مواضيع اليوم

هل خسرنا الحرب ضد الرشوة؟

إدريس ولد القابلة

2013-01-01 00:00:00

0

 اللهم قد بلغت

هل خسرنا الحرب ضد الرشوة؟

 

 

مازالت الرشوة ضاربة أطنابها بين ظهرانينا، وذلك رغم تناسل الموائد المستديرة والمحاضرات واللقاءات والوصلات الإشهارية المرصودة للتصدي لهذه الآفة، هذا علاوة على أكثر من حملة وطنية وجهوية ومحلية للتحسيس بمكافحة الرشوة.

فلازالت حصيلة جهود المغرب في التصدي لهذا الداء الفتاك محدودة النتائج جدا، وعموما غير جيدة. وهذا ما يبيّنه مؤشر إدراك الرشوة بين سنتي 2002 و 2012 ، حيث أن "مغربنا السعيد" بقي يراوح مكانه ولم يتجاوز مكانته في الترتيب الدولي، علما أن هذا المؤشر ليس من أفضل المؤشرات لأن القاعدة التي يعتمد عليها غير ثابتة رغم أنه قد ينجح في قياس مدى الرشوة الصغيرة.

 

عموما ظلت الرشوة تتنامى رغم كثرة الأوراش المنظمة والمرتبطة بفئات معينة موسومة ببؤر للرشوة ببلادنا دون منازع، مثل أوراش "الترقية واحترام أخلاقيات المهنة والشفافية" التي تمّ فتحها بين الجمارك ووسطاء الشحن. تتكاثر أوراش من هذا القبيل هنا وهناك، لكن على أرض الواقع المعيش يزداد داء الرشوة الفتاك استفحالا والاحتيال المرتبط به تطورا واتساعا والممارسات الشاذة في التعاملات الإدارية والمصلحية نموا ومكيفا بسرعة تحيّر ذوي العقل السليم والضمير المهني.

ورغبة في تضييق الخناق على الرشوة والزبونية والمحسوبية واستغلال النفوذ ومواقع المسؤولية، نظمت مؤخرا الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة ورشة خاصة  بهدف الخروج بتوصيات موجهة لحكومة عبد الإله ابن كيران، وذلك رغبة منها في منع تضارب المصالح. ومن هذه التوصيات التي خلصت إليها الورشة، منع كبار الموظفين وصناع القرار من تملك مصالح في الشركات الخاصة أو ممارسة أنشطة اقتصادية أو مالية في القطاع الخاص أو الشبه العمومي خلال مدة اضطلاعهم بمهامهم.  وقد أعدت الهيئة المذكورة قائمة طويلة تضم المناصب العليا ورؤساء الهيئات الدستورية ومستشاري الملك ، علما أن الأغلبية الساحقة من هؤلاء لهم مصالح مهمة جدا في شركات وأنشطة اقتصادية ومالية في القطاع الخاص، بل هناك منهم من يحتكر أنشطة وقطاعات بعينها تدر عليه أرباحا طائلة .

 

إن المتتبع للتظاهرات واللقاءات المقامة بالمغرب حول التصدي للفساد ومكافحة الرشوة أو التحسيس على اعتماد الحكامة الجيدة، قد يتخيّل أن الأمور ستكون بخير وعلى أحسن ما يرام في "مغربنا السعيد"، لكن "دار لقمان تظل على حالها" و"حليمة تعض على عادتها القديمة بالنواجذ" رغم كل هذا النعيق.

لقد قيل الكثير والكثير جدا عن الحكامة الجيدة وتكوين المسؤولين المحليين ونواب الأمة لضمان ترسيخ هذه الحكامة وروحها في تدبير الشأن المحلي والقضايا الوطنية، وقد تمّ استدعاء واستضافة خبراء وباحثين أجانب بهدف تكوين وتحسيس المسؤولين والقائمين على الأمور بخصوص آليات الفساد وتعميق معرفتهم وخبرتهم في مجال إدارة القضايا والتدبير وتهييء صناعة القرارات، لكن على أرض الواقع المعيش مازلنا نعاين أن الفساد يزداد استشراء والرشوة اتساعا وتعاظما.

وتظل الأمور على حالها رغم الخطابات الرنانة من قبيل ما صرح به إدريس جطو، رئيس المجلس الأعلى للحسابات، إذ أكد أنه – من الآن فصاعدا – جميع المؤسسات العمومية ستخضع للمراقبة ولم يعد وجود لأي مؤسسة محصنة أو محمية، وأن عهد السياسة الانتقائية قد ولى بلا رجعة. وجاء هذا التأكيد في معرض رد رئيس المجلس الأعلى للحسابات على تدخلات بعض في لجنة العدل والتشريع بالغرفة الثانية، والذين لمزوا في تدخلاتهم إلى بعض المؤسسات العمومية والشبه العمومية التي ظلت تبدو للعام والخاص كأنها محصنة ومحلية ولا تطالها المراقبة والمحاسبة، ومن هذه المؤسسات البرلمان بغرفتيه وصندوق الإيداع والتدبير والمكتب الشريف للفوسفاط.

 

والحالة هذه، وجهت جمعية "ترانسبرانسي المغرب" رسالة مفتوحة لعبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة، دعته فيها إلى الإقرار خطة استراتيجية  يمحاربة الرشوة  تستند على إجراءات ملموسة واضحة ومنسجمة، مؤكدة أن الحملة التواصلية التي أطلقتها الحكومة كجواب على آفة الرشوة غير ناجعة وغير ملائمة ، إذ أن البرنامج التواصلي الذي يستهدف الحد من الممارسات غير القانونية من شأنه أن يؤدي إلى نتائج عكسية طالما أن الإفلات من العقاب مازال هو القاعدي في "مغربنا السعيد". 

 

                             




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات