الليالي لاجلها وهذا أقل ما نقدمه لقضيتنا وشعبنا ودولتنا وبالتالي لأنفسنا طبعا فنحن جزء من هذا الشعب نعتز به ويعتز بنا..
نقول: هل خلت الدار من أهلها حتى يفسح المجال لأمثال هؤلاء للدفاع عن العروبة... هل خلت اللغة العربية من مفرداتها الا من عبارات (أقرف الأقرف) و (كلب اسرائيلي) وامثال هذه العبارات السوقية التي قد لا ترقى حتى الى مشادات كلامية بين مشجعي فرق رياضية... فما بالك عندما يتكلم احدهم ملئ الفم باسم العروبة... ان المرء حين يكون صاحب رسالة بحق وحينما يكون مؤمنا بعقيدته وقضيته فانه حتما لا يلوذ الى القدح ولا يلجأ الى الذم كملاذ اول او اخير ولا ينساق كالإمّعة وراء أهواءه الحاقدة ولا يجمح الى النكاية والشماتة بعدو او صديق.. فهذه حيلة من لا حيلة له ونهج من لا قضية له وعقيدة من لا دين له وحجة من لا حجة له..
نهت اليهودية عن الشماتة والنكاية بالعدو قبل الصديق.. تقول الآية 17 في الفصل (اصحاح) 24 من سفر الأمثال وهو احد اسفار كتاب اليهود: (( لا تفرح لسقوط عدوك ولا تبتهج لفشله )).. هذه قاعدة من القواعد الذهبية التي تحكم أخلاقيات اليهودي اينما حل وارتحل.. فلا مهرجانات حماسية ولا هتافات ماجنة ولا صهيل ولا توزيع كنافة ولا تصب القهوة فرحا لمقتلة او نكبة او هزيمة حلت بعدو.. ومن أقدم على فعل كهذا فتلك من الكبائر.. وقد حرّمت اليهودية الاحتفال بعيد البوريم في اليوم الذي نفذ به حكم الاعدام بهامان عدو اليهود الاكبر وهو يوم 13 آدار فيما اعتبر يوم 14 آدار يوم فرح وبهجة بعيد الانعتاق من المصير الدموي الذي أعد لليهود وهو يوم الاحتفال بعيد البوريم.. حيث يكون الاحتفال في اليوم الذي نجا به اليهود من القدر المحتوم، كما اراد له هامان، لا باليوم الذي هلك به هامان واعوانه.. هذه هي رسالتنا وتلك هي عقيدتنا التي تنهانا عن الشماتة بالاعداء او القدح بهم او الفرح لمحنة حلت بهم..
نحن اصحاب رسالة وفكر وحق يسمو فوق مدح المادحين ولا نخشى بالحق لوم اللائمين او قدح القادحين وسخط الساخطين ان هو الا تشهير بما قبح من اقوالهم وافعالهم.. نعم نحن نرحب بعتب العاتبين ونقد الناقدين واعتراض المعارضين واختلاف المخالفين وتصويب المصوبين.. نحترم العقائد لكن لا نرضى ان تكون منبرا للنيل من كرامتنا وعزتنا بان تصفنا بابناء القردة والخنازير.. ونوقر الاديان حين لا تكون ملهما لاتباعها لنعتنا بالمحرفين والمزيفين وقتلة الانبياء والمغضوب عليهم.. نحب اللغة العربية حين لا تكون مدعاة لتهافت الالفاظ والتنابز بالالقاب.. ونجنح الى السلم والموادعة حين لا يرفع اعداءنا راية التتبير والجوس خلال الديار..
يا لاءمي في الابطاء والتأخير والحذر والريبة في الرد على المبادرات السلمية، أنظر ماذا يقول المدون محمد شحاتة في تعليقه على مقالة ربيع العاملي (اكذوبة نزوح اليهود من الدول العربية) يقول:
((ستدور الأيام دورتها .. وسيدور الزمان دورته .. وسيشرب أبناء الصهاينة _حتماً_ كأس الحنظل يوم أن يخرج من أصلاب هذه الأمة رجال يحملون أمانتها ويعيدون أراضيها وحقوقها المسلوبة ويثأرون لكل قطرة دم سفكت وينتقمون لكل دمعة عين سفحت ويذيقون الصهاينة ومن والاهم الهوان .. إنه وعد الله .. ولا يخلفن الله وعده .. وإلى هذا اليوم فعلينا وعلى كل عربي حقيق العروبة وعلى كل مسلم حقيق الإسلام أن يتطلع إلى هذا اليوم سواء في شخصه أو في ذريته من بعده حتى يأتي اليوم الذي يجوس فيه أبناء الحق خلال الديار ويدخلوا المسجد كما دخله آباؤهم أول مرة ويتبروا ما علوا تتبيرا....))..
يا لاءمي دع عنك لومي ما زال هؤلاء الرجال يتطلعون بشغف وعطش الىى يوم (التتبير) ويوم (جوس الديار) و (وعد الآخرة).. يوم لا ينفع اليهود حتى (الشجر والحجر).. يوم العاديات والموريات والمغيرات.. يوم تدور الدوائر على ابناء اسرائيل.. يا لاءمي دع عنك لومي ورفاقك ينتظرون يوم الصهيل.. يوم الكر والفر.. يوم ينهض (قيد الاوابد) يسابق الريح الى مضارب اليهود...
نعم.. ماذا عسانا نقول ونحن نرى هذا المدون يحذف تعليقا لمجرد انه يخالفه الرأي وبرغم خلوه من اي عبارة تخل بالذوق والأدب ، ثم يستبدله بعبارات تندى لها الاقلام.. فالتعليق يظل حراما حين يتضمن نقدا او اعتراضا لكنه يصبح حلالا زلالا حينما يصب جام شتائمه على اليهود... يا أمة فزعت من حقدها الأمم.. أقصد أمة المحرضين والمسفهين والمهيجين لا أمة العرب والمسلمين..
وغني عن التنويه أننا لا نعلق الا باسمنا الصريح الذي اخترناه لهذه المدونة (اشرف الاشرف) فهذه من ثوابتنا التي نساوم عليها ، وبامكان المرتابين ان يستعينوا بالادارة في حالات الشك قبل ان يتطاولوا - سفها - علينا او على غيرنا.. فيما بخلاف هؤلاء نستقبل يوميا رسائل بريدية والكترونية من مؤيدينا ومعارضينا بل ومن ألد خصومنا.. نتعامل معها بموضوعية وشفافية، طالما هي لا تتجاوز حدود الأدب..
وننوه ايضا باننا اخترنا هذه المرة زاوية (صحة وجمال) لنشر الموضوع ايمانا منا - وكما قال زميلنا ابو بندر ذات مرة في رده على احد التعليقات بهذا الشأن - ان مثل هذه المقالات قد تسهم في رفع جمال الاخلاق وسلامة صحة المجتمع التدويني..
دمتم بخير
التعليقات (0)